إذا تكلمت زرقاء اليمامة …فأرجوكم ….لا تصدقوها…
|نطق السيد الراجحي أخيراً بعد صمت طويل ، ليتكلم كما لم يفعل قبل ويحدث بكلماته ضجة كبيرة في الشارع التونسي ، ولم يكاد ينهي تصريحاته حتى انطلقت جموع المؤيدين والمريدين تخرج أفراداً وجماعات لتحمي ثورتها بعد أن أتاها النبأ المبين
على يدي “زرقاء يمامتهم ” ، كيف لا ، وقد أرسل لهم بالاستعداد للمعركة الكبرى وأن الثورة لا تنتهي بعد ، وأن الأعداء متربصون جاهزون ، يدبرون ما لم يعلم به سواه ، وبغض النظر عن صدق ما أورده والذي سرعان ما نفاه فيما بعد ، فإن ما أتى على لسانه يطرح عديد الاستنتاجات والقرارات لما بطن فيها من شر كبير ، توحي في ظاهرها بالسعي لحماية الثورة وتبطن توجهاً نحو هلاك البلاد .
فالسيد الراجحي فصل بين أفراد الشعب الواحد حسب جهتهم ملقياً باللوم بالاتهام على ” حاملي جنسية جهة معينة ” بالتخطيط للاستيلاء على مستقبلنا بعد أن صادروا منا كل ماضينا بماسيه ونسي أن أهم مكسب لنا كشعب واحد وأبرز عامل في نجاح ثورتنا كان وحدتنا وعدم فرقتنا في مواجهة الدكتاتور .الراجحي لم يتوان في قسمتنا إلى ” هوتو وتوتسي” ، فالصراع لديه ليس صراع أحزاب أو أفكار أو إيديولوجيات أو حتى صراع شعب ضد قوى ردة ، بل هي معارك جهات وقبائل كل يسعى لنصرة عرقه وتمكينه من الحكم.
“زرقاء اليمامة “في جلسته المصورة أنبانا بما يدبر لنا بليل من استعداداتٍ حثيثة للانقلاب على شرعية ما بعد الانتخابات بل وحتى حدد لنا ” الفريسة المنتظرة” التي سيقع الانقضاض عليها أذا انتصرت ، أما الباقي فهم في مأمن من كل هذا اذ فازوا برضا الشارع ، ، فهم طبعاً لذلك جزء من “معسكر الأشرار ” وربما شركاء في الموامرة .
السيد الراجحي هنا يضع الجيش في مواجهة إرادة الشعب وضد تيار فكري وسياسي معين ويتهمه بالسعي لافتكاك سلطة كانت ” ملقاة على أعتابه ” والحصول عليها كان أمراً سهلا ومرحباً به بل وحتى منشودا ، لكن فطنته أنبأته بان هذا الأمر لن يكون إلا ليلة 25 جويلية ، ويتناسى أن بقوله هذا يضيع على التونسيين آخر الحصون التي بقيت لديهم ، في وقتٍ ضاعت فيه لدولتهم هيبتها ، وفقدت فيه حكومتهم سلطانها وفقد الشعب أساساً ثقته في كل ماهو جزء من مؤسسات الدولة ، ولم يبقى له إلا المؤسسة العسكرية دافعاً للثورة في ما قبل وحامية لها وضامنا للدولة في ما بعد،الراجحي وضع هذا الجيش وقائده في مواجهة الشعب ، ولم يكفه هذا الإتهام بل إمتد في تخوينه واتهامه بالتآمر على إرادة الشعب مع أطراف أجنبية متناسياً أنه كان من الأسهل عليه أن يتآمر على هذا الشعب مع رئيسه المخلوع بدل أن يواجهه وينتظر المدد من دول الجوار .
خطورة التصريحات لا تقف عند توجيه الشعب ضد جيشه الوطني فقط بل تمدد لتهدد وحدة وتمسك المؤسسة العسكرية نفسها في وقتٍ نحتاجها فيه أكثر من أي وقت ماذا سواء لتدعيم جبهتنا الداخلية أو مواجهة الأخطار الموجودة على حدودنا الجنوبية ،
الشرور والألغام في تصريحات الراجحي لا تقف عند هذا الحد ، بل تتجاوزه لتشكل أساسا لإضاعة ما بقي لنا من شرعية نتمسك بها لضمان استمرارية الدولة ، فالراجحي والذي أنبانا بأن الحكومة لا تعدو أن تكون عرائس أو دمى تتحرك كما تريدها لها أيادٍ خفية من وراء الستار ، أصبحت الإطاحة بها مطلباً شعبياً وضرورياً للـ”أحرارررر” لحماية الثورة متناسين في أنها تمثل – على علاتها ونقائصها – ما بقي لنا من الشرعية حتى نضمن انتقالا سلسا ومنظما للديمقراطية يقينا من مخاطر الانزلاق للفوضى .
اليوم وبهذه التصريحات أصبحت الفوضى مطلباً شعبياً لا بديل عنه والاتاحة بما تبقى من الشرعية مطلباً وواجبا وطنياً نضالياً حتى في حالة عدم وجود بديل ، لا يهم الامر فالراجحي أوضح لنا مكامن الخطر في هذه ألشرعية وهو الذي لدى الكثير من الناس لا يتكلم عن هوى بل هو عالم خبير ببواطن الامور.