“دنيا أخرى”… بين التهريج وهوس نسب المشاهدة
|بقلم: أنيس عكروتي
تابعت للسنة الثانية على التوالي سلسلة ” دنيا أخرى ” التي تبثها قناة الحوار التونسي إثر أذان صلاة المغرب، لتكون بذلك الفاتحة التي يستهل بها عدد هام من التونسيين سهرتهم الرمضانية ( حسب نسب المشاهدة).
النجم الأول للسلسلة كريم الغربي يتميز حقا بموهبة في شد الجمهور عبر نوع من ” الضمار الشعبي ” يجد فيه سكان الاحياء الشعبية (خاصة) أنفسهم.
حضوره التلفزي يضفي شيئا من الديناميكية خصوصا مع الجيل الشاب للكوميديا ( بسام الحمراوي، فيصل الحضيري وغيرهم).
ما يعاب عليه وهو ما ظهر بقوة في الجزء الثاني من سلسلة دنيا أخرى، هو جنوحه لكليشيات ركيكة مستهلكة هي أقرب التهريج الرديء منها للكوميديا، إضافة إلى سقوطه في التكرار كذلك وتجسيده لمقالب جاهزة استهلكت سابقا وترديده لعبارات أضحكت الناس سابقا.
هذا يحيلنا كذلك الى مسؤولية سامي الفهري في ضعف النص الى حد الوقوع في الرتابة.
فمشهد صفع الصادق حلواس ” البرنس ” لكريم الغربي ” صبري ” تكرر بصفة كبيرة إلى حد الملل.
نعيمة الجاني الممثلة القديرة فاجأتنا بحضورها الباهت جدا وانتظرنا منها أداء أكثر اشعاعا خصوصا أنها سبق وأدت هذا النوع من الأدوار بنجاح.
فيصل الحضيري كذلك كان بإمكانه أن يخرج من جلباب شخصية ” مبروكة ” التي أداها في برنامج ” لاباس” على القناة نفسها، فهو يملك، شأنه شأن بسام الحمراوي، قدرات ومواهبة كبيرة خصوصا مع تكوينها المسرحي وكثافة المادة التي يقدمانها من برامج ومسرحيات ومسلسلات.
بعيدا عن هذه الجوانب الفنية يبرز الهوس الكبير بنسب المشاهدة والتركيز التام على ما يطلبه عامة المشاهدين، وهو اختيار على مشروعيته لا يمكّن العمل من التقدم والتواصل ويكبل حتى الممثلين ويجعلهم أسرى لنفس النوع من الشخصيات… ولنا في ذلك سلسلة ” نسيبتي العزيزة ” التي تبث على قناة نسمة والتي سقطت بقوة في الرتابة وفقدت ذلك الاشعاع الذي ميز الجزء الاول وحتى الثاني.
التجديد في النص وحتى في الشخصيات وتقنيات الاخراج مهم لاستمرارية العمل مستقبلا أو حتى لا نجد أنفسنا في نسخ للأعمال نفسها… التجديد يخلق نفسا جديدا ويشد المشاهد وبذلك لا تتأثر نسب المشاهدة. لذلك فمن المهم ايجاد تركيبة متوازنة بين الجانب الفني والجانب المالي الاستشهاري.