فكر المقاومة بين مطرقة الحصار و سندان السياسة
|عندما أسمع عبارة مقاومة..تتجه بوصلة ذهني مباشرة نحو فلسطين..فلسطين التي تعتبر من ” معاقل ” فكر المقاومة..التعاليق الساخرة لناجي العلي ، كتابات غسان كنفاني و غيرهم من المبدعين الّذين ضربوا الكيان الصهيوني في مقتل..فلم يجد من سبيل لإيقافهم غير كتم أنفاسهم..هذا الفكر الحر ساهم في صمود أجيال من الشعب الفلسطيني و أنار الدرب لقوافل من شهداء المقاومة بمختلف فصائلها..المقاومة المسلحة التي بدأت مع عبد القادر الحسيني و عز الدين القسام و تواصلت مع جيل أحمد ياسين و خليل الوزير ( أبو جهاد ) والقائمة تطول..تعاني كثيرا من نقص في المعدات القتالية و الاستخبارية..رغم التدريب العالي وهذا ما لمسته في لقاء مع أحد مقاومي كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس..فضلا عن الارادة القوية و العزم على النصر..و هو أمر متجذر لدى غالبية الشعب الفلسطيني..الحصار على فلسطين عموما وغزة خصوصا دفع بالمقاومة باللجوء إلى أساليب معقدة للحصول على السلاح على غرار الأنفاق..فضلا عن تطوير قدراتها العسكرية اليدوية الصنع بالاستعانة بخبراء في الأسلحة و المتفجرات..و في ظل هذا الفرق الواضح بين ما تملكه المقاومة من عتاد وبين درجة تسليح جيش الاحتلال، تبقى الصواريخ اليدوية سلاحا مؤرقا للعدو باعتبار أنها صواريخ غير موجهة و تستطيع أن ” تفلت ” بسهولة من أنظمة الصد الصاروخية المتطورة التي بحوزة الاحتلال.
قبل كتابتي هذا المقال،حاولت أن أتذكر موعد آخر عملية استشهادية قامت بها المقاومة الفلسطينية و خصوصا حركة حماس و هي صاحبة سجل حافل في مثل هذه العمليات النوعية..لكن ذاكرتي واجهتني بنوع من الجفاء و لم تشف غليلي..بحثت طويلا في الأسباب..فوجدت ( سريعا ) أن العيب يكمن في دخول حركة قامت من أجل اعلاء فكر المقاومة..إلى معترك السياسة و الصراعات الجانبية على كرسي أو سلطة مفقودة أصلا..حماس قبل 2006، موعد دخولها إلى معترك الانتخابات قامت بتنفيذ عديد العمليات الموجعة للكيان الصهيوني مما جعلها تصعد حسب المنظومة الأمريكية بقوة في سلم الحركات “الارهابية” نظرا لشعورهم (الأمريكان ) و من وراءهم الكيان الصهيوني بخطورة هذه العمليات وتهديدها الجدي لمصير دولة ” بني صهيون “..لكن هذا المسلسل البطولي توقف أو جمّد منذ أكثر من خمس سنوات..تاركا المجال لحماس جديدة..بقي منها إلا الإسم..الإسم اللذي عشنا معه بطولات أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي وغيرهم..حماس و بعدها صعودها إلى السلطة في غزة أصبحت تضيق كثيرا على التنظيمات المقاومة في القطاع على غرار التنظيمات “الجهادية” (لجان المقاومة الشعبية و بدرجة أقل حركة الجهاد الاسلامي ) ربما لأسباب ايديولوجية أو لأسباب قيل أنها ” تنظيمية “..و تبقى المقاومة هي المتضرر من كل هذه التجاذبات الايديولوجية والسياسية و الصراع على ” السلطة “..حتى لا أطيل عليكم..سأختم بحديث صحفي لأحد نواب الكنيست عن حزب الليكود على ما أعتقد..أبرز ما جاء فيه قوله ” أن حماس بدخولها لمعترك السياسة و الصراع على الحكم فقدت النزعة العسكرية المقاومة اللتي تميزت بها لسنوات..مثلما ما كانت حركة فتح سابقا ”
حديثي عن فلسطين ليس له حدود..و حتى لا يصيبكم الملل..سأترككم الآن..و تصبحون على وطن حر موحد.