الإرهابيون يقتلهم الحبّ
|[et_pb_section admin_label=”section” fullwidth=”off” specialty=”on”][et_pb_column type=”3_4″ specialty_columns=”3″][et_pb_row_inner admin_label=”row_inner”][et_pb_column_inner type=”4_4″ saved_specialty_column_type=”3_4″][et_pb_text admin_label=”النص”]
بقلم: أمل المكّي
“شيء ما تكسّر في هذه المدينة بعد أن سقط من علوّ شاهق” (واسيني الأعرج)
شهداء جدد سقطوا وآخرون ماتوا تتبعهم اللّعنات…والموت سواء… هي تلك حكمة السماء التي لا تريد لجنان خلدها أن تمتلئ بالخيّرين فابتكرت فكرة الارهاب كي لا يكون على الناس حرج في التمييز بين هذا الموت وذاك…
يكثر الموت على الأرض عندما تمتلئ قلوب الناس بالكراهية…وأستغرب أنا نفسي هذا الاقرار الذي توصّلت اليه في الوقت الذي أسترجع فيه مشاهد الأخوة والتضامن والمحبة التي سادت أفراد الشعب التونسي أثناء الثورة… أحدهم يحرس بيت جاره، والآخر يقاسمه طعامه وشرابه، والأخرى تجود بحليب طفلها الى مرضعة تعذّر عليها إطعام وليدها، وشباب يجوبون الشوارع يجمعون الصدقات للفقراء والمعوزين في ظلّ انقطاع الكثير من السلع والبضائع، وآخرون يكنسون شارع الحبيب بورقيبة فتعود هيبته ويعود ضياؤه…في تلك الأيام كان الموت نشيدا رسميا للحياة وغدا اليوم أرقاما…
ما الذي يحصل في داخل تونسي حتى يحمل السلاح ويقتل أخاه التونسي ؟ أيّ شيطان هذا الذي وسوس له وأغراه بالموت ملعونا، نحن الذين علّمونا أنّ الشيطان يقعد للمرء في كلّ طريق؟ ان كان وطننا لا ينتج إبر الخياطة ولا شفرات الحلاقة وينتج في المقابل مواطنين مستعدّين للانفجار في أيّ لحظة، فمن المؤكّد أنه وطن قعد له الشيطان في طريقه وأغراه بأكل تفاحة الكراهية المحرّمة وألّبه على أبنائه وبناته وعلى حرّاس حدوده وحماة ثغوره…
الكراهية تعلّم أصحابها أن يتّشحوا بالسواد كي يقنعوا غيرهم بأنّ الألوان الزاهية عقابها النار… وتعلّمهم أيضا أن لا يغمضوا أعينهم إلاّ قابضين على سيوفهم لأنّ الاخرين جميعهم أعداء الله وأعداؤهم … وأن يتركوا بيوتهم وأهلهم ويعتكفوا في الجبال والأحراش يتربّصون بجنديّ باسل أو رجل أمن شريف أو مواطن أعزل… وتعلّمهم الكراهية أن يفتحوا أبواب الجحيم نيرانا على أبناء جلدتهم ووطنهم فييتّمون أبناءهم ويثّكلون أمّهاتهم …وتعلّمهم أيضا أن يرقصوا رقصة النصر فوق جثث ذبحوها للتوّ في شهر حرام…
هؤلاء الذين امتلأت قلوبهم بالحقد والكراهية كيف يمكن أن تمتلئ بهم جنان الخلد؟ كيف تنتظرهم حور العين وقد بكت بفعل دمويتهم عيون أطفال بلادي ونسائه وأمّهاته؟ هؤلاء الذين يريدون قتل الحلم التونسي . كيف لهم أن يحلموا بلقاء الله؟
الكراهية هي نفسها الشيطان… لكنّ الكتب السماوية جميعها لم تقل ذلك صراحة، بل اقتضت حكمتها المنزّلة أن يتوصّل الناس الى تلك الحقيقة بأنفسهم بعد أن يخوضوا رحلة البحث عن الذات العليا…في المقابل، جبلت الرحمة الالهية الناس على المحبّة ولم تجبلهم على الكراهية وتركت لهم أن يختاروا في ما بعد الطريق التي يرونها الأفضل…فإمّا الحبّ الذي هو قبلة المؤمنين وإمّا الكراهية التي هي قبلة المنافقين…
تحت شمس هذه البلاد التي يحبّها الله، صار لزاما على الجميع أن يعلنوا قبلتهم جهارا وأن يصرّح كلّ منهم بنواياه… فمن كان يريد ان يحارب شيطان الكراهية فهو آمن…ومن كان يريد أن يتّخذ إلهه شيطانه فليرحل عن هذه الأرض …
تحت شمس هذا البلد، صار لزاما على الجميع أن يتعمّدوا بماء الحب ويصلّوا لله أن يتغمّد بمحبّته التي وسعت كلّ شيء قلوب القانطين من رحمته اليائسين من روحه…
بعض الإرهابيين لا يرديهم السلاح قتلى وكثير من الإرهاب لا يغلبه الرصاص وحده… هؤلاء الذين ران على قلوبهم السّواد، تهزّهم ابتسامة وتزلزل الارض من تحت أقدامهم أغنية وتبعث الرعب في أنفسهم رسائل الحب… هم الذين يدفعون الكثير كي “يقتنوا” نساء ينكحونهنّ، يعلمون علم اليقين أنّهم لن يجدوا نساء يحببنهم ولا أبكارا يرغبن فيهم دون دفع مسبق… لذلك هم في واقع الأمر، لا يحاربون الكفر ولا العلمانية ولا حقوق الانسان ولا “الطاغوت”، بل يحاربون الحب لأنهم عجزوا عن الشعور به أو عن ممارسته… الإرهابيون يفتقرون الى الحب ولذلك بعض منه يقتلهم…
[/et_pb_text][/et_pb_column_inner][/et_pb_row_inner][/et_pb_column][et_pb_column type=”1_4″][et_pb_sidebar admin_label=”Sidebar” orientation=”right” background_layout=”light” area=”sidebar-1″ remove_border=”off”] [/et_pb_sidebar][/et_pb_column][/et_pb_section]