البحث عن حمالة الحطب في صحراء تطاوين
|بقلم: كمال عتيق
وقفة استراحة لهارب من الجحيم وحوار مع رفيق ضرير جائع يبحث عن الحطب !
– ماذا ترى ؟
– أسلاك شائكة تحرسها أسراب من الغربان السود
-صف من التين الشوكي الممتد على طول الشريط الساحلي
– زيتون… أترى غابات زيتون ؟
– لا
– فسفاط، ملح، حديد، أي شيء… أسرع، الجوع يعصر معدتي
– أنا أيضا جائع
– حاول ألا تبعث البصر بعيدا فمن تحت هذه الأرض يستخرجون الحطب !
– لا أرى سوى دخان أسود كثيف منبعث من مكان ما
– عجيب !
– يبدو أنه دخان المحارق
– اللعنة ! انهم أطفال الأحياء الفقيرة يحرقون العجلات المطاطية ليستخرجوا منها النحاس
– لقد حزرت ذلك أنا أيضا، لكن انتظر قد يكون طائر الفينيق يحترق !
-غير مهم… أنا جائع
– فليهلك اذا، سأحاول من جديد
– نعم حاول ،، ابحث عن الفسفاط.. إنه مشبع
– اصمت! انني أرى حمالة البلاستيك العوراء تبكي نعش طائر الفينيق
– وماذا تقول ؟
– تقول أن الفسفاط هاجر الى الشمال
– لا تحفل بها، سوف نهلك
– اللعنة
– على من ؟
-على أبي لهب وامرأته حمالة الحطب. إني إرى شبحها يطوف في المكان وفي جيبها عقود استخراج الحطب !
-ماذا ؟ فلنلحق بها إذا
-هيا، اركض من هنا ولتحترس من جداول الخراء !
– دعك مني، وقل لي ماذا ترى ؟
– لا شيء بعد
– حاول أن تشم رائحتها، انها نفسها رائحة بحر الشمال الطري العبق
أتساءل ونحن ندوس في الخراء الأسود قبل أن يحولوه الى حطب… ما الجدوى من التساؤل ؟ وفجأة لفنا الصراخ و الغبار ودخان شاحنات الحرس الوطني
صرخ الأعمى : لحظة انني اسمع حفيف ثوبها يقترب
– احترس، احترس !
وتراجعت إحدى الشاحنات الى الوراء وبدل أن تصدم طيف حمالة الحطب صدمته ’’عن طريق الخطأ ’’
قال وهو يحتضر: ماذا ترى ؟
– أرى كثبانا من الرمال ونخلة تحترق وحطب
– أترى حمالة الحطب ؟
– لا
– إن رأيتها فافتكّ منها العقود والحطب
صمت هنا يلفه الصخب والنخلة على حالتها الأولى ما تزال تحترق !