لا خوف بعد اليوم … إلا من فكر الغير
|كنت يوم الأحد ضمن الحاضرين في ندوة استضافت الدكتور طارق رمضان لتقديم كتابه الأخير “الإسلام والصحوة العربية”. برنامج الندوة اشتمل في بدايته تقديما وجيزاً للمؤلف أمّنه الدكتور محمد الطالبي. في أول زيارات المؤلف لتونس بعد الثورة، استقطبت الندوة ما لا يقل عن ألفي شخص. لا أعلم إن كان السبب ساعات الانتظار أو عدم استحسان الفقرة التقديمية للطالبي – المبرمجة في الندوة – لكن الصالة تحولت في بعض دقائق إلى قاعة درس في فوضى. شهدت حدثاً ثقافياً يغزوه تصرف وهمجية مدارج الملاعب أو المسارح الغنائية. كلٌ يعتقد أن رأيه مهم وكلٌ يرغب في التعبير عما يختلج فيه في الحال، فإن أحب ما يسمع صفّق وهلّل، وإن أعرض عما يقال التجأ إلى أساليب “حضارية”، لطيفة”، شديدة الأدب” كالتصفيق و الصفير والاعتراض بالكلمة للبعض. ما يسعك في هذه اللحظات إلا أن تخجل. ثم تتساءل، تلتمس عذراً “للمشوشين” من الحضور.
تتساءل لماذا يصمت شعب طيلة عقود و حين يبوح فهو لا يسمع، لا يقرأ، لا يفهم ما ينفع أو حتى ما لا ينفع؟ لماذا يصمت شعب طيلة عقود وحين يتكلم يكون كلامه قيداً لكلام غيره وتحديداً لحرية تعبير الآخر؟ ما الإغراء في إلغاء رأي الأخر؟ أ بشر نحن نؤمن ونحب ونكره ونحس ونرى ونسمع أم أفرادٌ تقمع و تصمت وحين تتحرر تصدح بأصواتها وآرائها الشخصية وتنكر حق الغير في القول والفكر وهجر الصمت؟ أ عبيد صوتنا صرنا؟
أحزن اليوم لرؤية ثائر هو لصوت الحق منكر. أحزن لرؤية شعب هجر خوف الدكتاتور ومن فكر الغير خائف. يا قوم هي أفكار لا تقتل، لا تجرم، لا تسرق ولا تنهب فلا تهابوها ولا تقمعوها. فإن فعلتم، فهي لا تموت فاعتادوها و علموا أبناءكم أن يسمعوها.