وهم السيادة

بقلم: راضية لعريّض

تجسّد الصّور الكاريكاتوريّة أعلاه وهم السّيادة بالصّورة مختزلا العبارات التي تصف فعل “الخاصّة” في قيادة “قطيع العوام” باستعمال سلطة المال سدّا لرمق البطون الخاوية.

البرنامج الانتخابي: تتجلّى الوعود الانتخابيّة في شكل نقاط مرتّبة ترتيبا عدديّا “ماليّا”: خامسا: الوعد الخامس تجسّده ورقة نقديّة من خمسة دنانير تستوي “العمل على محاربة الفقر” أيْ سيجتهد صاحب هذا البرنامج الانتخابي على محاربة الفقر متوسّلا خمسة دنانير قيمة مالية “ثمينة” في مواجهته.

الحملة الانتخابيّة: اختار لها المرشّح عبارة “عالمكشوف” عبارة ساخرة عن الحملات التي تجري خلسة أيْ يُغري المترشّح العوام بالمال لدفعه الى التّصويت له وانتخابه شكرا على جزيل بذله وعطائه من مال فجأة في سبيل توفير “لقمة العيش” لبرهة…  ما يلفت النّظر في هذه الحملة انّ المترشّح قد اتّخذ خزينة أمواله قاعدته الصّلبة ذلك أنّ فكره السّياسي يستقيم في الأوراق النّقديّة “فلسفة” في الحكم، وأنّ منصّته الخطابيّة هي صناديق إعانة للشّعب الفقير، هذه الإعانات هي التي تُشرّع له أنْ يعتلي منصّة الحكم لإدارة شؤون العوام.

نتائج الانتخابات: ميزان العدالة يحمل في كفّيْه شعبا انتصرت سيادته بفوز مرشّحه “المختار” الذي سيقوده بعصا العسكر، فهو لم ينتصر إلاّ بفضل ممارسة “وهم السّيادة” سلوكا يتجلّى في إغراء العوام بالمال ودفعهم الى تصديق المرشّح ومنحه ثقتهم.

” لو كان الفقر رجُلا لَقتلْتُه” (عمر بن الخطّاب)

الفقر هو الجوع بالمعاني الصّواحب التي يثيرها، إنّه العجز عن توفير ما يفرضه مذهب “الضروري في الحياة” وهو الطّعام والماء والّلباس كيْ يتسنّى للإنسان أنْ يختار ما به يؤثث مذهب “الملذوذات” أيْ ممارسة هواياته الفنيّة والأدبية والرياضيّة، تسبّبت في ظهوره البطالة أيْ العجز عن العثور عن عمل يوفّر مالا يضمن تحقيق هذه “الحاجة الى الحياة”. فقير صفة شاع استعمالها في نمط الوصف قراءة لجغرافيا البلاد التونسيّة السكّانيّة.

يُحصي تقرير المعهد الوطني للإحصاء في سبتمبر 2020 توزّع نسبة الفقر على الخريطة التونسيّة[1]

المدن الدّاخليّة

معتمدية حاسي الفريد من ولاية القصرين 53.5%

معتمدية جدليان من ولاية القصرين 53.1%

معتمدية العيون من ولاية القصرين 50.1%

المدن السّاحليّة

معتمدية سجنان ولاية بنزرت 39.9 %

معتمدية شربان ولاية المهدية 36.9%

الفقر في مختلف مدن البلاد التونسيّة سواء ذلك أنّ القول بتنمية المدن السّاحلية وتجاهل المدن الدّاخلية لا يستوي حقيقة واقعيّة من خلال هذا الإحصاء بل يشتكي المواطن التّونسي الحاجة الى ما يسدّ رمقه بعيدا عن انتمائه الجغرافي بما يحمله من تفاصيل هويّة محليّة لم يبلغ شأنها القدرة على القضاء على الفقر.  يُشير الإحصاء الى نسبة فقر تجاوزت نصف عدد السّكان في المعتمدية 53.3 % ويؤكّد منير حسين عضو الهيئة المديرة للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة أنّ ” دوامة الفقر لا تراجع فيها ستؤدي الى مزيد من الهشاشة خاصة في ظلّ التمسّك بمنوال التنمية ذاته الذي أثبت قصوره.” ويفسر مساوئ النّظام الاقتصادي الحالي التي تتجلّى في ضعف الأجور وارتفاع الأسعار أيْ ما يعطى باليد اليمنى “جزاء العمل” لا يساوي ما يؤخذ باليد اليسرى ” ثمن البقاء على قيد الحياة”. يشير المقال الى مخلّفات جائحة كورونا الاقتصاديّة ذلك أنّ فرض الحجر الصحيّ الشامل قد أحال آلاف العمّال على البطالة الفنيّة إثر غلق العديد من المنشآت السياحيّة والصناعيّة. فارتفع معدّل البطالة من 15.1% الى 21.9 % ليكون سببا في ارتفاع نسبة الفقر ومعاناة العوام الحاجة الى “الخبز والماء”.  يؤكد منير حسين أنّ ” الفقر لم يعد يُقاس فقط من خلال معدّل الأجر الأدنى للفرد وارتفاع معدّلات البطالة إنّما أصبح فقرا متعدد الأبعاد يأخذ بعين الاعتبار النفاذ الى الخدمات الأساسية والحقوق الاقتصاديّة والاجتماعية خاصة التعليم والصحّة.”  ارتقى الفقر فلم يعد صفة تُطلق على البطون الخاوية، بل هي الحاجة الى ممارسة الحق المدني الذي يشرّع للإنسان صفة المواطنة مزاولة التعليم والتمتّع بحق العلاج. الفقر إنّه الجوع الى “الحقّ في الحياة”

“ورقة الاقتراع أقوى من طلقة البندقية” (أبراهام لينكولن)

صوت في الانتخابات تنفذ قوّته ليتجاوز أثره رصاصة بندقيّة ذلك أنّ هذه الأخيرة تمزّق جسد الإنسان فتصبغه دما علامة على زواله وموته في حين يخترق الصوت الانتخابيّ جسد البلاد فيقرّر له مصيرا قد يحتفي بميلاد ديكتاتورية شعارها الظّاهر سيادة الشّعب وسبيلها خلسة قيادة “القطيع” برصاصة البندقيّة.

ينصّ قانون الانتخابات في تونس (قانون أساسي عدد 16 لسنة 2014 مؤرخ في 26 ماي 2014) على كون فعل الانتخاب عامّا/حرّا/مباشرا/سريّا/نزيها/شفافا: تؤكّد هذه الصّفات شفافية ممارسة التّصويت أيْ أنْ يختار الشعب من يمثّله في السّلطة ويسيّر شؤونه دون التعرّض الى نصح أو توجيه أو ضغط.  يفرض الالتزام بالحياد والتعامل بنزاهة مع المترشحين و” تجنّب كلّ ما من شأنه أنْ يؤثر على إرادة النّاخبين”. 

يضبط قانون الانتخاب المراحل التي تسبق فعل الاقتراع (الحملة الانتخابية، فترة الصمت) ويحدّد قواعد لتمويل الحملة الانتخابية ينجرّ عن عدم الانضباط لها عقوبات ذات طابع مالي وزجري.

هكذا فرض النّظام الديمقراطي قانون انتخابات ينظّم فعل التّصويت بما يضمن “سيادة الشّعب” أيْ حقّه في تقرير مصير يشفع له بممارسة ”حقّه في الحياة“ يدعمه قول الرّئيس التونسي قيس سعيّد ” السيّادة للشّعب والبقيّة وظائف وليست سلط” ذلك أنّ من سيختاره الشّعب لتسيير شؤونه قد منحه وظيفة مقابل أجر شهريّ ولم يمنحه سلطة ونفوذا لاستغلاله والسّيطرة عليه.

 

“كلام اللّيل مدهون بالزّبدة يطلع عليه النّهار يسيح”

يتواتر هذا المثل الشّعبي بين العوام سّخريّة من  الانسان الذي يهدر وقتا ثمينا في التّنظير والقول أيْ  الاعتكاف على الخطاب الشّفوي أو المكتوب عبادة ترسم للسّامع روض الجنّة حلما طوباويّا يتلاشى حقيقة في نسيم الهواء لأنّ التلفّظ نسق خطّي تندثر فيه العلامة اللّغوية في الهواء لتفسح المجال للكلمة التي تليها عملا على إبلاغ الرّسالة وما رسالة “بائع الألفاظ” إلاّ قول نظريّ منمّق يُشبه “كلام اللّيل” أي السّمر ليلا وقد وصفه المثل الشّعبي “مدهون بالزّبدة’ ذلك أنّه قول حسن  لا يزعج السّامع أو يستفزّه بل  هو جميل الوقع في أذنه وسلس الهضم في عقله تماما مثل “الزبدة” التي تستعمل في طبخ الحلويات فهي تجعلها ناعمة مُتقنة الصنع  عذبة في أكلها، غير أنّ إشراق الشّمس وتغيّر حال الطّقس من الليل الى النّهار يُنذر ب “يسيح” أيْ تسيل الزبدة وتتلاشى كأنّها لم تكن فتظهر عيوب الحلويات ومساوئها  “تشقّقا”  علامة على “فساد” هذه الحلويات إذْ ” لم تعد صالحة للأكل”  وهو الأمر عيْنه بالنّسبة الى خطاب “هواة القول”  (والمقصود هنا المترشّحون إلى الانتخابات) ذلك أنّ نظريّاتهم في الحياة تختفي فجأة صباحا عندما يلحظها ضوء الشّمس أيْ يباغتها مطلب “التطبيق واقعا” فتصطدم بقصورها على التحقّق حقيقة عينيّة تتجسّد في أعمال تُحاكي القول وتنفّذه  علامة على “سلطة وهم القول” التي تُخضع العلامات اللغوية الى رقابة “Discours censuré”  هي حظر تحقّقها واقعا.

تُظهر نتائج الدّور الثّاني من الانتخابات الرّئاسيّة 2019 عزوف الشّعب عن ممارسة حقّه “الانتخاب” ضمانا “لسيادته”، فمن جملة النّاخبين المسجّلين (7.740 ملايين ) لم يصوّت سوى 3.892 ملايين، ممّا يعني امتناع أكثر من نصف الناخبين عن ممارسة هذا الحقّ.

“سيادة المال الإنتخابي”

اختار الصحفي في قناة الجزيرة ناجح الزغدودي أنْ يضع لمقاله عنوان ” في أرياف تونس… أصوات انتخابيّة لمن يدفع أكثر”، تتجلّى هذه الهبة الماليّة هديّة نقدا يُمنح الى العوام لشراء أصواتهم مقابل دنانير لا تسدّ الرمق ولا تفي بالحاجة الى سبيل طويل الأمد يعالج الوضع الاقتصادي ويضمن حياة كريمة للمواطن في وطنه.

تتنوّع الهبات وتختلف أشكالها أمّا أشهرها فهي بعنوان جمعيات خيريّة لمساعدة الفقراء وهي جمعية خليل تونس وجمعيّة عيش تونسي وحجّة هذا الرّأي ما ورد في تقرير البعثة ” قام البرنامج الذي يحمل اسم هذه المنظمة ويتم بثّه يوميّا  في أوقات الذّروة بتنظيم حملات خيريّة قام المتطوّعون بتوزيع النواد الغذائيّة والملابس والأجهزة المنزليّة تتخللها لقطات يعبّر من خلالها المستفيدون عن امتنانهم للجمعيّة التي أسسها نبيل القروي 2016 وكان هو مقدّم البرنامج الى سنة 2019 ”  وحجّته الثّانيّة ما صدر عن المرأة التي كانت بانتظار صاحب هذه الجمعية لحظة خروجه من سجن المرناقيّة  قائلة باللهجة العاميّة التونسيّة ” ربّي مع الزّوالي/ ربيّ ينقذ الزّوالي / ربّي  مع نبيل ربي يخليه لنا وينقذ الزواولة”. هذا القول تعبير عن أثر المترشّح وجمعيّته في هذه الفئة من الشّعب فئة الفقراء وهم أغلبيّة هذا الشّعب، وهذا تعبير تصريح مباشر عن اختيارها له في الانتخابات لأنّه في نظرها “منقذ الفقراء” بسبب المساعدات الخيريّة التي يقدّمها[2]. 

يكشف الصحفي هيثم المكي في فقرة à la une في إذاعة “موزاييك أف أم” السّياسة التي تتبعها هذه الجمعيّات الخيرية في سبيل “الوصول الى السّلطة” وهي اتّخاذ صفة الجمعيّة قناعا تتهرّب به من شروط الانتخابات الماليّة “سقف التّمويل” الذي ينتفع به المترشّح لضمان حسن تسيير حملته، ذلك أنّ هذه الجمعيات لا تلتزم بسقف تمويل محدّد بل تستطيع أنْ تستفيد من مصادر تمويل مختلفة دون حدّ للقيمة المالية التي تتسلّمها وتستغلّها في الاشهار لنفسها أو للمترشّح الذي تدعمه باستعمال أسلوب المساعدات الخيرية  الذي يصف الصّحفي “بالرشوة السياسيّة”[3].

يختم الصّحفي فقرته بالتأكيد على أنّ هذه الجمعيات لا يتُنقد في وسائل الإعلام ولا تتعرّض الى مساءلة عن مصادر تمويلها وسبيل إنفاقها، لأنّها تساهم في تمويل وسائل الاعلام الخاصّة ودفع المشاهد الى متابعتها.

لكن ما يثير العجب في تفاصيل الحملات الانتخابيّة حدثان يلفتان الانتباه:

أثار الصحفي ناجح الزغدودي الانتباه الى استغلال مساعدات الدّولة سبيلا لشراء الأصوات ذلك أنّه “مع اقتراب العودة المدرسيّة في 17 سبتمبر 2019 خصصت الحكومة مساعدات في شكل أدوات مدرسيّة للعائلات بالمناطق الريفية الفقيرة وقد تم توزيعها بالإدارات المحليّة لكن ثبت استغلال موظفين حكوميين لها ذلك أنّهم يوزعون المساعدات مقابل مطالبتهم أصحابها بالتصويت للمترشح الذي يدعمونه.” هكذا تحوّلت الدولة عينها “جمعيّة خيرية ” ذات نوايا مبطّنة بسبب أعوانها الإداريين الذين استغلوا حاجة العوام الفقراء الى هذه المساعدة وفرضوا عليهم تصويتا “لا يسمن ولا يغني من جوع”.

تقرير حكومي نشرته دائرة المحاسبات عن نتائج مراقبة تمويل الحملة الانتخابية لعضوية المجالس البلديّة قدّم كشوفا بنكيّة لا تغطّي كامل الفترة الانتخابيّة ولا تتضمّن جميع العمليات البنكية المنجزة. [4] وما ثير الانتباه هو التبرعات التي تلقّتها حركة النّهضة 2016/2017/2018 من متعاطفين معها تبيّن أنّ 68 شخصا منهم متوفون ويحتجّ عضو في هذه الحركة لهذا الحدث بقوله: ” تبرّع البعض من المتوفين هو تقليد داخل الحركة، هو جزء من الوفاء والالتزام لبعض المنتمين للنهضة من آباء وأبناء لخدمة الحزب أحياء كانوا أو أمواتا حيث يكتسي طابعا خيريا يقدّم على شكل صدقات جارية”. هكذا لا يكتفي المتوفون بالتصويت فقط بل يتبرعون بأموالهم في سبيل نجاح المرشّح الذي يدعمونه.

سيادة وسائل الإعلام ومواقع التّواصل الاجتماعي:

عدل المواطن عن الفعل “إقرأ” سبيلا وحجّة في التّعرّف على سيرة المترشّح وبرنامجه الانتخابيّ وإعمال عقله بفعل التّفكير الذي يحميه من “سلطة المشاعر” فاختار الوسائط الرّقميّة وسيلة في ممارسة هذا “الواجب”.  سجّلت بعثة الاتّحاد الأوروبي لملاحظة الانتخابات أنّ هناك ثلاثة وسائل إعلام خاصّة لها علاقة مباشرة بشخصيّات سياسيّة تبثّ دون ترخيص وهي قناة نسمة وقناة الزيتونة وإذاعة القرآن الكريم.

تثبت هذه الاحصائيّات أنّ وسائل الاعلام الخاصّة قد تجاوزت سلطة “الهايكا” وهي هيئة تعديليّة لوسائل الاعلام السّمعيّة والبصريّة وتتمتّع بسلطة تسليط عقوبات على وسائل الاعلام، ذلك أنّ كل قناة قد خصّصت جزء كبيرا من التّغطية للمترشّح الذي تدعمه عملا بوقع هذه الوسائل في رأي الشّعب “إدارة الرّأي العام وتوجيهه” هكذا إذن تُشرى الأصوات بفضل بثّ سمعي-بصريّ يُغري المشاهد بجنّة طوباويّة :

-قناة الحوار التونسي: 52% من الوقت المخصص للحملة لفائدة حزب قلب تونس وجمعية عيش تونسي.

-قناة نسمة 42 % من الوقت المخصص للحملة لفائدة نبيل القروي

-قناة التاسعة 54% من الوقت المخصص للحملة لفائدة قلب تونس وحركة النهضة وحزب ائتلاف الكرامة.

لاحظت البعثة الأروبية لملاحظة الانتخابات في 2019 وجود عدد من الصّفحات الإشهاريّة لمختلف المترشّحين لم يتمّ التصريح بها الى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وهي تنشر إعلانات مدفوعة الأجر خلال فترة الصّمت الانتخابي ويوم الاقتراع الاوّل منها: صفحات المرشحين الى الانتخابات الرئاسيّة الصّافي سعيد/ حمّة الهمامي/حاتم بولبيار. وقد تمكّنت البعثة عموما من رصد 840 إعلانا مدفوع الأجر لصالح 58 قائمة مترشّحة في الانتخابات التّشريعيّة بما في ذلك 241 اعلانا تمّ بثّها خلال فترة الصّمت الانتخابي ويوم الاقتراع. ألغت الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات نتائج “عيش تونسي” في دائرة فرنسا 2 عبر سحب 207 صوت من نتائجها بسبب لجوئها الى الاشهار عبر الفايس بوك خلال الحملة الانتخابيّة. هذا الحدث خير دليل وحجّة على توظيف هذه الوسائط في توجيه الرّاي العامّ والتحكّم فيه. وما يعرقل قدرة الهيئة على التحقّق من مصادر التمويل على هذه الوسائط وحجمها هو عٌسر الحصول على مكتبة الإعلانات وهي أرشيف إعلانات على الأنترنات تمّ إنشاؤه من قبل الفايس بوك يعرض تفاصيل النفقات التي تمّ إجراؤها وتاريخ هذه الإعلانات. اختصرت منظّمة ” I watch ” ما أطلقت عليه ” الحوادث الحرجة” في رسم بيانيّ وهو “الجرائم الانتخابيّة التي يعاقب عليها القانون لأنّها تصنع “وهم السّيادة”

انتهت بعثة الاتحاد الأوروبي الى القول “إنّ سقف الإنفاق لا يمثّل قيدا ناجعا حتى الآن” ذلك أنّ نظريّة قيود الانفاق وشروطها قولا لا تتحقق واقعا بسبب سلطة “الطّرق الملتوية” وسيادتها.

وهم السّيادة حقيقة لا يقبل العقل المفكّر النّاقد تجاهلها ويشهد هذا التقسيم العددي في نتائج الانتخابات: الاغلبيّة والأقليّة عن قصور في تحقيق السّيادة كشعور فرديّ وجماعيّ معا، لأنّ قانون الانتخابات لا يتيح حقّ الاقتراع للجميع، إذ يحظر التّصويت على أفراد الجيش والأمن. في المقابل، يُمتّع السّجناء بهذا الحقّ لكن دون وجود تدابير تسمح لهم بممارسته!!

كشفت منظّمة الدّفاع عن حقوق الأشخاص ذوي الاحتياجات الخصوصيّة أن 267 ألف تونسي تحصّلوا على بطاقة إعاقة للاستظهار بها قبل الدخول للاقتراع لتلقّي المساعدة في حين أنّ 1.3 مليون تونسي يحملون إعاقة. وقد لاحظت بعثة الاتحاد الأوروبي أنّ هناك طلبات لأشخاص يحملون إعاقة يرغبون في أنْ تتمّ مساعدتهم عند الادلاء بأصواتهم جوبهت بالرّفض حرصا على عدم التدخّل!!

ختاما، الأقليّة الأكثر اضطهادا لفكرها وثقافتها هي “المثقّف العضوي” الذي يعمل على توعية شعبه ويلتزم بإيقاظ العقول وتنبيهها لسياسة “الرّشوة” لكنّ “سيادة الفقر المادّي” هي الأقوى لأنّ المواطن في حاجة الى “خبز وماء” كي يحيا ثمّ سيأتي فعل التفكير لاحقا. ولعلّ قصيدة الشاعر أحمد مطر ’الرئيس المؤتمن“ أبلغ تعبير عن هذه السيادة الموهومة[5].

الهوامش

  1. بدر السّلام الطرابلسي، خارطة الفقر تلتهم تونس، موقع نواة، مقال نُشر في 11/11/2020
  2. https://www.youtube.com/watch?v=87nVi9oMMR0
  3. https://www.youtube.com/watch?v=K2UHuckdwfs
  4. https://www.aljazeera.net/news/politics/2019/4/27/%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%B6%D8%A9-%D9%86%D8%AF%D8%A7%D8%A1-%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3-%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D8%B2%D9%88%D9%8A%D8%B1
  5. https://www.maqola.net/quote/28579/

نشر هذا المقال في مجلّة حروف حرّة، العدد 19، سبتمبر 2022، ص. ص. 12-15.

 للاطلاع على كامل العدد: http://tiny.cc/hourouf19

Please follow and like us:

اترك رد

Verified by MonsterInsights