كسكروت، ختان، عرس جماعي…وبعد؟
|لو نظرنا في القوانين المنظمة للأحزاب في البلدان الديمقراطية المتقدمة لوجدنا أنه يحجر توظيف أموال الحزب في التأثير على الناخب بأي وسيلة كانت بحيث لا يسمح للأحزاب بالوصول إلى السلطة إلا ببرنامج أو أفكار سياسية.
لقد كان التجمع في العهد السابق ينظم موائد الإفطار وتوزيع الإعانات في رمضان و في بداية السنة الدراسية و العديد من الأعمال الأخرى التي كانت، في ظاهرها، “خيرية” مع علمنا جميعا بالنوايا المبيتة ورائها و المتمثلة في البروباقندا لنشاط لجان التنسيق لتيسير المستقبل السياسي لإطاراتها.
بعد 14 جانفي، اتهمت بعض الأطراف أحزابا، كانت معارضة لبن علي، باستعمال نفس أساليب التجمع في شراء الأفراد عن طريق “الكسكروتات” والأموال وإحضارهم في حافلات خاصة لملء القاعات في مؤتمراتها الشعبية.
هذه الأطراف أصبحت فيما بعد أحزابا مرخصا لها و قامت علنيا بتمويل حفلات ختان وزواج جماعية لأشخاص ينتمون لعائلات معوزة.
مناضلو هذه الأحزاب يعتبرون مثل هذه التظاهرات أعمالا خيرية و يجدر بنا تشجيعها لا التنديد بها بحيث أنها أدخلت الفرحة في بيوت العائلات المعوزة و هو كذلك من الناحية المطلقة إلا أنها تتنافى عمليا مع الأخلاق المهنية للأحزاب فهي تبقى من مشمولات جمعيات المجتمع المدني الناشطة في هذا المجال وهي عديدة و نذكر منها أعرقها الهلال الأحمر.
و لكن هل يمكن لوم هذا أو ذاك في ظل غياب قانون فعلي منظم للأحزاب و مصادق عليه من طرف سلطة تشريعية “شرعية”؟
ليس لي إطلاع على قانون عهد بن علي و لكن أظنّ أن أغلب الأحزاب تركته و اعتبرته لا يخدم إلا مصالح التجمع المنحل، و الآن اختلفت نفس الأحزاب في مدى شرعية هيئة تجقيق أهداف الثورة حتى تصدر مثل هذه القوانين.
فنحن الآن نعيش في فوضى عارمة شملت جميع المجالات معلقين آمالنا على انتخابات المجلس التأسيسي و كأنه سيصلح الأوضاع في رمشة عين بعصا سحرية. لا يمكننا أن ننتظر من مجلس أعضاؤه من ممثلي أحزاب بدأت فعلا بالممارسات المنافية للديمقراطيّة أن ينقلب، بمجرّد انتخابه، إلى حام للديمقراطية و راع للأخلاقيات السياسية…ما نحتاجه أعمق بكثير من مجلس، مهما كانت صلاحياته.