اعترافات زوجة إرهابية
|
“مازلت فى حاجة لأن أتعلم كيف أنتصر على حماقات النفس المستكينة لأوهامها.”
واسيني الأعرج
استفدت من عطلة نصف الثلاثي المنقضية فأخرجت كل العلب الورقية التي اكتظّ بها منزل الزوجية الجديد…وجعلت أنبش في ملفاتي وأوراقي أحتفظ بسمينها وأتخلّص من غثّها معتمدة طرق الابادة المختلفة …وقد عثرت على أشياء كثيرة أسقطتها ذاكرتي المرهقة بالأحداث المتتالية في الوطن وضواحيه…أشياء صغيرة صغر سني يوم كتبتها فغرت في وأنا أعيد قراءتها في صدمة وكثير من الدهشة..
أخطر تلك الأشياء مقالة قصيرة كتبتها في الثانوي وقرأتها على مسامع أقراني في المعهد فلم يفقهوا شيئا منها، وحده الأستاذ أدرك عما كنت أتحدث وحاول ساعتها التغطية عليّ لحمايتي من عين الرقيب ومن نفسي…
كان ذلك في عام 2007، الذي شهد أحداث سليمان الدامية. ولم تكن التلفزة الوطنية لتذيع يومها أية أخبار بالخصوص . فظلت غالبية المواطنين على جهلها بما حصل تحديدا…كنت يومها مواطنة تونسية لم تع من أحداث سليمان سوى كونها حركة تمرد على النظام القائم ، فانحازت لها.. صغيرة كنت، ثائرة، أحلم بالتغيير وبالنار، فاعتقدت أن أحداث سليمان انتفاضة شعبية قمعت في مهدها وزادت نقمتي على النظام النوفمبري ولم أملك من أدوات التنفيس عن غضبي سوى كتابة مقالة قرأتها فيما بعد في احدى حصص التربية المدنية…
فلما انتهيت من قراءة المقال المساند لما اعتبرته “ثورة سليمان” المقموعة، ظل رفاق الفصل برهة من الزمن لا يحركون ساكنا…فلا أحد من بينهم أدرك عما كنت أتحدث في مقالتي التي قدّمت لها بمطلع أغنية فيروز “طلعنا على الضو..طلعنا على الريح..طلعنا على الشمس..طلعنا عالحرية…”. أما أستاذي المسكين فلم يجد طريقة لإنقاذ الموقف سوى بادّعاء أن ما قرأته للتوّ يتعلّق بالوضع الجزائريّ !
وأنا أعيد قراءة تلك العبارات الغاضبة التي خطّتها يدي ذات مراهقة، جعلت أذرف الدمع مطوّلا أسفا مني على تلك الفتاة…حزنت كثيرا على نفسي لأنها في غمرة التعتيم الاعلامي انحازت لصف الرصاصة الغادرة ،تماما كما ينحاز اليوم كثير من الشباب الى الرصاصة في ظل التعبئة الاعلامية…
عندما أخبرت زوجي القصة، ضحك قائلا:” ملاّ حكاية..قعدت قعدت وخذيت إرهابية.” سمحت ليلتها لزوجي بمحاكمتي محاكمة عادلة غير التي حصل عليها المدانون في تلك الأحداث و لازلت أنتظر الحكم ببراءتي من عدمها…
أمّا كلّ من ستحدّثه نفسه بإدانتي، فأدعوه الى البحث في أرشيفه وأغراضه المنسية عن مشروع ارهابي صغير كان ليكونه يوما لو لم يفتح الحب عينيه على الحياة..وأتحدّاه أن يشاركنا قصّته…
كأنك تصفين ما حدث لي و لكل الشباب الثوري الذي عاش حالما بالحرية في العهد البنفسجي.
تحياتي ….
يسعدني تفاعلك مع قصّتي…
كل الأمل بأن يتحقق الحلم, حلمنا جميعا
قصّة رائعة
هل من الممكن أن أضعها على مدوّنتي؟؟
أعجبتني كثيرا
أشكرك