نحو حلّ سياسي للأزمة السوريّة
|بعد مرور أكثر من سنة و نصف على بداية الثورة السورية المزعومة و أمام صمود الجيش السوري النظامي و عدم قدرة الغرب وأدواتهم على الأراضي السورية من تحقيق هدفهم بات من الواضح أن الحل لهذه الأزمة لا يكون إلا سياسيا و عبر إيجاد قناة تفاهم توصل إلى حل واضح على قاعدة لا غالب ولا مغلوب يحفظ بها ماء وجه جميع الأطراف.
هذا الحل السياسي بدأ في التشكل منذ أن قام الغرب بجمع شتات عملائه و محاولة تجميعهم تحت راية واحدة أخذت عديد المسميات آخرها المجلس الوطني السوري. هذا الاندماج ما هو إلا عبارة عن تحضير مسبق لإطلاق عملية سياسية مقبلة تكون المعارضة جزءا منها وهذا الأمر لا يتحقق في ظل تشتتها و ضياع قرارها بيد عديد الأطراف المتداخلة.
فشل العمليات العسكرية العديدة التي قامت بها ميليشيات الجيش الحر رغم الكم الهائل من العتاد و الأسلحة الأمريكية و الغربية إضافة إلى التدريب الأمريكي و الدعم اللوجستي الكبير من دول الجوار خصوصا تركيا و لبنان و خصوصا الدعم الإعلامي الهائل وغير المسبوق من القنوات العربية خصوصا الجزيرة والعربية التي احترفت الحديث عن الإنجازات الوهمية للجيش الحر حتى خلناه قد حرر كل سوريا (باستثناء الجولان طبعا الذي ليس من أولوياته) أو الحديث عن جرائم و مجازر النظام السوري حتى خلنا الشعب السوري قد أبيد عن بكرة أبيه على يد جيشه النظامي. كلّ ذلك لم يأت بفائدة و لم يغير من الوضع الميداني على الأرض حيث يبقى النظام السوري صاحب السيادة على معظم اراضيه.
الثقل الأمريكي و الغربي و حتى التلويح بنشر صواريخ باتريوت على الحدود السورية التركية لم تغير شيئا من الدعم الصيني والروسي الذي يلقاه النظام السوري بل أنّ روسيا أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أنها ذاهبة في دعمها ورهانها على النظام السوري إلى أقصى حد حيث أن سوريا بالنسبة لها جزء من أمنها القومي و مجال إستراتيجي لا يمكن أن تكون التوازنات و المشاريع السياسية فيه دون رغبتها أو على الاقل مشاركتها في صياغتها بما لا يحفظ لها مصالحها الحيوية المرتبطة كثيرا بمصالح حلفائها وأهمهم النظام السوري.
هذا بالتأكيد دون أن ننسى الدعم الإيراني الكبير سواء المباشر أو من خلال الأنظمة الحليفة لها في المنطقة كالنظام العراقي أو عبر أوراق لعبها الكثيرة في المنطقة خصوصا ورقة الطائفة الشيعية في معظم دول الخليج و البحرين أبرز مثال على ذلك.
لهذه الأسباب و غيرها فإن من الواضح أن الحل في سوريا لا يمكن أن يكون إلا سياسيا و هذا الأمر قد نجد له صدى في تصريحات و من قبله تصريحات نائبه فاروق الشرع الذي صرّحوا باقتناعهم الراهن بضرورة الحل السلمي للأزمة في بلدهم.
تبقى الإشكالية المطروحة هي نوعية هذا الطرح السياسي الذي سيكون مخرجا مرضيا لجميع الأطراف و في هذا الإطار بالذات أعتقد أن أفضل حل ممكن و محاولة البناء على الحل الذي اعتمد في الأزمة السودانية بمعنى المحافظة على رأس السلطة والنظام القائم مع تشريك المعارضة في السلطة من خلال حكومة وحدة وطنية تستمر للعمل لمدة محددة حتى إجراء انتخابات جديدة تأخذ البلد إلى نظام ديمقراطي تعددي طبعا مع التأكيد على أن هذا الشرط يبقى في نظري هو الأجدر بالتطبيق فهو أولا نتيجة لحقيقة الواقع الميداني على الأرض أين النظام السوري مازال مسيطرا على أرض المعركة، وهو ما يترجم بشدة حقيقة التوازنات بين القوى العظمى في العالم خصوصا أن هذا الحل يحفظ للجميع ماء الوجه باعتباره لا يعطي الغلبة لطرف على الآخر وخصوصا لا يَصِم بالهزيمة طرفا دون آخر.