الصحافة الاستقصائية في تونس ودورها في إرساء العدالة: رغبة مكبلة بواقع صعب

بقلم: مرفت الشقطمي

بعد ثورة الياسمين، عرفت تونس مرحلة جديدة تسمى بالانتقال الديمقراطي أي الانتقال من نظام سياسي استبدادي وهو نظام بن علي إلى نظام ديمقراطي. ومن بين مميزات هذه المرحلة هو إعادة النظر في مختلف الفاعلين والممارسات الصحفية ومحاولة تغيير المشهد الإعلامي في تونس.

بدأ هذا التغيير بشكلٍ خاص بعد صدور النصوص القانونية المتمثلة في المرسوم 115 الصادر بتاريخ 2 نوفمبر 2011 والمتعلق بحرية الصحافة والطباعة والنشر والمرسوم 116 المتعلق بالإعلام السمعي البصري الذي أدى إلى إنشاء الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري التي تحاول ضمان التعددية وتعزيز مرحلة الانتقال الديمقراطي.

ساهمت هذه النصوص في إطلاق حرية الصحافة وظهور العديد من وسائل الإعلام الجديدة السمعية البصرية والالكترونية ولكن الأمر الذي تغير بشكلٍ أكبر هو ممارسة الصحافة الاستقصائية.

فعلى الرغم من وجود تحديات كبيرة للإعلام التونسي، إلا أن هذا التحول وضع الصحافة التونسية على مسارٍ إيجابي يركز على الحرية والشفافية لأن الصحافة الاستقصائية تعتبر من أفضل الأشكال الصحفية التي تكرس مبدأ السلطة الرابعة من خلال الكشف عن الفساد والقضايا المخفية. فالصحفيون الاستقصائيون يمارسون ضغوطات على السلطات والمسؤولين للمساءلة وتكريس لا فقط مبدأ الشفافية و الديمقراطية بل كذلك مبدأ العدالة بين مختلف فئات المجتمع.

تعد العدالة من أهم مجالات تطبيق الصحافة الاستقصائية، حيث يمكن للصحفيين تسليط الضوء على الفساد في الحكومات والشركات والمؤسسات والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات الدينية والمجتمع المدني والقطاع الخاص.

فالصحافة الاستقصائية هي في جوهر نظرية المسؤولية الاجتماعية بمعنى أن المؤسسات الوسيطة مثل الصحافة من دورها تمثيل المواطنين والأفراد الضعفاء وتحقيق التوازن بين القوى المختلفة في المجتمع إلى جانب المساهمة في تحقيق العدالة الاجتماعية والقانونية من خلال الكشف عن الفساد والانتهاكات وتوفير المعلومات التي يحتاجها الجمهور والمجتمع لاتخاذ القرارات الصحيحة والتغيير اللازم مما يساهم في تحسين حياة الناس في المجتمع[1] .

لذلك فهي تعتبر ضرورية لإرساء العدالة الاجتماعية (Social Justice Journalism)، بما أنها تسلط الضوء على الظلم والاضطهاد وتحقيق العدالة الاجتماعية والقانونية. ويتضمن ذلك التركيز على القضايا الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والحقوقية التي تؤثر على حياة الناس في المجتمع. [2]

في هذا السياق، كيف ساهت الصحافة الاستقصائية في تونس في إرساء العدالة؟

Iدور الصحافة الاستقصائية في تونس في إرساء مبدأ العدالة

 

  1. تعريف الصحافة الاستقصائية

تحدث العديد من الباحثين عن صعوبة تحديد تعريف دقيق للصحافة الاستقصائية، حيث يتضمن الكثير من الأشياء المختلفة ولكن اتفقوا على أنها الصحافـة ُ التي تسعى إلى كشف الحقائــق المخفيــة وإثبات التجـاوزات مـن خـلال البراهيـن والحجـج الدامغـة، وتحميل المسؤولية للأطراف الواقفــة وراء هــذه التجــاوزات.

فهي تعرف بكونها ليست تغطية عادية لخبر ما، بل هي أعمق من ذلك فهي تتطلب استخدام مصادر معلومات ووثائق سرية وعلنية.

فغالبًا ما ينشأ التحقيق عندما يدرك المراسل الفرق بين ما هو موجود (الواقع المرصود) وما ينبغي (كما هو معرف بالقانون أو السياسة) [3]. من هذا المنظور، يرتبط أي تعريف للصحافة الاستقصائية بمثل هذه الأهداف المثالية للصحافة

  1. الصحافة الاستقصائية وإرساء مفهوم العدالة في تونس

بدأ مصطلح الصحافة الاستقصائية يتبلور شيئا فشيئا لدى بعض الصحفيين التونسيين الذين أدركوا دورهم الفعلي كسلطة رابعة قادرة على القطع مع النظام السابق المتحكم في الصحافة وفهموا المعنى الحقيقي للصحافة الاستقصائية التي تحاول كشف الفساد في كل المجالات وإرساء مبدأ المحاسبة.

استطاعت بعض وسائل الاعلام تحقيق هذه المهمة من خلال إرساء ثقافة جديدة هي ثقافة الشفافية والمحاسبة وانخرطت كذلك في تحقيقات دولية من أجل كشف المستور والمسكوت عنه. في هذا السياق نجحت ثلاث وسائل إعلامية الكترونية وهي نواة وإنكفاضة والكتيبة في تقديم تحقيقات استقصائية في العديد من المجالات كانت السبب وراء مثول العديد من رجال الأعمال والوزراء أمام القضاء. إضافة إلى ذلك نجح بعض الصحفيين المستقلين في إنجاز تحقيقات.

في هذا الإطار شرفت الكتيبة وانكفاضة الصحافة التونسية على النطاق الدولي وذلك بفضل تحقيقات عالمية. فموقع الكتيبة نشر في فيفري 2022 سلسلة من ثماني تحقيقات استقصائية عن الفضيحة الضخمة في سويسرا، حيث اتهمت عدة وسائل إعلام البنك السويسري Credit Suisse باحتوائها على 100 مليار فرنك سويسري (أكثر من 95 مليار أورو) من الأموال ذات المصدر الإجرامي أو غير المشروع من 37000 شركة أو فرد بين بداية الأربعينيات ونهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وقد أثبتت ضلوع رجال أعمال تونسيين وسياسيين في هذه القضية.

كما شارك موقع انكفاضة في عام 2021 في تحقيق دولي بعنوان “أوراق Pandora” عن التهرب الضريبي التي يتم إجراؤه عبر الشركات الخارجية. هذا التحقيق كان بقيادة الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين (ICIJ) مع ما يقارب من 150 شريكًا إعلاميًا في جميع أنحاء العالم. وقد سلط هذا الموقع، على ملفات تسع شخصيات تونسية مذكورة في الوثائق.

 كما استطاع نفس الموقع في 2016 كشف وإثبات تورط محامين وعدد من السياسيين على غرار بعض المسؤولين السياسيين أو الحكوميين السابقين فضلا عن مالكي احدى المؤسسات الإعلامية وذلك في سلسلة من التحقيقات تعرف بPanama Papers تبحث في علاقة بعض التونسيين بشركات غير مقيمة تمّ توطينها في الملذات الضريبية. [4]في نفس العام، قام هذا الموقع بإجراء تحقيق حول التهرب الجبائي في المهن الحرة، بما في ذلك المحاماة والطب، الأمر الذي أثار جدلاً برلمانياً حول قانون مالية جديد.[5]

كما قامت “نواة” بنشر تحقيق في 2013 حول “الجهاز الموازي والسري ” المرتبط بحركة النهضة والمسؤول على الاغتيالات السياسية. [6]وأثار هذا التحقيق جدلا كبيرًا وحتى اليوم، لا يزال هذا الموضوع مطروحًا.

 ولا يمكننا أن ننسى التحقيقات الفردية على غرار تحقيق حنان زبيس حول رياض الأطفال القرآنية بعنوان “رحلة إلى العالم السري لرياض الأطفال السلفية في تونس”[7]، الذي كشف التجاوزات في طريقة تعليم الصغار وأثبت أن هذه الرياض تسعى إلى دمغجة الأطفال. وبهذا التحقيق أثارت الجدل في تونس حول مسألة رياض الأطفال واستطاعت الفوز بجائزة سمير قيصر لحرية الصحافة في 2014 مثلها مثل الصحفية نجوى الهمامي التي نجحت في الحصول على جائزة أحسن عمل استقصائي مصور في العلم العربي من قبل شبكة أريج سنة 2016عن عملها حول تزوير قائمة شهداء وجرحى الثورة في تونس ومصر بعنوان ” رأسا على عقب”.[8]

كما قام برنامج “الحقائق الأربعة” على قناة الحوار التونسي، بتحقيق عن نفايات إيطاليا والذي يعود لعام 2020، المتمثل في الكشف عن توريد شركة تونسية نحو 120 ألف طن من النفايات المنزلية من إيطاليا، وهو نشاط ممنوع وفق القانون مما سبب في إقالة وزير الشؤون المحلية والبيئة، مصطفى العروي، واعتقاله.

لكن رغم هذه المحاولات لإرساء مبدأ الشفافية والعدالة والمساواة بين كل الفئات تبقى محاولات الصحافة الاستقصائية والصحافة الجادة محتشمة مقارنة بما وصلت إليه وسائل الاعلام من الابتذال والتهريج. فاليوم تواجه الصحافة الاستقصائية عدة تحديات تمنعها من إرساء مبدأ العدالة.

  1. II. الصعوبات التي تواجه الصحافة الاستقصائية

صعوبات عديدة تواجه الصحفيين اليوم لعل أهمها:

  1. الطابع التجاري للمؤسسات الإعلامية:

لم تعد وسائل الإعلام اليوم على دراية كافية بدورها كسلطة رابعة فهي لا تهتم بمفهوم الديمقراطية ومبدأ الشفافية وصحافة الجودة. فهي لا تهتم في حقيقة الأمر إلا بالأحداث الأنية. فمن بين 108 وسيلة إعلامية لا توجد إلا 3 مواقع إلكترونية فقط تقدم تحقيقات استقصائية وهي الكتيبة وإنكفاضة ونواة.

علاوة على ذلك، فإن مؤسساتنا الإعلامية أصبحت تهتم بالتسويق التجاري على حساب التحقيق. هذا هو السبب في وجود برامج التسوق في معظم القنوات التلفزية والتي تتكرر عدة مرات في نفس اليوم.

إضافة إلى ذلك، يسعى معهد الصحافة وعلوم الاخبار إلى تدريب الصحفيين على ممارسة هذا النوع الصحفي من خلال الماجستير المهني للصحافة الاستقصائية، إلا أن الطلبة المتخرجين لا يجدون كلهم مؤسسات يمارسون فيها الاستقصاء.

  1. التمويل والوضعية الاقتصادية للمؤسسات:

تعيش المؤسسات الإعلامية أزمة مالية خانقة ففي الواقع، لا تملك المؤسسات القدرة على تمويل التحقيق ولا يملك الصحفي الوسائل.

هؤلاء الصحفيون بحاجة إلى جهة تدعمهم وتمول تحقيقاتهم، لكن وسائل الإعلام تريد فقط استغلالهم للقيام بالكثير من المهام بدلاً من تشجيعهم على الخروج وإجراء التحقيق. في هذا السياق، اقترح رئيس الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (HAICA) نوري اللجمي، على رئيسة الحكومة نجلاء بودن ، خلال اجتماع في جانفي 2022 ، إنشاء صندوق دعم لصالح وسائل الإعلام الخاصة والجمعياتية لتجاوز أزماتها وتعزيز المشهد الإعلامي التونسي.

في نفس السياق يعاني صحفيو كاكتيس برود وشمس اف ام من عدم خلاص أجورهم. فكيف سيفكر هؤلاء في صحافة استقصائية أو صحافة جادة بصفة عامة؟ كيف سيفكرون في ذلك ووضعيتهم هشة جدا؟

إضافة إلى ذلك، تعمل وسائل الإعلام وفق نموذج اقتصادي يعتمد فقط على الإعلانات. لهذا السبب تسعى دائمًا إلى جذب المستشهرين. هذا السبب لا يسمح لهم بالكشف عن بعض حقائق الفساد المتعلقة بمصالح هؤلاء. فرجال الأعمال يتحكمون في الإعلام عن طريق الاستثمار فيه للحصول على مزيد من القوة، ولهذا السبب لا تتاح للإعلام فرصة لنقد المستشهرين. على سبيل المثال، أجرى موقع الكتيبة استقصاءً عن شركة “رندة” التي قامت بتصدير منتجاتها إلى إسرائيل. لكن، بحسب الصحفي وليد الماجري، “لم تتحدث أي وسيلة إعلام عن هذا العمل”.[9]

من ناحية أخرى، فإن جميع المؤسسات الإعلامية يسيطر عليها رجال الأعمال والسياسيين الذين لا مصلحة لهم في فضح الفساد. بعبارة أخرى، فإن ملكية هذه المؤسسات تعيق إجراء التحقيقات الاستقصائية.

وهكذا تترجم لنا هذه الممارسات بامتياز نظرية “الدعاية” لتشومسكي وهيرمان اللذين أكدا أن الصحفيين يتصرفون بطريقة تخدم مصالح النخب المسيطرة بشكل فعال. فوسائل الإعلام لا تسعى إلا إلى تحقيق أقصى ربح من المستشهرين ويتم تمويلها بشكل أساسي من عائدات إعلاناتها.

إن أغلب التحقيقات الفردية التي ينجزها الصحفيون بفضل سلسلة من الدورات التدريبية بعد أن يحظى البعض منهم بدعم مالي من قبل منظمات وجمعيات تدعم الصحافة الجادة تكون دائما مرتبطة بممولين أجنبيين. فحتى المواقع الالكترونية التي تنتج تحقيقات استقصائية يكون تمويلها مرتبط في جزء كبير منه بالتمويلات الأجنبية. مما يهدد ديمومة المؤسسات لأنه لا بد لها من تجديد التمويلات في كل مرة باعتبار أن هذه المنظمات تقدم مساعدات مالية لفترة محدودة إلى جانب البحث على طرق جديدة لتمويل المحتوى الصحفي.

  1. وسائل اعلام عمومية حكومية:

بعد الثورة، كان من المنتظر أن تصبح وسائل الإعلام الحكومية وسائل إعلام عمومية تؤدي مهامها بامتياز وتضمن حق الجمهور في الحصول على المعلومات. لكن القطاع العام يشهد المزيد والمزيد من المشاكل، خاصة بعد القرارات الاستثنائية في 25 جويلية 2021 التي أعلنها رئيس الجمهورية قيس سعيد.

زمن الترويكا، تعرضت وسائل إعلامنا العمومية لضغوطات سياسية مثل حملة “إكبس” عام 2012 بقيادة حركة النهضة والترويكا. تهدف هذه الممارسات إلى إخضاع المؤسسة لمصالح وأهداف من في الحكم. واليوم مازال الطرف السياسي الحكومي يكبل أداء الصحفيين في هذا القطاع بل وصل الأمر إلى صنصرة البعض منهم بشهادة آمال الشاهد التي أشارت في ورشة حول دور المهنة في استقلالية المشهد السمعي البصري وتشاركيته أنه تم صنصرتها إلى جانب التدخل في عملها هي وزملائها وأن مؤسسة التلفزة كالإذاعة تعيش التكبيل والضغوطات السياسية.

  1. الحربات وسياق الانتقال الديمقراطي:

 

أ. حرية الصحافة في خطر

في الانتقال الديمقراطي، تعتبر وسائل الإعلام ضرورية لما يسمى لتعزيز ثقافة المؤسسات الديمقراطية وتحقيق العدالة. ولكن لا يمكن تحقيق هذا الدور في وقت الذي لا يستطيع فيه الصحفيون من مختلف وسائل الإعلام النقد والتحدث بكل حرية.

في الواقع، لا يستطيع الصحفيون اليوم التعبير عن آرائهم بحرية لذلك العديد من الجهات الفاعلة في المشهد الإعلامي، لا سيما نقابة الصحفيين التونسيين تدق جرس الإنذار.

في هذا السياق، احتلت تونس سنة 2023 المركز 121 ب 50.11 نقطة في ترتيب حرية الصحافة، الذي كشفت عنه منظمة مراسلون بلا حدود، وخسرت 27 مرتبة مقارنة بعام 2022.

وقد نشرت المنظمة تقريرًا في سنة 2022 أعلنت فيه أن “التحول البطيء جدًا لقطاع الإعلام التونسي على مدى السنوات العشر الماضية والتطورات السياسية الأخيرة يهددان حرية الصحافة، والتي كانت من المكاسب الأولى التي تحصل عليها الصحفيون من الثورة التونسية.”

من جهة أخرى، مثَل المرسوم 115 تحولا مهما في مجال الصحافة بصفة عامة لما تضمنه من حقوق للصحفيين من حيث النشر وحرية التعبير إلا أن هذا المرسوم لا يتم الاعتماد عليه من قبل السلطة القضائية. فاليوم يهدد الصحفيون بأحكام قاسية بالسجن بموجب المرسوم عدد 54 لسنة 2022 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال، الصادر في 13 سبتمبر 2022 عن الرئيس قيس سعيّد[10]. وأحيل صحفيون على غرار منية العرفاوي بجريدة الصباح أو محمد بوغلاب على التحقيق على خلفية نشرهم لمعلومات بالدليل تنقد عمل وزير الشؤون الدينية. إضافة إلى ذلك يعاقب الصحفي اليوم بمقتضى قانون الإرهاب أو مجلة الاتصالات أو المجلة الجزائية على غرار الصحفي خليفة القاسمي الذي حكم عليه بالسجن خمس سنوات لرفضه الكشف عن مصادره في قضية إرهابية فالقاسمي لم يكتب سوى خبرا أشار فيه إلى تفكيك خلية إرهابية في القيروان.

ب. حق النفاذ إلى المعلومة حق صعب المنال

اعتبر حق النفاذ إلى المعلومة من بين أفضل المكاسب التي تحصل عليها المواطنون بعد الثورة. كان الصحفيون سعداء جدًا بنص هذا القانون وذلك لظنهم أنه سيساعدهم على الوصول إلى الوثائق الإدارية بشفافية من أجل مكافحة الفساد. فإجراء أكبر التحقيقات الاستقصائية في العالم، وخاصة في أمريكا، يتم بفضل قانون النفاذ إلى المعلومة لأن الصحفيين أصبحوا قادرين على الوصول إلى الوثائق الإدارية. ولكن للأسف، في تونس، ليس من السهل تطبيق هذا القانون. فالإدارة في جل المؤسسات لا تطبق هذا القانون ولا توجد رغبة في تقديم وثائق للصحفيين. وفي بعض الأحيان لا تملك الإدارة حتى البيانات. فهو يعد حقا صعب المنال

بين عامي 2019 و2020، قدمت انكفاضة 119 مطلب نفاذ للحصول على معلومات موجه إلى عدة وزارات ومؤسسات تخضع لقانون حق النفاذ إلى المعلومة. من بين جميع المطالب، لم تتلقَ إلا 31 ردا كاملا و 35 ردا غير كامل.” [11]

 

الخاتمة:

استطاعت الصحافة الاستقصائية في تونس تغيير المشهد الإعلامي وإدخال مفاهيم جديدة كانت غائبة تماما على ميدان الصحافة في النظام السياسي قبل الثورة. لكن هذه الصعوبات وحتما غيرها تواجه الصحفيين وتمنعهم من القيام بأعمال صحفية جادة تساهم في الارتقاء بالمشهد الإعلامي وترسيخ مبدأ الديمقراطية والشفافية وثقافة المحاسبة. فالصحافة الاستقصائية مازالت تشكل اليوم هويتها وتسعى رغم كل الضغوطات إلى الكشف عن مواطن الفساد.

 

 

الهوامش

  1. John Nerone, “Four Theories of the Press”, Oxford Research Encyclopedia of Communication, Aug 2018, https://www.academia.edu/37361976/Four_Theories_of_the_Press
  2. Linda J. Lumsden, Social Justice Journalism: A Cultural History of Social Movement Media from Abolition to #womensmarch, New York, Peter Lang, 2019.
  3. Meredith Broussard, « Artificial Intelligence for Investigative Reporting », In: Digital Journalism, Vol 3, n° 6, 2015, http://dx.doi.org/10.1080/21670811.2014.985497.
  4. سناء السبوعي ومالك الخضراوي، أوراق بنما : رحلة في العالم الخفي للشركات غير المقيمة، انكفاضة،28 أفريل 2016، https://inkyfada.com/ar/2016/04/28/%D8%A3%D9%88%D8%B1%D8%A7%D9%82-%D8%A8%D9%86%D9%85%D8%A7-%D8%B1%D8%AD%D9%84%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%81%D9%8A-%D9%84%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%83/
  5. مالك الخضراوي ومنية بن حمادي، المهن الحرة : التهرب الجبائي في تونس في أرقام، 23 نوفمير 2016 https://inkyfada.com/ar/2016/11/23/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%87%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%87%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A8%D8%A7%D8%A6%D9%8A-%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3/
  6. وليد الماجري، كواليس اغتيال البراهمي : اختراقُ المخابرات و اخفاقُ الداخلية، نواة، https://nawaat.org/2013/09/20/%D9%83%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%B3-%D8%A7%D8%BA%D8%AA%D9%8A%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%87%D9%85%D9%8A-%D8%A7%D8%AE%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%82%D9%8F-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D8%A7/
  7. حقائق أون لاين، رحلة في العالم السري لرياض الأطفال السلفية في تونس! تحقيق حنان زبيس، 10 -10-2013، https://www.turess.com/hakaek/40320
  8. نجوى الهمامي، “رأساً على عقب” – تحقيق استقصائي عن وضع ضحايا ثورتي مصر وتونس، https://www.youtube.com/watch?v=EpJ1zAUQHw4
  9. Mervet Chaktmi, Le journalisme d’investigation en Tunisie dans un contexte post-révolutionnaire : Expériences, obstacles et défis, Institut de presse et des sciences de l’information, Manouba, Tunisie,2021-2022.
  10. رئاسة الجمهورية، المرسوم 54 https://www.carthage.tn/sites/default/files/public/%D9%85%D8%B1%D8%B3%D9%88%D9%85%20%D8%B9%D8%AF%D8%AF%2054%20%D9%84%D8%B3%D9%86%D8%A9%202022.pdf.
  11. Aymen Touihri, « Accès à l’information : Inkyfada dans le dédale de la bureaucratie tunisienne » , Inkyfada, 10 mars 2021, https://inkyfada.com/fr/2021/03/10/acces-information-inkyfada-dedale-bureaucratie-tunisie/, ( consulté le 2 mai 2022)

نشر هذا المقال في مجلّة حروف حرّة، العدد 31، أكتوبر 2023.

للاطّلاع على كامل العدد وتحميله: http://tiny.cc/hourouf31

 

Please follow and like us:

اترك رد

Verified by MonsterInsights