بعد صدور القرار الاتهامي: لمن تقرع الأجراس في لبنان؟
|بعد طول انتظار، سلّمت المحكمة الخاصة بلبنان القرار الاتهامي فيما يخص واقعة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل ” رفيق الحريري” إلى الدولة البنانيّة يوم 30 جوان 2011.. ولم يخرج نص القرار عما كان متداولا من قبل عن توجيه أصابع الاتهام إلى “حزب الله ” ولو بطريقة غير مباشرة عبر تنزيه الحزب كتنظيم واتهام بعض الأفراد المعروفين بانتمائهم إليه.
ولعل أهم ما في القرار – خصوصا إذا كان مضمونه متوقعا ومنذ زمن بعيد – هو زمن صدوره والذي يحمل في طياته عديد الدلالات والاستنتاجات..
داخليا، تزامن إصدار هذا القرار الاتهامي مع تشكيل حكومة ميقاتي والتي مثلت في ذاتها نصرا سياسيا لحزب الله وحلفائه حيث استطاع أن يمسك بزمام الحكم رغم خسارته الانتخابات. من جهة أخرى، هذا الحلف فقد هذا الحلف دعم أحد أهم حلفائه في المنطقة وأشرسهم في الدفاع عنه وحتى أكثرهم تأثيرا في المشهد اللبناني وهو النظام السوري. هذا النظام مازال وفيا لممانعته لما يصدر عن المحكمة ولكنّ جلّ اهتمامه ينصبّ الآن على تحصين مجاله الداخلي وإنقاذ نفسه من ثورة شعب، ثورة يترنح من تحت تأثيرها هذا النظام كل يوم أكثر فأكثر.
أضف إلى ذلك أنّ ” حزب الله” قد خسر كثيرا من دعم الشعوب العربية، أولا بسبب مساندته لنظام الحكم السوري و الذي عبر عنها أكثر من مرة على لسان زعمائه حتى بدت أنها اصطفاف لهذا الحزب وراء أنظمة القمع العربية ضد إرادة شعوبها الثائرة.. وأيضا لأن معظم هذه الشعوب اليوم هي في حالة حرب دائمة يوميّة إمّا ضد هذه الأنظمة أو ضدّ قوى الردّة التي تريد سرقة إرادتهم و إعادة أشباح أنظمة متهالكة بعد أن سقطت تحت ضغط الثورات. وتجد الولايات المتحدة وإسرائيل نفسيهما في وضع مريح إزاء هذا الاشتعال الشعبي الّذي صرف الاهتمام عمّا يجري في لبنان.
وبالنظر لما سبق، يبدو صدور هذا القرار الاتهامي و في هذا التوقيت بالذات لغما معدا للانفجار في لبنان الّذي يبدو أكثر من مرشّح لأن يلحق بساحات الحرب الحقيقيّة المفتوحة في العالم العربي على امتداده. ولئن كان “الربيع العربي” شهد انتفاضات شعبيّة مدنيّة طلبا لتغيير أنظمة الحكم في تلك البلدان، فإنّ ضعف العامل الوطني في لبنان أمام هويّة تشكّل حسب الانتماءات السياسيّة والطائفيّة والمذهبيّة توحي أنّ “ثورة” هذا الشعب ستكون ضدّ الشعب ذاته…إنّ هذا اللغم يؤشّر لإعادة انتاج الحرب الأهليّة الّتي عصفت بهذا البلد لسنين طويلة…حرب لا يمكن أن تؤدّي إلا إلى تشكّل شرق أوسط مغاير…شرق أوسط “جديد”.