سقطت أقنعة حكام العرب
|لقد استفحلت ثقافة ولاء الشعوب العربية لرؤسائهم في العقود الأخيرة من التاريخ وكأن حكام العرب والعياذ بالله عصموا من أي خطأ بمجرد توليهم الحكم. هذا الولاء الأعمى كانت وراءه فئتان من المواطنين: أولئك الذين ينافقون النظام من أجل البحث عن المصلحة المادية كمكافأةٍ وهي الفئة الناشطة والمزود الخالص للولاء(الولاء الايجابي)، والذين التزموا الصمت نظراً لكونه يدفع عنهم بطش الحاكم و هي الفئة الصامتة (الولاء السلبي). و في كلتا الحالتين، يمكن إعتبار الخوف هو المصدر الأساسي وراء مثل هذه التصرفات، هذا الخوف الذي أسس لمجتمعات داخل المجتمع فاصبح الغني لا يبالي بالفقير والحضري لا يبالي بالريفي و حتى “القفاف” لم يستح وتمادى في قطف وحصد الخيرات التي أنعمها عليه ولاؤه للحاكم دون الالتفات للمصلحة العامة…كل ذلك نتيجة ترسيخ الخوف للشحّ الفكري والتضامني. فصحيح بأن بطش وقمع الحكام كان مهولا ولكن منذ يوم 14 جانفي ايقنا بأن هذا الحاكم العربي المتجبر لا يقل جبناً وخوفاً عن رعيته فكان رئيس تونس أول من ترك الحكم أو بالأحرى غادر البلاد دون سبق الاعلام بطريقةٍ تلفت الاستغراب، بطريقةٍ تجعلنا نتساءل هل يستحق حاكم تونس كل الانحياء الذي تمتع به ؟ ألم يكن هذا الخوف الذي كنا نبديه لحاكمنا نتاجه وهم وليس حقيقة؟ ما حصل في تونس ثم مصر وليبيا واليمن برهان على أن إظهار الحاكم القوة أمام الشعب هو دليل على إخفاء ضعفه. و المهم اليوم أن الشعوب العربية بدأت تشفى مما يشبه “ظاهرة ستوكهولم” ونرجو أن يكون هذا الشفاء نهائياً وتطوى صفحة من التاريخ العربي كان فيها الحاكم مستغلاً للخوف الجماعي لينصب نفسه وصياً على رعيته.