سأنتخب…
|تشهد تونس بعد بضع ساعات انتخابات تعددية هي الأولى في تاريخ البلاد. هذه الانتخابات وإن كانت ستتوفر فيها كل معايير النجاح من تعددية غير مقيدة وحيادية الدولة والنظام إلا أنه هنالك العديد من النقاط التي تجعل هذه العملية الانتخابية شبيهة بأولى خطوات الرضيع، وذلك لأسباب متعددة تتمثل أساسا في إقصاء الأحزاب السياسية المعارضة زمن بن علي من أي عمل حكومي وجعلها مجرد أفواه تدين الظلم والاستبداد، مما سيجعل برامج و وعود الأحزاب المرشحة في انتخابات المجلس التأسيسي، مبدئياً، مجرد حبر على ورق لعدم الارتباط السابق بين أي برنامج نظري لهاته الأحزاب بتطبيقات واقعية. إلى جانب ذلك، أسس نظام بن علي لعلاقة قطيعة تامة بين المواطن والحياة السياسية وكانت الرياضة وخاصةً البطولة الوطنية لكرة القدم هي ما يعول عليه النظام السابق لشد اهتمام المواطن الذي بدا أنّه فقد الثقة التامة في كل الوعود والبرامج السابقة ورضي بما كانت تفرزه له السياسة الوطنية سواء من أعمال تخدمه فعلاً أو أعمال تخدم أفراد النظام، وذلك قبل أن ينتفض ويثور. إضافة إلى أنه إذا استثنينا بعض الشخصيات التي كانت تعارض بحدة النظام السابق وكانت تضحي من أجل المطالبة بمبادئ الكرامة والحرية والعدالة- عبارات تداولت في معظم البرامج الانتخابية لأحزاب أو حركات نشأت بعد 14 جانفي و كانت قبل هذا التاريخ صامتة- فإن أغلبية المرشحين لم يرتبط ماضيهم بأي مطالبة بإرساء المبادئ التي ضمنوها في برامجهم، مما يجعل ثقة المواطن فيما يقولونه موضوع شك وتململ. فالمواطن التونسي سيصوت إذاً مع احتفاظه بقدر كبير من شكّ في إمكانية غياب الكفاءة و الثقة في الطرف الذي سيختاره.و لكن ما ذكر سابقاً وإن كان في ظاهره سلبيا إلا أنه سيشكل حجر الأساس لإرساء مجتمع حداثي، سيعتبر من أول تجربة انتخابية له يكون فيها تحكيم العقل وربط الفكر بالبحث عن المصلحة العامة دون البحث عن حسابات أو مطامح شخصية منحطة هو الهدف منها، مما سيؤدي حتماً إلى انتخابات عقلانيّة تجعل رأي الأغلبية رأياً أقرب إلى الصواب بقطع النظر عن جوهر آراء وتوجهات الحزب المنتصر. فلتكن إذاً إنتخابات 23 أكتوبر بداية لتأسيس دولة حديثة و بالتوفيق للجميع.