لقاء مرتقب بين أردوغان والأسد؟
|بقلم: أنيس عكروتي
تبدو أنقرة أقرب إلى دمشق أكثر من أي وقت مضى، فالمحادثات بين الجانبين – مباشرة أو غير مباشرة – تتعزز بوتيرة سريعة برعاية روسية ودعم إيراني، رغم أنّ كلا الطرفين متمسك بموقفه في بعض المسائل الخلافية أبرزها الوجود العسكري التركي شمالي سوريا وعودة اللاجئين السوريين.
يعود حرص موسكو على إنهاء الخلاف السوري التركي أساسا إلى تركيز جهودها على الحرب الدائرة في الساحة الأوكرانية، خصوصاً بعد الدعم العسكري الذي تلقته كييف مؤخرا من دول غربية بإمكانه قلب المعادلة أو على الأقل إنهاك التجمعات العسكرية الروسية وإطالة مدة الحرب، بل أنّ هناك من يتوقع حتى عدم اكتفاء الأوكرانيين بالمهام الدفاعية والذهاب نحو الهجوم وربما استعادة شبه جزيرة القرم.
بالعودة إلى مسار المحادثات التركية الروسية، مثل لقاء وزيري الخارجية السوري والتركي بصربيا نهاية سنة 2021 منعرجا جديدا في العلاقات الثنائية بعد أن اقتصرت ولمدة عقد من الزمن على التنسيق الأمني المخابراتي الظرفي. مهّد هذا اللقاء للقاءات أخرى بين مسؤولين سوريين وأتراك برعاية روسية، لعّل أبرزها لقاء وزيري دفاع البلدين بموسكو أواخر العام الماضي.. ومن المرجح عقد اجتماعات أخرى بين وزيري الخارجية تمهيدا للقاء تاريخي يجمع بين أردوغان والأسد وجهة لوجه.
يبدو أنّ الرئيس التركي، مع اقتراب تاريخ الانتخابات الرئاسية، في حاجة إلى الأسد أكثر ممّا يحتاج الأسد إليه وذلك مع زيادة حجم السخط الشعبي، خصوصاً لدى القوميين، على فشل السياسة الخارجية الرسمية تجاه سوريا، سخط ترجم بالإساءات اليومية التي يتعرض إليها اللاجئون السوريون من أحداث عنف وامتناع عن تأجير المساكن. هذا بالإضافة إلى التحديات الأمنية الذي تواجه تركيا وهي التي تتهم مرارا قوات سوريا الديمقراطية المتواجدة بالشمال السوري والمدعومة أمريكا، بأنها امتداد لحزب العمال الكردستاني وبالتالي تشكل خطرا على الاستقرار التركي. للإشارة، سارعت أنقرة منذ اليوم الأول إلى اتهام القوات الكردية بالمسؤولية على هجوم اسطنبول منتصف نوفمبر من العام الماضي
خارجيا، لا يمانع أردوغان ومن وراءه حزبه في تعزيز العلاقات الثنائية مع مصر والسعودية والإمارات وحتى سوريا، خاصة وأنه قام بخطوات سياسية تبرهن على استعداده لتقديم المزيد من التنازلات.
أبدت سوريا في المقابل ترحيبا رسميا بتعزيز العلاقات مع أنقرة وذلك على لسان الرئيس بشار الأسد عند لقائه مبعوثا رسميا من الرئاسة الروسية منتصف شهر جانفي، مؤكدا في الآن نفسه على ضرورة إنهاء الوجود العسكري التركي في تركيا واصفا إياه بالاحتلال.
فيما يخص الملفات العالقة، أبدت دمشق انسجاما في المواقف مع أنقرة في خصوص تحجيم دور قوات سوريا الديمقراطية ولما لا القضاء عليها خلال عملية عسكرية مشتركة بين الطرفين. فيما عدا ذلك، عبرت سوريا عن عدم استعدادها لرجوع اللاجئين وذلك لاعتبارين أساسيين، أولهما الأزمة الاقتصادية الخانقة وثانيهما تخوف دمشق من تدهور الاوضاع الأمنية خاصة وأن نسبة هامة من اللاجئين غير متوافقين مع النظام.
رغم ارتفاع نسق المحادثات واتخاذها جانبا رسميا إلا أن الطريق بين دمشق وأنقرة لا يزال طويلة.. الكرة تبدو في ملعب أردوغان، ومن المرجح قيامه بانسحاب عسكري جزئي ومساهمته في جهود إعمار سوريا كبادرة حسن نية، ربما تمكنه هذه الخطوات من ربح أمتار إضافية قبل الانتخابات. وربما نشهد لقاء الرئيسين قبل انتهاء الربيع، وهو لقاء ربما يكون حاسما في نتيجة انتخابات ستكون بنكهة قومية خالصة…
نشر هذا المقال في مجلّة حروف حرّة، العدد 23، فيفري 2023
للاطلاع على كامل العدد: http://tiny.cc/hourouf23