الأزمة السورية: ربع الساعة الأخير؟

syria-tic-tac-toeتتسارع الأحداث بشكل كبير هذه الأيام في المنطقة العربية خصوصاً في علاقة مع الثورة  السورية. فبعد زهاء ثلاث سنوات، دخلت عديد المعطيات والأحداث  الجديدة التي تحيلنا قراءتها إلى  الإقرار بأن  الحل السياسي بدأ ينضج أخيراً وأن بوادر تفاهم القوى العظمى الغربية أي روسيا و أمريكا بدأت بالظهور للعلن  وذلك في إقرار بأن لا حلّ لهذه الأزمة إلا سياسيا وهما ما أشرنا إليه سابقاً ومنذ أشهر.

أولى هذه  التحولات هي ذات طابع عسكري مع التقدم الكبير والسريع  للجيش السوري النظامي في عديد المحاور وبطريقة مفاجئة وهما ما ينبئ أنّ الأمور باتت تتجه أكثر فأكثر نحو الحسم لصالح النظام على حساب المعارضة التي لم تستطع ضمان موطئ قدم صلب ودائم يكون قاعدة لها للإطاحة بالنظام أو على الأقل كورقة تفاوض هامة في وجهه في أية تسوية سياسية مقبلة .

ثانياً ودائماً في نفس الإطار أي الإطار العسكري، كان الحدث الأهم هو الدخول المفاجئ لقوات حزب الله اللبنانية في المعركة ودورها الهام في حسمها. هذا التدخل لحزب الله الذي حرص منذ البداية على النأي بنفسه على الأقل عسكرياً رغم عديد الاستفزازات ورغم أن المعارك كنت تدور على  مقربة من مناطق نفوذه  و انطلاقاً  من الأراضي اللبنانية أحياناً، وما كان ليحدث لو لم يكن حزب الله على درايةٍ بتوفر غطاء سياسي يمكنه على الأقل تطويق آثار  هذا التدخل الذي لو تم في فترات سابقة كان بإمكانه  أن يشعل فتيل حرب هوجاء في كامل المنطقة تأتي على الأخضر واليابس ، غير أن الغطاء   السياسي الذي ربما يوفره هذا التفاهم الأمريكي الروسي ورفع أمريكا الغطاء عن بعض الجماعات المسلحة كتمهيد للحل السياسي هو الذي أدى لتطويق أثار هذا التدخل والذي إقتصر على بعض الخطب والتصريحات المستنكرة على شاشات الفضائيات ولم يستتبع ذلك بأية أثار عملية على الأرض .

ثالث هذه التحولات وأهمها على الاطلاق  هو التحول الطارئ على السلطة في قطر ، هذه الإمارة التي لعبت دوراً بارزاً  في دعم الأحداث في سوريا نرى أميرها اليوم يتخلى عن ملكه لفائدة ابنه في مشهد غريب  عن المنطقة عامة وعن هذا الأمير بالذات ..حمد الذي لم يمهله  تعطشه للسلطة لانتظار التدخل الإلهي المباشر لاتمام أي إنتقال للسلطة كما جرت عليه العادة في الخليج بل بادر بالانقلاب على والده ليستحوذ على الحكم، فتعطشه  للسلطة لا يضاهيه  إلا حبه للشهرة والسيطرة مما دفعه للزج بنفسه وببلده وشعبه وثروات بلاده في أتون صراع كبير ومشروع كامل  يهدف لإعادة صياغة المشهد السياسي للمنطقة  لا نخاله يأتي هكذا  وبكل تلقائية وعفوية ليتنازل عن ملكه وينصب ابنه بدله دون على الأقل أن يأخذ وقته في ذلك ويكلف شعبه عناء توديعه لأشهر وسنوات وتحية  انجازه التاريخي وغير المسبوق. أضف إلى ذلك أن ولي عهده وفي خطاب تنصيبه  تحاشى حتى ذكر الأحداث في سوريا ومر عليها  بطريقة سريعة مستعملاً كلمات فضفاضة وعامة في تضاد تام مع سياسة ولده الذي عودنا  بالحديث و بكل إندفاع وحرقة عن سوريا وثورتها وواجبه في الدفاع عنها حتى خلنا الامر يتعلق  بخصومة شخصية بينه وبين الأسد .

هذا التغير في رأس السلطة وفي النظام الأشد دعما وتبنينا للثورة  في سوريا وللربيع العربي عموما يبرز أن بوادر التغيير في الموقف نحو المضي إلى حل سياسي بدأ ينضج أكثر وأن ما يتم الآن هو التخلص من حلفاء الماضي واللذين التصقت بهم مواقف عدائية متشددة .. فتغير المواقف يتطلب تغير المشهد واللاعبين البارزين  فيه ..

الأحداث في سورية ماضية  نحو حل سياسي يرضي جميع الأطراف..قد يحتفظ الأسد بسلطته …وتدخل المعارضة إلى الحكم من بوابة حكومة وحدة وطنية …سيخرج الجميع منتصراً أو على الأقل غير مهزوم …فالدول العظمى تعرف جيداً كيف تدير صراعاتها ولا تسمح لها أبداً بأن تتطور لتهدد مصالحهم ودولهم وشعوبهم …هنا تأتي التسويات السياسية ..إنها لازمة …في انتظار أرض صراع جديدة…

Please follow and like us:

اترك رد

Verified by MonsterInsights