رفقا بالطفولة…
|[et_pb_section admin_label=”section” fullwidth=”off” specialty=”on”][et_pb_column type=”3_4″ specialty_columns=”3″][et_pb_row_inner admin_label=”row_inner”][et_pb_column_inner type=”4_4″ saved_specialty_column_type=”3_4″][et_pb_text admin_label=”النص”]
بقلم: وجدان المقراني
تعد ظاهرة تشغيل الأطفال القاصرين انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان، إلا أنها تشهد تزايدا ملحوظا وذلك لارتباطها أساسا بالفقر وبزيادة معدلات البطالة وتردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية. فيتم إرغام الطفل على الخروج للعمل خاصة في الوسط الفلاحي والأنشطة غير المهيكلة وداخل المنازل ليوفر دخلا لأسرته . كما يجب التمييز في هذا الخصوص، بين أطفال الشوارع باعتبارهم أطفالا بلا أسر، وبين الأطفال الذي يعملون من أجل إعالة عائلاتهم التي عجزت على حمايتهم باعتبار أنهم قاصرون وجعلتهم ينقطعون عن الدراسة في سن مبكرة.
و قد نشرت وزارة التربية أرقاما رسمية تفيد أن مائة ألف تلميذ غادروا مقاعد الدراسة في سنة 2013 وأن 60 بالمائة من المنقطعين عن الدراسة هم من الإناث. وعلى الأرجح، فإنّ عددا كبيرا منهنّ أجبرن على العمل كمعينات منزليات.
تنطلق مأساة هذه الطفلة الصغيرة حين يتم إعلامها أنها ستنقطع عن الدراسة فيكون هذا الخبر بمثابة صاعقة نزلت على رأسها…حين تفكر أنها ستحرم من الدراسة ومن أصدقائها، ومن معلمتها التي لطالما حلمت أن تكون مثلها …ربما كان تفكيرها منطقيا أكثر من والدها الذي طلب منها أن توفر المال وهي مازالت طفلة…أما هي فأرادت أن تكمل دراستها ثم تعمل لتحصل على مرتب، ولكنها اكتشفت أنه لا معنى لإرادتها مادمت مجبرة على تطبيق أوامر والدها….ثم تتواصل مأساتها حين يتم إعلامها أنها ستغادر منزلها نحو منزل آخر مختلف عن منزلها الذي قد يكون بسيطا متواضعا ولكن بالنسبة لها هو أكثر دفئا, إذ يكفيها أنها محاطة بعائلتها وبإخوتها. غير أنّها الآن ستذهب إلى منزل تسكنه عائلة لم تعرفها من قبل، عاداتهم مختلفة عن عاداتها، و لكنها مجبرة لا فقط على التكيّف معهم ولكن على طاعتهم وخدمتهم وقبول إهاناتهم وربّما حتى تعنيفهم… فهي مرغمة على تحمل كل هذه التجاوزات في حقها مقابل حصولها على أجر شهري…و لكن هل يوجد أجر يضاهي استغلال طفلة صغيرة وإرغامها على خدمة عائلة كاملة دون أدنى رحمة ؟ … أي أجر يضاهي حرمانها من الدراسة ؟..أي اجر يضاهي تعنيفها لأنها كسرت كأسا عن غير قصد ؟…. أي أجر يضاهي شعورها بالبرد لأن ملابسها متهرئة ولكنها لا تملك غيرهم فتضطر أن ترتاديها في فصل الشتاء القارس ؟… أي أجر يضاهي حرمانها من الأكل معهم وإرغامها على أكل ما يتركونه ؟ ….أي أجر يضاهي إرغامها على النهوض باكرا في الوقت الذي يحتاج جسمها للنوم حتى يكتمل نموها ؟ … أي أجر يضاهي لوعة اشتياقها لعائلتها ؟…
ويعد هذا الثلاثي المتكون من الأب والسمسار والمشغل مسؤولا على العذاب الشديد الذي تعيشه هذه الطفلة التي أصبحت معينة منزلية رغم صغر سنها. فأنانية والدها وقسوة قلبه جعلته يبعث بابنته لتعمل دون أن يهتم إلى عواقب ذلك الجحيم على نفسيتها فيصبح الأجر الذي يأتي لاستلامه شهريا هو كل ما يربطه بطفلته مقابل قيامها بجميع الشؤون المنزلية لتلك العائلة المشغلة والتي تعتبر مقتدرة ماديا وربما أغلب أفرادها يعملون أي أن لديهم مستوى دراسي واجتماعي مرموق لكن ذلك ليس بالضرورة ضمانا على حسن معاملة المعينة المنزلية، فأغلبية العائلات المشغلة تفتقر معاملتهم للإنسانية ويتعمدون الإساءة في تعاملهم مع المعينة المنزلية ..وأما الوسيط أو كما يعرف بالسمسار تكون مهمته هو التحكم في تنقل المعينات المنزليات من منزل إلى أخر، كما يتفاوض مع العائلة المشغّلة حول أجرها وحول عمولته بما أنّه هو الذي عرّف العائلة المشغلة على والد الطفلة .
ورغم عدم توفر إحصائيات وأرقام رسمية دقيقة، فإن العديد من المعينات المنزليات القاصرات يتعرضن إلى أشكال مختلفة من العنف مادي والاستغلال جنسي. كما يحرمون من عطلة خالصة الأجر وغيرها من التجاوزات التي لم تجد ردعا قانونيا يضاهي قيمة تلك الخروقات وربما يعود ذلك لخوف المعينات من تقديم شكايات بمشغليهم خوفا من العواقب، وربما نتيجة يقين العائلات المشغلة أنهم فوق القانون وأنهم ملكوا تلك المعينة المنزلية ولا أحد يحق له أن يحاسبهم على تعنيفهم وانتهاكهم لحقوق تلك الطفلة الصغيرة التي ينص دستور بلادها أن حقوقها المتمثلة في ضمان الكرامة والصحة والرعاية والتربية والتعليم هي مسؤولية أبويها ومسؤولية الدولة أيضا. و قد أشار وزير الشؤون الاجتماعية السابق السيد خليل الزاوية بهذا الخصوص إلى أن أكثر من 200 مليون طفل في العالم معظمهم أقل من 15 سنة يعملون و لا يذهبون إلى المدارس , من بينهم 100 مليون طفل يواجهون أسوأ أشكال الاستغلال , مشيرا إلى أن نسبة تشغيل الأطفال التونسيين لا تتجاوز 2 في المائة . في حين أقر وزير الشؤون الاجتماعية الحالي السيد أحمد عمار الينباعي بانتشار ظاهرة تشغيل الأطفال بعدد من الجهات من البلاد التونسية، و اعتبر أن الأطفال الذين يتم إجبارهم على العمل في المنازل قد ازدادت أعدادهم في الفترة الأخيرة مما يستوجب إيجاد حلول جذرية للحد من هذه الظاهرة معلنا عن تشكيل لجنة لتشخيص هذه الظاهرة ومعالجتها وذلك خلال أشغال ورشة عمل انتظمت بتونس العاصمة بتاريخ 6 ماي 2014 لوضع خطة العمل الوطنية حول منع تشغيل الأطفال و التي تم خلالها إعطاء إشارة الانطلاق لتنفيذ هذه الخطة وذلك بالعمل على رصد واقع تشغيل الأطفال في تونس ومنع استغلالهم لغايات اقتصادية، والحرص على مراجعة التشريعات وتفعيل بعض القوانين التي لم تطبق بعد، وتفعيل آليات مكافحة ظاهرة الاستغلال الاقتصادي للأطفال وغرس ثقافة حقوق الطفل والسعي لرفع مستوى الوعي لكثير من أفراد المجتمع وخصوصا منهم الفئات الأكثر فقرا والتي تدفع بأبنائها إلى العمل في المنازل دون أي وعي بخطورة هذه الظاهرة، لان آثارها السلبية ستنعكس على المجتمع بشكل عام وعلى الأطفال بشكل خاص. و عليه، يعتبر القضاء على ظاهرة تشغيل القاصرات مدخلا رئيسيا لصون كرامتهن و جعلهن يتمتعن بكافة حقوقهن دون اختلاف مع غيرهن من الطفلات اللاتي يتمتعن بحياة كريمة.
[/et_pb_text][/et_pb_column_inner][/et_pb_row_inner][/et_pb_column][et_pb_column type=”1_4″][et_pb_sidebar admin_label=”Sidebar” orientation=”right” background_layout=”light” area=”sidebar-1″ remove_border=”off”] [/et_pb_sidebar][/et_pb_column][/et_pb_section]
الموضوع مطروق بطريقة جيدة جدا
الف شكر سي محمد