حديث حملة الشهادات العليا
|لكم قيل أن هذه الثورة هي ثورة حملة الشهادات العليا… ثورة أولئك الذين أمضوا سنينا في رحاب الجامعات… سعيا للحصول على شهادة تؤهلهم لحمل هذا اللقب الكبير… سعيا لكي يصبحوا حملة الشهادات العليا… لقبا جد كبير حتى أسقطنا ثقل حمله…
ما الذي يميزنا كحملة شهادات عليا عن غيرنا من فئات هذا الشعب حتى نصنع الثورة التي قالوا أنّا صانعوها؟ ربما كان هو قدرتنا على استعمال وسائل الاتصال الحديثة و ربما كان تأثرنا ببعض مظاهر ثقافة المجتمعات الأخرى. و لكن ما لا يجب أن نشك في أنه كان السبب لقيامنا ذاك هو مقدار الوعي الذي نتميز به كحملة للشهادات العليا…
جعلنا ذالك التعليم المجاني الذي تلقيناه أقدر حتما من غيرنا على رؤية الوقائع و على معرفة الحقائق…وجعلنا أيضا ذات التعليم أشد اعتزازا بأنفسنا من غيرنا… فلكم قلنا نحن حملة شهادات عليا فلا نرضى لأنفسنا هذا العمل أو ذاك الفعل….فنحن كحملة شهادات عليا و إن كان التعليم الذي تلقيناه هبة فتلك المعارف التي تلقيناها صنعت أنفتنا حتى صرنا نعتقد أنا حملة “شهادات عليا”..و قدنا ثورة…سواء في عالمنا الكبير من شوارع طالما سرنا فيها ومقاهي طالما ملأناها أو عالمنا الافتراضي الصغير الذي طالما سكناّ إليه…
وقدنا الثورة حتى أنهكنا السير وتعبت منا الثورة.
والآن بعد ما يقارب ستة اشهر من السير و الصراخ ..أنهكنا المسير أعيانا الصراخ و جلسنا دقائق نتأمل صورنا المنعكسة على شاشات عالمنا الافتراضي الصغير…من نحن؟
نحن حملة شهادات عليا… خريجو جامعات كبرى… عارفين لعلم أكبر… كل سنة ينضاف إلينا الكثير… لسنا القلة بل نحن الكل… و لكنا كثيرون لحد التشابه… متشابهون لحد التطابق… غريب أمرنا ماذا نفعتنا كثرتنا و نبل ثورتنا بعد ستة أشهر؟… أما كفانا الصراخ ونحن حاملو شهادات عليا؟ هل تلقينا علما يقول أن الصراخ سبيل النجاح؟ غريب أمرنا… نحن متشابهون… ثائرون… ولكننا عاجزون..
الآن نقف أمام عالمنا الصغير علنا نجد منفذا يوصلنا لعالمنا الكبير و نتساءل ماذا بعد؟
نحن حملة الشهادات العليا حمّلتنا جامعاتنا علما كثيرا… و ما علّمتنا فعلا ولو يسيرا… نحن مجرد حملة شهادات عليا جعلتمونا عارفين بدقائق الأمور و المعرفة التي منحتمونا إياها جعلتنا لهولها ضائعين. علمتمونا مجانا الكثير… وما منحتمونا و لو بمقابل مما نريد القليل… ما فائدة العلم والشهادة الذين لهما نحن حاملون و نحن متشابهون… متماثلون ومتطابقون… ما فائدة حملنا لشهادات عليا و نحن على حملها عاجزون؟