إعلامنا الوطني على هامش الثورة … في ليبيا
|من خلال متابعتي لنشرة الأنباء الرئيسية طوال الفترة السابقة، لاحظت أن طريقة التعاطي مع ملف الاقتتال في ليبيا تتسم بالتحامل على النظام والانحياز التام للمعارضة ويظهر ذلك من خلال اجترار نفس المصطلحات التي تضج بها الفضائيات من قبيل “الثوار” ، “كتائب القذافي “… ولم يحدث أن تبادرت إلى سمعي تسمية الانفصاليين أو على الأقل كتائب الجيش الليبي … كذلك تتفق جميع التقارير على تحميل قوات النظام مسؤولية الأوضاع الخطيرة داخل الأراضى الليبية وعلى الجانب التونسي من الحدود كما لو كانت هذه الأخيرة طرفا وحيدا في صراع أحرق معه الأخضر و اليابس . وبعيدا عن زخم المواقف والاتجاهات السياسية فإنّ التلفزة الوطنية لم تحترم ضوابط وأخلاقيات العمل الصحفي في تعاطيها مع الأزمة الليبية و لم تلتزم أدنى درجات الحياد والموضوعية وبلغ ذلك حد الاستهتار واللا مسؤولية الأخلاقية والمهنية و مثال ذلك أن يتمنى مراسلنا على نفسه سقوط القائد الليبي الذي نعته بالطاغية (نشرة يوم 06/05/2011) متناسيا أنه ليس طرفا في نزاع ولا خطيبا على منبر و إنما هو صحفي يقتصر دوره على سرد الأحداث و الوقائع دون الإفصاح عما تجول به نفسه من اتجاه و ميول سياسي أو غيره . وكان حريا به و بجميع العاملين بقسم الأنباء أن يأخذوا بعين الاعتبار المهني والأخلاقي أن ليبيا دولة ذات سيادة وهي بلد شقيق تجمعنا به علاقات تاريخية وليس لأحد أن ينكر فضلها على مسيرة التنمية فى تونس و أولى بالشعب التونسي ممثلا في إعلامه الوطني أن يلعب دورا إيجابيا ويدفع باتجاه المصالحة وإخماد الفتنة وحقن الدماء الليبية و حل الأزمة داخل البيت الليبي . لكنّ هذا الإعلام الذي يفترض به أن يكون وطنيا أيّد التخاذل بالتحامل بل والتآمر ورجّح كفة طرف دون الآخر. وعلى ذلك فإن المصطلحات التعبوية من قبيل: الثورة والحرية ليست حكرا على الصحفيين و المراسلين يتشدقون بها بمنطق الفضل و التعالي و يوظفونها لابتزاز العواطف وتغييب العقول وفرض الوصاية الفكرية على المتلقي . وإذ كنا نطمح بعد الثورة أن يكون إعلامنا الوطني نزيها مستقلا و موضوعيا ..فإن هذا الأخير أبى إلا أن يكون هزيلا غوغائيا و تابعا، إن لم يكن للنظام السابق فهو ظل ونسخة عقيمة لفضائيات لها خلفياتها السياسية والإيديولوجية .
ختاما يبدو أن مسيرة إصلاح إعلامنا الوطني تبدأ بانتداب جيل جديد من الإعلاميين يكون الامتياز فيه للكفاءة العلمية و المهنية و القطع مع ثقافة الخنوع و منطق الوصاية