العدالة الانتقالية في تونس :  مسار منقوص أم أداة لتصفية حسابات سياسية ؟

بقلم: منصف سلطاني

شهدت مختلف مدن البلاد التونسية في أواخر سنة 2010 وبداية سنة 2011 إضطرابات سياسية بسبب تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي. وأدت هذه الأحداث يوم 14 جانفي إلى سقوط نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي من السلطة.

تولّى رئيس مجلس النواب فؤاد المبزّع رئاسة البلاد بشكل مؤقت وتولى الوزير الأول محمد الغنوشي تكوين حكومة ضمت عديد الأسماء المعارضة لحكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي ومن بينهم أحمد إبراهيم وزيرا للتعليم العالي والبحث العلمي عن حزب حركة التجديد وأحمد نجيب الشابي عن الحزب الديمقراطي التقدمي والطيب البكوش وزيرا للتربية عن اتحاد الشغل وبعض المستقلين واخرون ينتمون للتجمع الدستوري الديمقراطي. غير أن حكومة محمد الغنوشي الثانية وجدت معارضة من عدة أحزاب سياسية مثل حزب حركة النهضة وحزب العمال الشيوعي التونسي وغيرهم من الأحزاب المعارضة لنظام بن علي. واعتبرت هذه الأحزاب أن هذه الحكومة لم تتخلص من رموز النظام السابق. وبدت بالنسبة إليهم حكومة غير قادة على ضمان الانتقال الديمقراطي في تونس.

وبعد تنظيم اعتصام القصبة الذي شاركت فيه عديد الأحزاب السياسية ومن بينها حركة النهضة، أعلن محمد الغنوشي استقالته. وسقطت حكومته وتم تعيين الباجي قايد السبسي وزيرا أوّل إلى حين إجراء انتخابات المجلس القومي التأسيسي.

و بعد إجراء انتخابات المجلس القومي التأسيسي في 23 أكتوبر 2011 لصياغة دستور جديد للبلاد، طرحت على الساحة السياسية في البلاد مسألة تكريس العدالة الانتقالية. ولكن هذه المسألة تركت ردود فعل متفاوتة بين مكونات المشهد السياسي في تونس.

فما هو مفهوم العدالة الانتقالية ؟ وماهي أهم مبادئها؟

و ماهي أهم الصعوبات التي واجهت مسار العدالة الانتقالية في تونس ؟

و هل كانت العدالة الانتقالية في تونس بعد أحداث 2011 أداة لإقصاء الخصوم من المشهد السياسي التونسي ؟

أولا : الإطار المفاهيمي للعدالة الانتقالية.

 

1 ) مفهوم العدالة:

لغة : يفيد العدل حسب ابن منظور الانصاف والاستقامة والحكم بالحق.

و من العدل يشتق مصطلح العدالة التي تعدد مفاهيمها التي تعني عدم الانحياز لأي طرف أثناء المحاكمة أو التحكيم.

أي العدل او الإنصاف في الأمور ويتعارض مفهوم العدالة في اللغة مع مصطلح الجور أي الظلم.

إصطلاحا : يفيد مصطلح العدالة إصطلاحا الابتعاد عن كل أشكال الانحياز لأي طرف مهما كان الأسباب. وبالتالي تعني العدالة في هذا السياق إعطاء كل ذي حق حقه أي الحكم بالحق الذي يتعارض مع مصطلح الظلم والعنصرية

فقد تعددت مفاهيم العدالة في الفلسفة الكلاسيكية حيث يعرفها الفيلسوف الإغريقي أفلاطون على بمثابة فضيلة لتأسيس نظام عقلاني. وأما ارسطو فيعرف العدالة على أنها تمثل قانوني وعادل.

ويختلف مفهوم العدالة عند الفلاسفة القدامي عن مفهوم المساواة التي لا تعني إعطاء كل ذي حق حقه بل تفيد التطابق بين شيئين دون تمييز على أي أساس وبالتالي تعني التطابق بين الجميع في الحقوق والواجبات دون تمييز.

2) أي معنى للعدالة الإنتقالية؟

تلتقي العدالة الانتقالية مع مفهوم العدالة في إقرار الحق وإعادته إلى أصحابه.  لكن العدالة الانتقالية تفيد في هذا السياق إعادة الحق إلى أصحابه بعد إرتكاب انتهاكات صارخة ضدّ عدد من الضحايا خلال فترة زمنية معينة بعد تحولات سياسية معينة مثل اندلاع ثورة أو الانتقال من نظام حكم إلى فترة حكم جديد. ويبقى مفهوم العدالة الانتقالية في معظم الأحيان يشكو غموضا من الناحية القانونية. كما يفيد هذا المفهوم أيضا جملة الطرائق التي ترنو إلى تحقيق العدل في دولة القانون والمؤسسات بعد إنتفاضات شعبية أو ثورة على نظام حكم استبدادي كانت تمارس فيه انتهاكات بشعة تتنافى مع حقوق الإنسان التي نصها عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بعد نهاية الحرب العالمية الثانية ويقتضي محاسبة كل من أجرم في حدوث تلك الانتهاكات أو الجرائم.

ثانيا : مسار العدالة الانتقالية في تونس والتجاذبات السياسية.

 

1 ) أي مفهوم للإقصاء السياسي في ظل غياب مشروع العدالة الانتقالية ؟

بعد تولي الأستاذ الباجي قايد السبسي رئاسة الحكومة مؤقتا بعد انتفاضة جانفي 2011، صدر مرسوم من قبل رئيس الجمهورية المؤقت فؤاد المبزع يتعلق بانتخابات المجلس التأسيسي الذي تتمثل مهمته في إعداد دستور جديد للبلاد. غير أن هذا المرسوم أحدث جدلا في الساحة السياسية بسبب إقصاء التجمعيين من المشاركة في المحطة الانتخابية حيث نص مرسوم 10 ماي 2011 في الفصل رقم 15 على ما يلي :” لا يمكن أن يترشح كل من تحمل مسؤولية في حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي أو من تحمل مسؤولية في هياكل الحزب الحاكم ” التجمع الدستوري الديمقراطي ” وتم تكليف الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي بتحديد المسؤوليات داخل حسب التجمع المنحل منذ شهر مارس 2011.

وشمل قرار الإقصاء كل هياكل حزب التجمع مركزيا وجهويا ومحليا أي من أعلى هرم الحزب (الرئيس) إلى أسفله، أي رؤساء الشعب الدستورية.

و حسب اعتقادنا، بدا قرار إقصاء التجمعيين من المشاركة في الحياة السياسية بعد انتفاضة جانفي 2011 دون محاكمة عادلة تعسفيا ناتج من حقد يتعارض مع مفهوم العدالة الانتقالية.

و بعد إجراء انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، بادرت بعض الأحزاب السياسية المهيمنة على الساحة بعد 2011 مثل حركة النهضة وحلفائها في الحكم مبادرة تشريعية تسمى ” قانون تحصين الثورة” الذي ينص على إقصاء التجمعيين من الحياة السياسية وذلك من خلال منعهم من ممارسة أي نشاط سياسي لمدة تصل إلى سبع سنوات. كما لا يحق بمقتضى هذا القانون لأي مسؤول في حكومات بن علي أو حزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل تقلّد أي مسؤولية صلب الدولة.

وبما أن هذا القانون كانت ورائه حسابات سياسوية من الحزب الحاكم وحلفائه منذ سنة 2011 خشية عودة التجمعيين من جديد إلى المشهد السياسي، عارضت الكتل البرلمانية هذا القانون داخل قبة المجلس القومي التأسيسي وذلك لتعارض هذا القانون مع مجريات العدالة الانتقالية التي تتطلب محاكمة عدالة للمتهمين بعد تحديد كل من أجرم ارتكاب تجاوزات قانونية خلال فترة حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي. وبعد جدل واسع، غيّر الحزب الحاكم موقفه من قانون العزل السياسي وتم إسقاط مشروع هذا القانون الذي كان يكرس مفهوم الاقصاء في الحياة السياسية في ظل غياب مشروع يكرس مفهوم العدالة الانتقالية.

 

(2تعدد هياكل العدالة الانتقالية في تونس : من الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي إلى هيئة مكافحة الفساد والرشوة.

تم بعث هيئات متعددة بعد الإطاحة بحكم الرئيس السابق بن علي ابتداء من 17 جانفي 2011 وهي على التوالي : الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي ” و” اللجنة الوطنية لاستقصاء الحقائق ” و” اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الرشوة والفساد”

وتأسست الهيئة الاولى بمقتضى المرسوم عدد6 المؤرخ في 18 فيفري 2011 وترأسها أستاذ القانون الدستوري عياض بن عاشور وتمثلت مهمتها الأساسية في تهيئة إطار ملائم لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة غير أن هذه الهيئة تجاوزت صلاحياتها التي نص عليها المرسوم حيث سعت إلى إقصاء التجمعيين من المشاركة في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي ومن خلال الفصل 15 من القانون الانتخابي.

وأما اللجنة الوطنية لاستقصاء الحقائق فكانت تتمثل مهمتها في التحقيق في التجاوزات التي وقعت منذ اندلاع الانتفاضة أي منذ 17 ديسمبر 2010 ولكن لم يكن لها أي صبغة تقريرية بل كان دورها يقتصر على توثيق تقرير مفصل حول أحداث الانتفاضة وبالتالي تبدو هذه اللجنة حسب اعتقادنا شكلية ولا تمت بصلة في مسار تكريس العدالة الانتقالية وفق المفاهيم المتعارف عليها دوليا.

و أما هيئة مكافحة الرشوة والفساد فهي بمثابة هيئة مستقلة إداريا وماليا وتتمثل مهمتها في التحقيق حول مظاهر الرشوة والفساد التي سادت البلاد في القطاعين العام والخاص لجمع المعطيات المتعلقة بهذا الموضوع خلال حكم الرئيس بن علي واقتراح سياسات لمكافحة الفساد ولكن هذه الهيئة لم تقدم النتائج التي توصلت إليها في ندوة صحفية وبالتالي بقيت هذه اللجنة حسب اعتقادنا بعيدة عن مسار العدالة الانتقالية..

وهكذا تعددت هيئات العدالة الانتقالية في تونس منذ اندلاع انتفاضة 2011 ولكن ظل مسار تكريس العدالة في تونس بعد سقوط حكم الرئيس بن علي منقوصا ويعود تفسير ذلك إلى بروز مفهوم الاقصاء دون إجراء محاكمة عادلة لمسؤولي النظام السياسي السابق، إضافة إلى ظهور الحسابات السياسية الضيقة لبعض الأحزاب في تونس بعد 2011. فهل سيبقى مسار العدالة الانتقالية منقوصا بعد إحداث هيئة الحقيقة والكرامة ؟

 

ثالثا : هيئة الحقيقة والكرامة واستكمال تكريس العدالة الانتقالية

 

(1أي علاقة بين استكمال مسار العدالة الانتقالية والتشكيك في تاريخ تونس المعاصر ؟

أحدثت هيئة الحقيقة والكرامة بمقتضى القانون الأساسي عدد 53 المؤرخ في 24 ديسمبر 2013 الذي حدد صلاحياتها ومجالات نشاطها. وتتمثل صلاحيات هذه الهيئة في الكشف عن جرائم منظومة الاستبداد ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات والتجاوزات التي لحقت عددا هاما من الضحايا نتيجة معارضة نظام سياسي مستبد. إضافة إلى ما تقدم، تكمن صلاحيات هذه الهيئة أيضا في العمل على حفظ الذاكرة الجماعية وإرساء مقومات الانتقال الديمقراطي في تونس لمنع عودة الاستبداد من جديد. ولكن هل كانت هيئة الحقيقة والكرامة في تناغم تام مع صلاحياتها ؟

 بعد تشكيل هيئة الحقيقة والكرامة سنة 2013، اعتبرت رئيستها في المنابر الاعلامية أنها تمكنت من كشف وثائق تؤكد ان تونس بلد غير مستقل من خلال تنازل الزعيم الحبيب بورقيبة عن بعض مقومات سيادة البلاد وذلك بمساندة من بعض المؤرخين وهما عبد الجليل التميمي وتوفيق البشروش الذي أكدا ان تاريخ تونس المعاصر في حاجة إلى إعادة كتابة.

أثارت هذه المسألة جدلا واسعا في الأوساط السياسية والأكاديمية على حد السواء، حيث أكد جل المؤرخين المختصين في التاريخ المعاصر بالجامعة التونسية أن التشكيك في استقلال تونس لم يكن نتيجة فراغ بل هو تشويه ممنهج لتاريخ يدعو إلى الاعتزاز، يتمثّل في الخطوات الأولى من مسار بناء الدولة الوطنية الحديثة وخاصة الانجازات السياسية والاجتماعية لمؤسس الدولة الوطنية الرئيس الحبيب بورقيبة.

وضمن هذا السياق اعتبر المؤرخ خالد عبيد أن هذا الحقد على تجربة تأسيس الدولة الوطنية والاستقلال الذي حققه الحبيب بورقيبة ورفاقه في النضال مثّل الصدام الأول مع خصوم الحداثة في تونس حيث رفض شيوخ الزيتونة تعميم التعليم وفتح المدارس أمام البنات.

واستغلت هيئة الحقيقة والكرامة الخلاف اليوسفي البورقيبي الذي يعود تاريخه إلى سنة 1955 حول الاستقلال لتؤكد أن تونس لم تظفر باستقلالها عن فرنسا واعتبرت أن ثروات البلاد مازالت تنهب من قبل المستعمر.

وبالتالي يمكن القول مما تقدم أن هيئة الحقيقة والكرامة استغلت الوضع الدقيق في البلاد وسارعت إلى التشكيك في تاريخ البلاد ضمن إطار تصفية حسابات سياسية ضيقة.

2 ) العدالة الانتقالية بين المصالحة والمحاسبة : مسار منقوص أم تصفية حسابات بين أطراف سياسية؟

بادر الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي في جوان 2015 بتقديم مشروع قانون المصالحة الاقتصادية إلى البرلمان التونسي للمصادقة عليه. وقد أثار هذا القانون جدلا كبيرا في الساحة السياسية بين مؤيدين ورافضين له.

يرى المؤيدون لقانون المصالحة أنه يمثل خطوة جديد لاستكمال مسار العدالة الانتقالية في تونس وفرصة جديدة لفتح باب الاستثمار وتحريك عجلة الاقتصاد الوطني. في المقابل يرى المعارضون لهذا القانون أنه بمثابة حلقة لتبييض الفساد وتكريس الإفلات من العقاب تجاه من ارتكب انتهاكات وتجاوزات زمن حكم الرئيس بن علي.

لقي قانون المصالحة في تونس معارضة شديدة من قبل أغلب الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني ونظم عدّة نشطاء حملة “مانيش مسامح”. واعتبرت منظمات المجتمع المدني قانون المصالحة بمثابة عفو على الذين ارتكبوا عمليات فساد دون محاسبة ومحاكمة عادلة. وبالتالي اعتبرت هذا القانون خطوة لطمس مسار العدالة الانتقالية في تونس. ومن أهم المنظمات التي عارضت قانون المصالحة نذكر الاتحاد العام التونسي أعرق تنظيم نقابي في البلاد إذ دعا أمينه العام نورالدين الطبوبي الرئيس الباجي قايد السبسي إلى التريث ونادى بضرورة إجراء حوار مجتمعي حول مسار العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية

و في ذات السياق اعتبرت الأحزاب ذات المرجعية الدستورية المؤيدة لقانون المصالحة الوطنية أن هذا القانون جزء مهم في مسار العدالة الانتقالية في تونس، بل اعتبرت أن القول إن هذا المشروع هو بمثابة حلقة لتبييض الفساد والإفلات من العقاب فيه حقد ومغالطة لا أساس لها من الصحة.

وعند الإطلاع على قانون العدالة الانتقالية فإن المصالحة تعد خطوة أساسية في مسار تكريس العدالة الانتقالية في البلاد وذلك عند استكمال كامل المسار أي بمحاسبة كل من ارتكاب تجاوزات زمن الاستبداد. غير أن هناك شقا من التونسيين يرى أن المرور مباشرة إلى المصالحة الوطنية فيه فوائد اقتصادية ولا يتنافى مع مبادئ العدالة الانتقالية.

و يمكن القول إن مسار تكريس العدالة الانتقالية في تونس شهد الكثير من الصعوبات والتعثرات رغم تعدد الهيئات والمبادرات منذ سقوط حكم الرئيس بن علي وذلك نتيجة غياب توفر أرضية ملائمة بسبب الحقد بين الأطياف السياسية وغياب الإرادة السياسية الحقيقية لبناء الدولة القانون والمؤسسات وبالتالي ظل مسار العدالة الانتقالية في تونس منقوصا.

 

أهم المراجع

  • القانون الأساسي عدد53، المؤرخ في 24 ديسمبر2013.
  • المرسوم عدد 35 ، المؤرخ في 10 ماي 2011.
  • بن يوسف (عادل) ، المسار الثوري والانتقال الديمقراطي في تونس من خلال الوثائق، مكتبة علاء الدين ، صفاقس ، 2019.
  • الحناشي (عبد اللطيف) ، تونس من الثورة التائهة إلى الانتقال الديمقراطي العسير، دار سوتيميديا ، تونس ، 2019.
  • جماعي، العدالة الانقالية والانتقال الديمقراطي في البلدان العربية، الجزء 1 ، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ، تونس ، 2022.
  • عبيد (خالد)، ” هيئة الحقيقة والكرامة ولعبة الضحك على ذقون التونسيين” ، جريدة الشروق، 12 مارس 2018

نشر هذا المقال في مجلّة حروف حرّة، العدد 31، أكتوبر 2023.

للاطّلاع على كامل العدد وتحميله: http://tiny.cc/hourouf31

Please follow and like us:

اترك رد

Verified by MonsterInsights