تمثلات الشباب التونسي لدور الدولة في تحقيق العدالة الاجتماعية
|الحقوق الاقتصادية والاجتماعية مثالا
بقلم: زهرة مصباح
العدالة كمصطلح هو “التساوي والمعاملة بالمثل، والملاءمة، والاستقامة ” وعادل بالعربية معناه ناظر او شابه ، وهو يعني أيضا وازن ” وعدل الشيء أي صححه وجعله مستقيما” وفعل “عدل في عدل عن بمعنى تخلى عن فعل، و تراجع عن القيام بأمر أراد القيام به إنما يفيد معنى التفكير بالأمر ووزنه قبل القيام به الى درجة رجحان العدول عنه”. في لسان العرب ” العدل هو ما قام في النفوس أنه مستقيم”[1].
لكن العدالة كمفهوم ارتبط أساسا بمفهوم الإنصاف والفعل الصحيح. وتمتد جذوره الى كتابات ابن خلدون الذي كتب ” وانعم بالعدل في سياستهم وقم الحق فيهم” والحق عند ابن خلدون هو العدل و” كثرة العمران محفوظ برعاية العدل ” و”المال بالخراج والخراج بالعمارة والعمارة بالعدل” [2].
الكتابات الفلسفية التاريخية تناولت أيضا مفهوم العدالة في علاقته بأفكار القانون الطبيعي، ككتابات أرسطو والرواقيين والعديد من المفكرين في العصر الحديث من جهة والإرادة الإلهية من جهة أخرى. يعتبر أرسطو أن أسباب النزاعات في مجتمع ما تعود الى “حصول متساوين على أشياء غير متساوية وفي حصول غير متساوين على أشياء متساوية” [3] فمن العدل لديه ألا تتساوى حصص الأفراد غير المتساويين وهي التعامل بالمثل أو التبادل العادل الذي يتناسب مع “الاستحقاقات أو المؤهلات” [4]. نذكر أيضا الصراع القائم بين الليبراليين والمساواتيين Les égalitaristes، فالليبراليون الراديكاليون يعتبرون أن دور الدولة يقتصر فقط في كونها ضامنة لحق الأفراد في امتلاك الثروات الاقتصادية. في حين أن نظرية المساواة تنادي بإعادة توزيع الدخل والثروة بشكل متساوٍ بين الناس وتفرض على الدولة أن تعامل جميع الأفراد بالتساوي. اما النظريات النفعية Les théories utilitaristes فترى في العدالة ضمانا للمنفعة الجماعية ولكل فرد في المجتمع وتحقق توازنا اقتصاديا. لكن العدالة في فكرة العقد الاجتماعي هي تقييد النزعات الطبيعية عند البشر والتي ترفض تبرير عدم المساواة بالاختلافات الطبيعية عند البشر[5]. وهنا يقترن مفهوم العدالة بمفهوم المساواة بين الأفراد.
أما جون رولز، في محاولته إيجاد المعادلة بين المساواة والحرية، وهي من أهم النظريات التي تناولت العدالة في النصف الثاني من القرن العشرين، فقد أكد على ان العدالة الاجتماعية تقوم على: مبدأين الأول هو أنّ الحق في الحرية الاقتصادية يجب أن يكون دائما في حدود احترام حرية الآخر، والثاني هو مبدأ تكافؤ الفرص بين الأفراد في الوصول إلى الوظائف والمواقع الاجتماعية. هذا المبدأ الثاني يمثل قاعدة النظام الديمقراطي الذي يكون فيه المواطنون متساوين في الحقوق والواجبات[6]. في نقده لنظرية جون رولز، اعتبر أمارتيا سين أنه ليس من الكافي تقديم فرص متساوية للأفراد إذا لم تتوفر لديهم إمكانات استغلالها ويرى أنه [7]للعدالة مجموعة من المتطلبات وهي النقاش العام والمحلي والعالمي، الديمقراطية والتشاور في ظل مؤسسات عادلة ، بناء واستثمار القدرات وسعة الأفق.
إذن كانت زاوية النظر الفلسفية للعدالة من حيث إنها قيمة valeur فما يعتبره فرد ما عادلا juste يمكن أن يكون لاعادلا injuste بالنسبة لفرد آخر وهو ما يندرج ضمن الحكم القيمي jugement de valeur وهو ما يسمى بالمقاربة القيمية l’approche normative de la justice التي سعت إلى إيجاد تعريف واضح ومحدد للعدالة. لكن النظرية المقاربة الامبريقية للعدالة l’approche empirique de la justice تبحث في تأثير الظروف المحيطة بالفرد على نظرة الفرد للعدالة وتأثيرها في سلوكياته jugement du réalité وهي النظرة السوسيولوجية للعدالة[8]. يمكن ان نقول ان هاجس بعض علماء الاجتماع أمثال ريمون بودون Raymond Boudon وريمون آرون Raymond Aron في نظرتهم للعدالة كان البحث في إمكانية ترابط ما هو قيمي مع ما هو امبريقي.
اعتبر سان سيمون على غرار سبنسر وماركس أنّ مرتكزات العدالة هي المساواة والاستحقاق وتم تفسير العدالة استنادا إلى منطلقات ايديولوجية كالنظرية النفعية واليبيرالية والنفعية والماركسية والوظيفية وتم آنذاك إغفال العديد من العوامل الأخرى كالثقافية التي يمكن أن تحقق فعليا العدالة الاجتماعية[9]. يرى بيير بورديو أن الفوارق الاجتماعية، تؤثر في ممارسات الأفراد وفي تفاعلاتهم الاجتماعية وفي أذواقهم [10]بالنسبة له ولغيره من السوسيولوجيين الفردانيين يرون أن الأفراد المنحدرين من عائلات غنية لهم فرض أكبر لكي يتبعوا مسارا دراسيا يؤهلهم للنفاذ لفرص عمل وتحقيق مكانة اجتماعية هامة وهو ما يتعارض مع مرتكزات العدالة واولها المساواة. [11]
قد تكون أهداف العدالة الاجتماعية ” جزئية أو تصحيحية أو إصلاحية أو إعادة التوزيع […] كما توجد آليات كثيرة لتعزيزها، تشمل الاجتثاث واستعادة الحقوق، اضافة الى المبادرات الاقتصادية والمجتمعية الأوسع التي تهدف إلى تصحيح أوجه عدم المساواة الاقتصادية”[12]
لكن اتجه بعض الفاعلين في الميدان الاجتماعي الى تحويل العدالة الاجتماعية من الاحساس وكل ماهو نظري إلى الفعل الميداني وأعلنت منظمة العمل الدولية عن نشأة “العدالة الاجتماعية من أجل عولمة عادلة 2008″، ويتم الاحتفال باليوم العالمي للعدالة الاجتماعي في 20 فيفري من كل سنة. تمثل الهدف في إحداث خطة مشتركة رامية إلى تعزيز التضامن العالمي وإعادة بناء الثقة في الحكومات بـ’’التغلب على العوائق وإطلاق العَنان لفرص العدالة الاجتماعية‘‘ التي تسهم في تحسين أداء المجتمعات والاقتصادات وتحد من الفقر وأوجه غياب المساواة وتخفف التوترات الاجتماعية.
لم تكن هذه أولى المناسبات التي تم فيها التطرق إلى مسألة العدالة الاجتماعية ففي المادة الواحدة والعشرين من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ذكر بانه لكلِّ شخص حقُّ المشاركة في إدارة الشؤون العامة لبلده، إمَّا مباشرةً وإمَّا بواسطة ممثِّلين يُختارون في حرِّية. ولكلِّ شخص، بالتساوي مع الآخرين، حقُّ تقلُّد الوظائف العامَّة في بلده وفي مادته الثانية والعشرين ذكر بانه لكلِّ شخص، بوصفه عضوًا في المجتمع، حقٌّ في الضمان الاجتماعي، ومن حقِّه أن تُوفَّر له، من خلال المجهود القومي والتعاون الدولي، وبما يتَّفق مع هيكل كلِّ دولة ومواردها، الحقوقُ الاقتصاديةُ والاجتماعيةُ والثقافيةُ التي لا غنى عنها لكرامته ولتنامي شخصيته في حرِّية. وعليه فإنه لا يمكن للدول تحقيق العدالة الاجتماعية دون أن يسود السلام والأمن ويشيع احترام جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
أعلنت سنة 2023 سنة التغلب على العوائق وإطلاق العَنان لفرص العدالة الاجتماعية بتعزيز الحوار مع الدول الأعضاء، والشباب، والشركاء المجتمعيين، ومنظمات المجتمع المدني، وكيانات الأمم المتحدة، وغيرها من أصحاب المصلحة الآخرين فيما يتصل بالإجراءات اللازمة لتقوية العقد الاجتماعي الذي تمزق بسبب تزايد التفاوتات والصراعات وضعف المؤسسات العاملة في مجال حماية حقوق العمال. وذلك إثر التغيرات والاختلالات الاقتصادية التي عاشتها العديد من البلدان والمرتبطة بالعولمة والتحولات الديمغرافية وارتفاع معدلات الهجرة.
سنة 1991، صادقت تونس على العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي ينص في المادة الرابعة على أن الدول الأطراف تقر”بأنه ليس للدولة أن تخضع التمتع بالحقوق التي تضمنها طبقا لهذا العهد إلا للحدود المقررة في القانون، وإلا بمقدار توافق ذلك مع طبيعة هذه الحقوق، وشريطة أن يكون هدفها الوحيد تعزيز الرفاه العام في مجتمع ديمقراطي”[13]. نجد ايضا “إعلان تونس بشأن العدالة الاجتماعية في المنطقة العربية” الذي صادق عليه ممثلو الدول الأعضاء في اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا في 18 سبتمبر 2014 والذي نص في مادته الثامنة على ان الدول الاعضاء تجدد تأكيدها “على أن العدالة الاجتماعية هي شرط أساسي لتحقيق السلام، والأمن، والتماسك الاجتماعي، وأن السلام والأمن والتماسك الاجتماعي تشكل بدورها دعائم صلبة للعدالة الاجتماعية“. ينصّ الفصل 13 من دستور 2022 على ما يلي: “تحرص الدولة على توفير الظروف الكفيلة بتنمية قدرات الشباب وعلى تمكينه من كافة الوسائل حتى يساهم بصفة فاعلة في التنمية الشاملة بالبلاد“ و“ان ثروات الوطن ملك للشعب التونسي، وعلى الدولة أن تعمل على توزيع عائداتها على أساس العدل والإنصاف بين المواطنين في كل جهات الجمهورية“ [14]. كما تلتزم الدولة بضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في فصول أخرى، وخاصة الفصل 16.
لكن في المقابل، عبرت العديد من التقارير التي تصدرها منظمات المجتمع المدني عن عدم رضاها عن السياسات التي تتبعها الدولة التونسية لتحقيق النمو والازدهار الاقتصادي وعن فشلها في إرساء مبادئ العدالة الاجتماعي وأنها لا زالت عاجزة عن الحد من تهميش العديد من الفئات الاجتماعية وخاصة فئة الشباب. ففي عديد التقارير التي نشرها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتي تضمنت إحصائيات حول الهجرة والتحركات الاحتجاجية ومعدلات الانتحار في تونس. يبرز من جهة الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد التونسية ، “تواصلت حالة الركود الاقتصادي في الربع الأول من السنة، وانعكست في نقص المواد الغذائية وارتفاع نسبة التضخم التي تجاوزت 9.2 في المائة سنة 2020″ أمام “النمو الضعيف وانخفاضه المستمر منذ عام 2004 والذي تقول توقعات الحكومة في قانون المالية لعام 2020 وانه لن يتجاوز معدل ٪1.8 هذا العام“. نشرت ايضا مؤسسة كارنيغي الامريكية احصائيات تفيد بـ” زيادة معدل البطالة في صفوف الشباب الذين تتراوح أعمارهم من 18 إلى 29 عامًا، وبينهم 56 في المئة من الطلاب الجامعيين، وقد بلغت نسبة البطالة بينهم أكثر من 70 في المئة من المجموع في عام 2016.” [15]
يبيّن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في تقاريره عدم رضا الأفراد عن الظروف الاقتصادية والاجتماعية فعدد التونسيين الواصلين إلى السواحل الإيطالية بطريقة غير نظامية خلال سنة 2023 يقارب 3500 حسب ما أقرت وزارة الداخلية الايطالية في حين أن عدد الذين لم يصلوا يتجاوز هذا العدد ولا يمكن تحديده نظرا لغياب الاحصائيات. من جهة أخرى تمثل الفئة العمرية من 16 إلى 45 سنة أبرز الفئات العمرية التي تزداد فيها حالات الانتحار والتي تصل إلى 30 حالة منذ بداية سنة 2023.
إذن، تمثل فئة الشباب من بين الفئات المعنية بالحوار العالمي حول العدالة الاجتماعية في سنة 2023 والتي التزم دستور 2022 بتوفير كل مرتكزات العدالة الاجتماعية في سبيل حماية حقوق وحريات هذه الفئة خاصة في الجانب الاقتصادي. لكن في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد التونسية، ارتفعت معدلات الهجرة والانتحار والبطالة سنة 2023 خاصة بين صفوف الشباب. يطرح إذن نصنا اشكالية اساسية هي :
هل سعت الدولة التونسية، من منظور الشباب الى تحقيق العدالة الاجتماعية انطلاقا من ضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية؟
في محاولتنا الإجابة عن هذه الإشكالية اعتمدنا المنهج الكيفي. حددنا توجهنا البحثي وهو أن تدخل الدولة في التجارب الفردية للشباب كفيل بالتأثير في تمثلاتهم لمفهوم العدالة الاجتماعية حتى مع وجود ترسانة من القوانين التي تضمن حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية. سنقوم بمجموعة من المقابلات مع سبعة من الشباب كما يبينه الجدول وذلك لفهم تمثلات الشباب لسياسات الدولة التونسية المتعلقة أساسا بالعدالة الاجتماعية وتحديدا في الجانب الاقتصادي وذلك انطلاقا من تجاربهم الذاتية.
العدد |
الفئة العمرية |
المهنة |
3 |
من 25 الى 30 سنة |
عاطل(ة) عن العمل صاحب(ة) شهادة عليا |
2 |
من 31 الى 40 سنة |
موظفون لدى الدولة |
2 |
من 26 الى 40 سنة |
عاطلون عن العمل |
تضمن دليل المقابلة اولا اسئلة حول الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للأفراد ومدى تدخل الدولة ومؤسساتها بشكل أو بآخر في حياة الأفراد وتجاربهم من خلال تقديمها لمنح او قروض او فرص عمل … الخ. ثانيا، اسئلة حول نظرة الفرد إلى الدولة وتقييمه لسياساتها الحالية ومن حيث مدى ضمانها التشريعي والقانوني للحقوق والحريات الاقتصادية أما ثالثا، طرحنا أسئلة حول رؤية الأفراد للمستقبل الاقتصادي في تونس ومدى إمكانية أن يكونوا فاعلين في السياسات العمومية في نظرهم. توصلنا في الأخير الى مجموعة من النتائج وهي كالأتي:
– ستة من بين سبعة مستجوبين أكدوا أنه لا يمكن الاعتماد على الدولة خاصة في المسائل الاقتصادية وأن الدولة حتى وإن قدمت لك قروضا أو منحا فهي بلا فائدة وتنصب في مصلحة اصحاب رؤوس الاموال. غلاء المعيشة وانخفاض نسبة الأجور تدل على أن الدولة في حالة عجز تام وبالتالي “لا يمكن الاعتماد عليها” ومطالبتها ببعث مشاريع او بتحسين خدمات النقل او المرافق العمومية على سبيل المثال.
– المستجوبون السبعة أكدوا أن الدولة ضامنة للحقوق والحريات الاقتصادية فقط على الورق وإنما على أرض الواقع لا يمكن الاعتماد كليا على إمكانية تطبيق القوانين فإنشاء مشاريع خاصة تعني السجن في نظرهم والإفلاس في ظل غياب كرامة المواطن الحقيقة وحقه في العمل في بلاده
– المستجوبون السبعة يرون الهجرة حلا او حتى حلما لإنقاذ انفسهم وعائلاتهم من الفقر ولتجنب الغرق في الديون وتحميل عائلاتهم عبئا ثقيلا قد لا يستطيعون تحمله.
– لا يمكن أن تحقق العدالة الاجتماعية في نظر أربعة منهم إلا بسياسيات عمومية حقيقة واستثمارات خارجية كبرى وهي لن تتحقق بدورها إلا باستقرار سياسي في حين عبر الثلاثة الآخرون عن فقدانهم الأمل في إمكانية تحسن الوضع الاقتصادي في تونس.
– أكد المستجوبون السبعة بأن الفساد قد انتشر في تونس وازداد تعمقا خلال السنوات التي تلت 14جانفي 2011 ويصعب أن نجابهه بين ليلة وضحاها والمواطن، بالنسبة إليهم، هو الذي يدفع الثمن اليوم أمام استغلاله من قبل المؤسسات الخاصة التي تعي جيدا ضعف الدولة وعجزها التام إضافة الى استفراد عائلات ما معينة وأبنائهم بالثروات الاقتصادية وبسوق الشغل. إذا كنت من عائلة غنية فستتمكن من حقك في عمل لائق اضافة الى دعم الدولة وإلا فانت ستلاقي مصيرك في البطالة كغيرك من “عامة الشعب”.
في الأخير، وفي ترابط مع ما ذكرته الأدبيات السوسيولوجية فإن المساواة الفعلية التي يلتمسها الفرد في الحقيقة تمكن من تحقيق العدالة الاجتماعية في نظره فتمثلاته للدولة لا يمكن أن تكون تمثلات نظرية قانونية وإنما هي تمثلات مرتبطة بتجارب الأفراد وتدخل مؤسسات الدولة في هذه التجارب في النفاذ مثلا الى سوق الشغل وتحقيق مكانة اجتماعية هامة. ويبرز جليا أن مسالة العدالة الاجتماعية حبر على ورق بالنسبة للشباب المستجوبين نظرا لأنهم لم يلتمسوا هذه المساواة على أرض الواقع فإن تحقيق المساواة او العدالة الاجتماعية في نظرهم مرتبط أساسا بالوضع الاقتصادي فإذا عاشت البلاد رفاها اقتصاديا يمكن أن نتحدث حينئذ عن العدل. إضافة الى ذلك، خلق انفراد أفراد وجماعات ما بالثروات الاقتصادية تفرقة، أو فوارق اجتماعية كما يراها بورديو، او انقسامات بين الـ “نحن” عامة الشعب والـ”هم” في الجهة الاخرى وهو ما أبرزه خطاب الشباب، واعتبار أن الدولة ديمقراطية في ظاهرها ولكنها منحازة الى أطراف دون اخرى وهو ما يمكن ان يفسر اندلاع التحركات الاحتجاجية في نظرهم. ثلاثة من المستجوبين شاركوا في تحركات احتجاجية واعتبروا أن الدولة لا تسمع ولا ترى وأن أول اسس العدالة هو الاستماع الى مطالب المواطنين ومحاولة إيجاد الحلول وهو ما لا يرونه في تونس.
الهوامش
- بشارة عزمي، “مداخلة بشأن العدالة: سؤال في السياق العربي المعاصر”، تبين، العدد 1 ، (صيف 2013) ، ص8
- ابن خلدون، المقدمة، دار القلم، بيروت، 1996.
- كريغ كالهون، معجم العلوم الاجتماعية، بيروت، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ص 429
- بشارة عزمي، مصدر سابق، ص 13
- نفسه، ص. 20
- Rawls, John, Théorie de la justice, Le Seuil, Paris, 1987 : en traduction française, ouvrage étant paru aux Etats-Unis en 1972.
- Rawls, John, « La théorie de la justice comme équité; une théorie politique et non pas métaphysique », in Iindividu et justice sociale, autour de John Rawls, Le Seuil, Paris, 1988.
- بشارة عزمي، مصدر سابق، ص21
- Elster Jon, “Critique des analogies socio-biologiques“, Revue française de sociologie, 1977, Vol. XVIII, pp,369-395
- EL-Baum, Mireille, « Justice sociale, inégalité, exclusion », Revue de l’OFCE, N°53/Avril 1995.
- Bourdieu, Pierre. La distinction critique sociale de jugement, Minuit, Paris, 1979.
- Boudon, Raymond, L’inégalité des chances, A.Colin. Paris, 1973.
- جيريمي ساركين، “لماذا ينبغي مفهمة العدالة الانتقالية في البلدان العربية نظريا ة تجريبيا؟ “، في : العدالة الانتقالية والانتقال الديمقراطي في البلدان العربية، مج حالات عربية ودولية ، بيروت، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ، 2022، ص 53
- الامم المتحدة، العهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية https://www.ohchr.org/ar/instruments-mechanisms/instruments/international-covenant-economic-social-and-cultural-rights
- دستور الجمهورية التونسية
- https://carnegieendowment.org/sada/85652https://carnegieendowment.org/sada/85652
نشر هذا المقال في مجلّة حروف حرّة، العدد 30، سبتمبر 2023.
للاطّلاع على كامل العدد وتحميله: http://tiny.cc/hourouf30