اعتذار رسمي إلى روبي الموهوبة
|[et_pb_section admin_label=”section” fullwidth=”off” specialty=”on”][et_pb_column type=”3_4″ specialty_columns=”3″][et_pb_row_inner admin_label=”row_inner”][et_pb_column_inner type=”4_4″ saved_specialty_column_type=”3_4″][et_pb_text admin_label=”النص”]
بقلم: وليد جعفر
تمر الأيام، و يزداد يقيني أن الأحكام، المسبقة منها وحتى النهائية، لا قيمة لها….كذلك، وأنا أقترب من منتصف طريق حياتي، تأكدت أن الإنسان في النهاية تشكيل فريد يدور في فلك التناقضات . وهنا ما أتحدث عنه ليست التناقضات بالمعنى البسيط الساذج، الذي تعلمناه صغاراً : “قوى الخير وقوى الشر”، “الرذيلة والفضيلة” ….كلاّ، فالمسألة أعمق من ذلك التوصيف بكثير، بل هي لا تمت له البتّة بعلاقة.
فالتناقضات نسق فكري ووجودي تختلف حدته من إنسان إلى آخر، ولكنه فينا ولا يغادرنا حتى وإن تصورنا برهةً من الزمن أننا قادرون على أن نفك به الارتباط…هراء وسراب.
هذه التناقضات تحملنا أحياناً بعيداً، وترزح بنا في عمق اليم أحياناً أخرى …هذه التناقضات تجعلنا في حيرة من أمرنا، نراجع خياراتنا وكذلك…أحكامنا.
دائماً ننسى، ذاكرتنا تفتقد للتواصل، إناء مشروخ تنتفي معه التراكمات…لا مراجعة ولا تراجع، لنبقى سجناءً في قمقم العمى وأحادية التفكير.
لم تكن تعني لي يوماً شيئاً يذكر. صحيح أنها مثيرة وجريئة ولكن ما تقدمه تجاري وتافه…تغني وهي على دراجة ثابتة، زخات العرق على جسدها تضفي على بشرتها تلك المسحة البرونزية المثيرة والمغرية…تفاهة. يحسب لها انسجامها مع ثوابتها، فهي تغني “ليه بيداري كده” وهي “لا تداري”. تبلور حكمي فيما يخص “روبي” وإنتهى الأمر…
لم يصادف يوماً أن شاهدت عملاً فنيا لروبي على الشاشة الكبيرة أو الصغيرة، وهي التي شاركت سابقاً في ثمانية أفلام سينمائية ومسلسل درامي، ربما لأني كنت سجين قمقم العمى وآحادية التفكير. ثم كان الاكتشاف، والذهول فالتراجع والمراجعة…”سجن النساء” حرّرني من سلاسل التقوقع الفكري وثقافة محاكم التفتيش بالمعنى الواسع للمصطلح. لقد تقمّصت روبي في هذا المسلسل المتميز دور “المعينة المنزلية” التي ترتكب جريمة في منزل مشغّلتها…هكذا تصفّي حسابها مع القدر بطريقة أخرى…ردّة فعل أخيرة وجامحة ضد الإهانة والاحتقار. يخطئ من يعتبر أن مسألة الصراع الطبقي انتهت وأضحت مسألة تدرس في كتب التاريخ. كلا إنها مسألة في صميم واقع الإنسانية مع تزايد الفروقات الاجتماعية (رأس مال القرن الواحد والعشرين لتوما بكتي) وتطرح بحدة أعتى في مجتمعات العالم الثالث أين يغيب أو يتغيب مفهوم المواطنة. حتى عندما نتحدث عن الفن يتمكن منا جنّ السياسة… فلتعذريني روبي فهذا التحبير الصادق أردته لك أنت فقط…أنت فقط
في حقيقة الأمر، تقمّصت روبي شخصيتين في “سجن النساء” ؛ الأولى شخصية المعينة المنزلية والثانية شخصية السجينة. أداؤها كان مذهلاً، روبي لا تتقمص الشخصية بل هي تذوب فيها. قدرة مذهلة على التعبير؛ إنها الموهبة تتحرك، تتموج، تستفحل بها فتجعلها في تداخل رهيب مع الشخصية…
روبي في سجن النساء حلقت عالياً…
ثم سنحت لي الفرصة مرةً أخرى لأشاهد روبي مؤخراً خلال شهر رمضان الكريم في إعادة بث لمسلسل “بدون ذكر أسماء”. شخصية مبسوطة لم تكن سهلة بالمرة. مبسوطة تعيش على الهامش، تخالها إنساناً نصف بدائي: متسخة، تمارس الجنس بإرادتها وبغير إرادتها وليس لها هدف في الحياة. من خلال مبسوطة، بائعة عقود الفل، جسدت روبي بشكل رائع بنت الشوارع. في الآن نفسه، ورغم كل هذه العوامل الموضوعية التي من شأنها أن تنتزع من الإنسان إنسانيته؛ نجد لدى مبسوطة وعياً حاداً ومستبطناً بوجودها؛ هذا الوعي جعلها في نهاية المطاف تخط مساراً جديداً لحياتها…نجحت روبي بعلامة كاملة في تجسيد شخصية غير عادية وفي إحداث الصدمة، الذهول فالتفاعل لدى المشاهد.
روبي في “بدون ذكر أسماء” مثلت اختراقا غير عادي بالمرة…
هكذا إذاً تمر الأيام، و يزداد يقيني أن الأحكام، المسبقة منها وحتى النهائية، لا قيمة لها….
“و أَمَّا الأَخبارُ التى بأيدينا الآن، فإنما نتَّبعُ فيها غالبَ الظنَّ، لا العِلْم المحقَّق”
ابن النفيس
[/et_pb_text][et_pb_text admin_label=”النص”] بقلم: وليد جعفر
تمر الأيام، و يزداد يقيني أن الأحكام، المسبقة منها وحتى النهائية، لا قيمة لها….كذلك، وأنا أقترب من منتصف طريق حياتي، تأكدت أن الإنسان في النهاية تشكيل فريد يدور في فلك التناقضات . وهنا ما أتحدث عنه ليست التناقضات بالمعنى البسيط الساذج، الذي تعلمناه صغاراً : “قوى الخير وقوى الشر”، “الرذيلة والفضيلة” ….كلاّ، فالمسألة أعمق من ذلك التوصيف بكثير، بل هي لا تمت له البتّة بعلاقة.
فالتناقضات نسق فكري ووجودي تختلف حدته من إنسان إلى آخر، ولكنه فينا ولا يغادرنا حتى وإن تصورنا برهةً من الزمن أننا قادرون على أن نفك به الارتباط…هراء وسراب.
هذه التناقضات تحملنا أحياناً بعيداً، وترزح بنا في عمق اليم أحياناً أخرى …هذه التناقضات تجعلنا في حيرة من أمرنا، نراجع خياراتنا وكذلك…أحكامنا.
دائماً ننسى، ذاكرتنا تفتقد للتواصل، إناء مشروخ تنتفي معه التراكمات…لا مراجعة ولا تراجع، لنبقى سجناءً في قمقم العمى وأحادية التفكير.
لم تكن تعني لي يوماً شيئاً يذكر. صحيح أنها مثيرة وجريئة ولكن ما تقدمه تجاري وتافه…تغني وهي على دراجة ثابتة، زخات العرق على جسدها تضفي على بشرتها تلك المسحة البرونزية المثيرة والمغرية…تفاهة. يحسب لها انسجامها مع ثوابتها، فهي تغني “ليه بيداري كده” وهي “لا تداري”. تبلور حكمي فيما يخص “روبي” وإنتهى الأمر…
لم يصادف يوماً أن شاهدت عملاً فنيا لروبي على الشاشة الكبيرة أو الصغيرة، وهي التي شاركت سابقاً في ثمانية أفلام سينمائية ومسلسل درامي، ربما لأني كنت سجين قمقم العمى وآحادية التفكير. ثم كان الاكتشاف، والذهول فالتراجع والمراجعة…”سجن النساء” حرّرني من سلاسل التقوقع الفكري وثقافة محاكم التفتيش بالمعنى الواسع للمصطلح. لقد تقمّصت روبي في هذا المسلسل المتميز دور “المعينة المنزلية” التي ترتكب جريمة في منزل مشغّلتها…هكذا تصفّي حسابها مع القدر بطريقة أخرى…ردّة فعل أخيرة وجامحة ضد الإهانة والاحتقار. يخطئ من يعتبر أن مسألة الصراع الطبقي انتهت وأضحت مسألة تدرس في كتب التاريخ. كلا إنها مسألة في صميم واقع الإنسانية مع تزايد الفروقات الاجتماعية (رأس مال القرن الواحد والعشرين لتوما بكتي) وتطرح بحدة أعتى في مجتمعات العالم الثالث أين يغيب أو يتغيب مفهوم المواطنة. حتى عندما نتحدث عن الفن يتمكن منا جنّ السياسة… فلتعذريني روبي فهذا التحبير الصادق أردته لك أنت فقط…أنت فقط
في حقيقة الأمر، تقمّصت روبي شخصيتين في “سجن النساء” ؛ الأولى شخصية المعينة المنزلية والثانية شخصية السجينة. أداؤها كان مذهلاً، روبي لا تتقمص الشخصية بل هي تذوب فيها. قدرة مذهلة على التعبير؛ إنها الموهبة تتحرك، تتموج، تستفحل بها فتجعلها في تداخل رهيب مع الشخصية…
روبي في سجن النساء حلقت عالياً…
ثم سنحت لي الفرصة مرةً أخرى لأشاهد روبي مؤخراً خلال شهر رمضان الكريم في إعادة بث لمسلسل “بدون ذكر أسماء”. شخصية مبسوطة لم تكن سهلة بالمرة. مبسوطة تعيش على الهامش، تخالها إنساناً نصف بدائي: متسخة، تمارس الجنس بإرادتها وبغير إرادتها وليس لها هدف في الحياة. من خلال مبسوطة، بائعة عقود الفل، جسدت روبي بشكل رائع بنت الشوارع. في الآن نفسه، ورغم كل هذه العوامل الموضوعية التي من شأنها أن تنتزع من الإنسان إنسانيته؛ نجد لدى مبسوطة وعياً حاداً ومستبطناً بوجودها؛ هذا الوعي جعلها في نهاية المطاف تخط مساراً جديداً لحياتها…نجحت روبي بعلامة كاملة في تجسيد شخصية غير عادية وفي إحداث الصدمة، الذهول فالتفاعل لدى المشاهد.
روبي في “بدون ذكر أسماء” مثلت اختراقا غير عادي بالمرة…
هكذا إذاً تمر الأيام، و يزداد يقيني أن الأحكام، المسبقة منها وحتى النهائية، لا قيمة لها….
“و أَمَّا الأَخبارُ التى بأيدينا الآن، فإنما نتَّبعُ فيها غالبَ الظنَّ، لا العِلْم المحقَّق”
ابن النفيس
[/et_pb_text][/et_pb_column_inner][/et_pb_row_inner][/et_pb_column][et_pb_column type=”1_4″][et_pb_sidebar admin_label=”Sidebar” orientation=”right” background_layout=”light” area=”sidebar-1″ remove_border=”off”] [/et_pb_sidebar][/et_pb_column][/et_pb_section]
مقال جميل و جريء لكن حبذا لو ذكرت اسمها “رانية حسين” وسط المقال (مجرد اقتراح).