وثنية مفهوم الوطن عند التيّارات السلفيّة
|[et_pb_section admin_label=”section” fullwidth=”off” specialty=”on”][et_pb_column type=”3_4″ specialty_columns=”3″][et_pb_row_inner admin_label=”row_inner”][et_pb_column_inner type=”4_4″ saved_specialty_column_type=”3_4″][et_pb_text admin_label=”النص” background_layout=”light” text_orientation=”right” use_border_color=”off” border_color=”#ffffff” border_style=”solid”]
بقلم: أنيس عكروتي
من خلال ما يشهده العالم العربي من استفحال لظاهرة الإرهاب المرتبط بالجماعات الإسلامية، لا بد من عدم الاكتفاء بتحليل المقاربات الأمنية العسكرية للمسألة بل من المهم جدا أن نعود إلى الجوانب الفكرية وأصولها…
فالوطنية وثنية جديدة، كما وصفها الشيخ السلفي، عبد الرحمن الدوسري، في “الأجوبة المفيدة لمهمات العقيدة”.
يقول الشيخ الدوسري تعليقًا على مقولة الدين لله والوطن للجميع: “هذه المقالة صاغها الحاقدون على الإسلام؛ ليبعدوا حكم الله، ويفصلوه عن جميع القضايا والشؤون؛ فهي خطة شركية، قلّ من انتبه إليها، ولايجوز للمسلمين إقرارها، ولايجب أن يتخذ الوطن أو العشيرة ندًا من دون الله” (ص 86 ــ87 من الكتاب المذكور)
و هناك من يراها اختراعًا من أعداء الأمة؛ لإخراج أبناء الإسلام من الدين القويم، واستبدال حدود الله بحدود الوطن، واستبدال عقيدة الولاء والبراء بشعار المواطنة، والغاية تمكين الأقليات من رقاب الأكثرية المسلمة، أصحاب الأوطان الحقيقيين ( انظر كتاب كواشف زيوف في المذاهب الفكرية المعاصرة لعبد الرحمان حسن حنبكة ).
ينتفي هنا مفهوم المواطنة ويتم تقسيم المجتمع إلى مسلم وكافر (الفسطاطين كما جاء على لسان أسامة بن لادن و” الجاهلية المعاصرة ” (سيد قطب)) فهناك “المسلم” (السلفي) وهناك “ذو العقيدة المبتدعة” ( الأشعري مثلا ) و”الرافضي المنافق” (وصفا للشيعة ) و”الكافر” الذي لا يدعي الانتساب للإسلام.
و حتى في توصيف العلاقات الخارجية بين الدول والأوطان والشعوب يتم تقسيم الكيانات إلى دار إسلام ودار حرب ( أو كفر )، “فكل بلاد أو ديار لا يقيم حكامها وذوو السلطان فيها حدود الله، ولا يحكمون في الرعية بحكم الإسلام، ولا يقوى المسلم فيها على القيام بما وجب عليه من شعائر الإسلام، فهي دار كفر” ( الشيخ السعودي ابن عثيمين ).
هنا يحدث التصنيف العقدي للأشخاص (كأفراد) ثم المرور الى المجتمعات (باعتبارها ركيزة للأوطان) حيث يتم إقحامهم في معركة ” الحق ضد الباطل “.
هذه الأزمة الفكرية أدّت إلى انتشار ظاهرة التكفير وممارسة العنف والتهديد والثلب والتحريض على أقل تقدير ليتم تبرير فعل القتل فيما بعد.
تجرّد الجماعات الاسلامية (السلفية أساسا) من مفاهيم ومصطلحات بالية لا تعاصر تطور النسق المجتمعي أراه أمرا مستحيلا في ظل سيادة الخطاب الراديكالي الملغي للوطن والمواطنة والدولة ولكل عنصر مخالف لأدبياتهم.
دفاع هؤلاء عن ” دولة الخلافة ” كفكرة مقدّسة ومستلهمة من روح الاسلام لا نجد له تأصيلا في القرآن (المصدر الأول للتشريع) حيث لم يرد فيه أمرا إليها باتباع شكل محدد الكيان الحاكم.
و في ذات الإطار يمكن أن نرجع إلى صحيفة المدينة، وهي عقد اجتماعي بين المسلمين والقبائل العربية واليهودية. فقد كفلت مجتمعًا تعاقديًا ضمن أطر عامة متفق عليها، في التعايش وفي الدفاع واحترام الخصوصيات والولاأت، من غير إضفاء طابع ديني عليها، وبهذا ومن تعريف للمواطنة كمنظومة للعلاقات الاجتماعية على قاعدة المصلحة العامة في الدولة، وعلى مستوى الترقي المدني في علاقات المواطنين ببعضهم بعضًا، وتجاه المجتمع يمكن أن تقوم المواطنة على علاقات متميزة في الهوية وشعور الانتماء.
ختاما أقول أن واقع هذه التيارات أشبه بفتية أهل الكهف الذين رقدوا اكثر من 300 عام ولما أفاقوا وجدوا انفسهم في عالم غريب عنهم، إما أن يعودوا إلى كهفهم ويواصلوا عزلتهم أو أن يتصالحوا مع واقعهم وأساسا مع مفهوم الوطن…
[/et_pb_text][/et_pb_column_inner][/et_pb_row_inner][/et_pb_column][et_pb_column type=”1_4″][et_pb_sidebar admin_label=”Sidebar” orientation=”right” background_layout=”light” area=”sidebar-1″ remove_border=”off”] [/et_pb_sidebar][/et_pb_column][/et_pb_section]