تونس عربيّة إسلاميّة…إلى أن يأتي ما يخالف ذلك
| طفت إشكاليّة هويّة الشعب التونسي على السطح مجدّدا مع اقتراب الإعداد لدستور جديد للبلاد. وتبقى مسألة مكانة الهويّة في هذا الدستور محلّ نقاش.
يجب في البداية أن نفهم معنى الهويّة. حسب أليكس موكييلي، الهويّة هي “جملة من المعايير والتعريفات لموضوع وشعور داخلي. هذا الشعور بالهوية يتكوّن من مشاعر مختلفة: شعور بالاتحاد، بالترابط، بالانتماء، بالقيمة، بالاستقلاليّة، وبالثقة وكلّ هذه المشاعر تنتظم حول إرادة للوجود”
وبهذا المعنى، يصبح من الممكن الحديث عن هويّة بربريّة أو قرطاجيّة لتونس، بما أنّ هاتين الثقافتين وجدتا على التراب التونسي. وتبعا لذلك، كلّ تونسي حرّ في أن يشعر بالانتماء إلى إحدى هاتين الثقافتين. فهويّتنا منوّعة، متعدّدة الثقافات وكلّ منّا يجد نفسه مشدودا إلى ثقافة ما ويشيّد حولها هويّته.
من المؤكّد أنّه من الصعب تحديد هويّة تونس وجعلها فصلا من الدستور، ولكنّ هذا لا يمنع من القول أنّ كلّ المؤشرات تدلّ أنّ تونس الحاليّة عربيّة إسلاميّة.
والسؤال الذي ينبغي أن يطرح يتمثّل في معرفة إن كان هناك خطر يترتّب عن عدم إدراج الهويّة العربيّة الإسلاميّة لتونس اليوم صلب الدستور؟
ربّما يصدم البعض لإقصاء هذه الهويّة المتغلغلة في فكر كلّ تونسي. ولكن هل نحن في حاجة حقّا إلى إيرادها في نصّ مكتوب وندخل في جدل حولها على حساب مواضيع أكثر إلحاحا؟ هل سنستفيق يوما شاعرين أنّنا تهنا وصارخين: لقد نسينا هويّتنا، ولكن الحمد لله، لقد ضمنّاها في وثيقة؟
إنّ الهويّة قناعة قبل أن تكون مجرّد كلمات تخطّ. والشعب هو الضامن الوحيد لدوامها. والقول بأنّ الهويّة العربيّة الإسلاميّة لتونس يجب أن تكون لها قيمة دستوريّة قصد حمايتها لا يشكّل ضمانة كافية بقدر اعتبارها نتاج فعل ديمقراطي يرسّخ من جهة ثقافة وهويّة الأغلبيّة ويقلّص من جهة ثانية كلّ تهديد لحقوق الأقليّات الّتي اختارت أن تعرّف نفسها بشكل مختلف عن الأغلبية.
ترجمه عن الفرنسيّة: حمزة عمر