حوار مع آلان باديو: إعادة اكتشاف الحبّ
|ترجمة: مريم مقعدي
*لقد قلتم بضرورة ” إعادة اكتشاف الحب”. فما الذي يهدّده؟
ما يهدد الحب في المجتمعات الحالية، التي تسودها الفردانية، هو الحضور الدائم للفظة المنفعة، التي عادة ما تقدم كمحرك للحياة الجماعية. إنها قناعة شائعة جدا، بان كل واحد لا يتبع (أو لا يبحث) إلا (عن) منفعته الخاصة، حتى في بحثه عن الحب.
ففي مواقع التعارف مثلا، نحن نحاول أن نعثر عن أفضل شخص يمكن أن يتماشى معنا، كما نحاول أن ننظم لقاءات مع من لهم نفس ميولاتنا… إن هذه التجارة (أو المعاملة) تستند إلى مقاربة حمائية للحب، وتصل حتى معارضة ما هو موجود حقا: إنه شعور لا مبال، تنجر عنه عدة أخطار، ولا يحمل أي ضمان، وهو في المقابل يفترض (أو يشترط) الرغبة التي تعلي أو تخترق منافعنا الخاصة.
يجب أن نعيد اكتشاف خطر المغامرة الغرامية، ضد كل أشكال الأمان والراحة. في الواقع، هناك تياران فلسفيان حطّا دائما من الحب.
من جهة، نجد المذهب المتعوي المعمم (أو مذهب المتعة/ الهيدونيزم)، الذي يفضل البحث عن المتعة وعن الامتلاء الظرفي. ومن جهة أخرى، نجد كل التقليد التشاؤمي للأخلاقوية النقدية، الذي يرى في طاقات الرغبة مجرد وهم، خداع، بهرج من الرغبة وكحامل للآلام والاغتراب.
*لقد قلتم في “تقريظ الحب”، أن الحب في عمقه هو تعلم، وقبول بالآخر في اختلافه… هل يمكنكم تفسير هذا؟
إن الحب بالنسبة إلى أفلاطون هو شرط الفلسفة. اذ يصرح سقراط في الجمهورية أن “من لم يبدأ بالحب، فلن يعرف أبدا ما هي الفلسفة”.
تماما، لأنّ الحب هو تلك التجربة التي تخاطر بقبول الآخر. يكتب أفلاطون، أن من يقبل عنف وتبعية الحب، يعطينا شهادة في الشجاعة. وانا مثله، أدعم أن الشجاعة والصمود هما فضيلتان غراميتان .
غير أن التقليد الحالي يقتضي بترك الآخر منذ أول صعوبة يواجهها، منذ الحدث الأول حول مشكل اختيار العطلة أو أي شيء آخر…
إن الحب يوسع من نظرته الخاصة للعالم، بشكل ملحوظ. ذلك أن الاهتمام الذي نوليه للآخر، لا يقوم بالضرورة على التضحية. لا شك أن، أخطار الألم والعنف متضمنان في الحب، التي يمكن أن نذكر منهم بعض الجرائم العاطفية أو تلك العاطفة الهوجاء التي تسمى الغيرة.
نشر النصّ الأصلي للحوار بالفرنسية في:
Sciences Humaines, Hors Série, N°13, Octobre/Novembre 2022, pp. 12-13
نُشر هذا المقال في مجلّة حروف حرّة، العدد 35، صيف 2024.
للاطّلاع على كامل العدد: tiny.cc/hourouf35