أي مســــاواة في الميراث؟؟؟
|[et_pb_section admin_label=”section” fullwidth=”off” specialty=”on”][et_pb_column type=”3_4″ specialty_columns=”3″][et_pb_row_inner admin_label=”row_inner”][et_pb_column_inner type=”4_4″ saved_specialty_column_type=”3_4″][et_pb_text admin_label=”النص”]
في إطار ملتقى احتضنته إحدى كليات الحقوق بالعاصمة شدت انتباهي مداخلة ثرية تحت عنوان “المواطنة و المساواة أمام القانون” تناولت كما يدل عنوانها مسألة المساواة بين المواطنين أمام القانون، و كما هو معتاد فإن هذه المحاضرة لم تشذ عن سابقاتها و لم تخرج عن الإطار المألوف الذي عهدناه في كل المواضيع التي تتناول هذه المسألة من خلال تناولها غالبا إن لم نقل دائما لمسألة المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة في القانون التونسي.
مسألة الميراث التي اعتمدت كثيرا كمطية، و خاصة من طرف بعض الجمعيات النسوية أو النسائية، للطعن في نظرة الإسلام للمرأة و تنزيلها منزلة دونية مقارنة بالرجل وهي مسألة أنأى بنفسي عن الخوض فيها (غالبا) لأني لست من منظري الصراع المصطنع بين الرجل و المرأة على الأقل في مجتمعنا العربي الإسلامي، إذ غالبا ما يتم تناول موضوع المساواة في الميراث على أنه ظلم و قهر ودونية كرسها الدين الإسلامي تجاه المرأة، و يتم تناوله بصفة إيديولوجية عارية عن كل موضوعية.
و ينطلق غالبا دعاة المساواة في الميراث من تفسير مقاصدي زمني للنص القرآني يتمثل في أن الظروف الإجتماعية و الإقتصادية التي نزلت في إطارها آيات الميراث غير متوفرة الآن حيث أن المرأة لم تكن تعمل و كان الرجل هو الملزم بالإنفاق لتنتهي بخلاصة مفادها أن الوضع الراهن الذي تعيشه المرأة التونسية يفرض على المشرع تغيير هذه المعادلة، غير أن هذا الزعم في غير طريقه ضرورة أن عمل المرأة ليس بجديد إذ أن المرأة كانت تعمل منذ القدم و خاصة في الميدان الفلاحي وفي التجارة أيضا، فضلا عن كون هذه التبريرات لا تستند إلى الواقع التونسي و لا إلى إحصاءات و دراسات علمية، إذ و لئن كانت المرأة التونسية تعمل فإن ذلك لا يعني بالضرورة أن كل النساء التونسيات يعملن و يكفي التنقل إلى وسط و البلاد وجنوبها لنعاين ذلك عن كثب.
غير أن الموضوعية التي يجب أن تتسم بها مداخلات رجل القانون تفرض عليه، عند الحديث عن اللامساواة أمام القانون، أن لا يقتصر فحسب على مسألة الميراث و إنما أن يتحدث عن مسائل أخرى أكثر أهمية تجسد اللامساواة أمام القانون و لكن لفائدة المرأة و ليس الرجل و هي:
– واجب الإنفاق المحمول على الزوج
– جريمة إهمال العيال
– الجراية العمرية للمطلقة
– واجب الإنفاق على البنت إلى أن يتوفر لها الكسب أو تتزوج
– واجب الخدمة العسكرية و الدفاع عن حوزة الوطن.
1) واجب الإنفاق:
فلئن كانت المرأة تعمل و تساهم في الإنفاق فإن ذلك غير محمول عليها قانونا على خلاف الرجل، فالرجل قبل الزواج ملزم واقعا و عرفا بإعداد محل الزوجية و تأثيثه بكل الضروريات فضلا عن الحلي و المصوغ الذي يقدمه للعروس، بحيث أن من يتشدق اليوم بالحديث فقط عن تفاهة المهر فإنه يتغاضى عن المصوغ و المنزل فضلا عن تكاليف الزواج، فدعاة المساواة يستمدون فكرهم من مجتمعات غربية لا تمت لنا بصلة، يمثل الزواج فيها مؤسسة ثانوية إذ في آخر الإحصاءات في السنوات في فرنسا مثلا بلغت نسبة الولادات خارج إطار الزواج 50.5% أي 412.080 طفل أما في الولايات المتحدة الأمريكية فقد فاقت النسبة حسب الإحصاءات الرسمية 41%.
أما بعد الزواج فلئن كانت المرأة تعمل فإنها غير ملزمة بالإنفاق على المنزل و لا حتى على نفسها حيث اقتضى الفصل 23 م أ ش في فقرته الأخيرة:” و على الزوج بصفته رئيس العائلة أن ينفق على الزوجة و الأبناء على قدر حاله و حالهم و في نطاق مشمولات النفقة” بحيث أن الزوج هو الملزم بالإنفاق قانونا، كما يضيف نفس الفصل” و على الزوجة أن تساهم في الإنفاق على الأسرة إن كان لها مال” بحيث أن الزوجة غير ملزمة بالإنفاق و غير ملزمة بأن تعمل أصلا و إنما لها أن تنفق إن كان لها مال، و من جهة أخرى فإن المرأة حتى و إن عملت فإن مالها عائد إليها وليست ملزمة بالإنفاق حسب صريح الفصل 24 م أ ش الذي جاء به:” لا ولاية للزوج على أموال زوجته الخاصة بها” في حين أن للزوجة حق في أموال زوجها.
و قد اعتبرت محكمة التعقيب في قرارها عدد 521 بتاريخ 29/09/2005:” إن واجب الإنفاق محمول في كل الحالات على الزوج بوصفه رب الأسرة و تبقى مساهمة الزوجة في الإنفاق مشروطة بملكيتها للأموال و مع ذلك فإن توفر هذا العنصر الأخير لا يعني عدم استحقاقها للنفقة” بمعنى أنه حتى و إن كانت المرأة تعمل و لها دخل فإنها تستحق النفقة من زوجها، كما ذهبت محكمة التعقيب في قرارها عدد 4701 المؤرخ في 14/04/1981 إلى أنه:” لا يعفى الزوج من النفقة على زوجته إلا إذا أخلت بواجباتها الزوجية أو كان الزوج معسرا حتى و إن كانت الزوجة تتقاضى مرتبا شهريا… إذ أن وجوب مشاركة الزوجة في الإنفاق على العائلة إن كان لها مال لا يعفي الزوج من واجب النفقة”.
و حيث و حتى في صورة غياب الزوج فإذا أنفقت الزوجة على نفسها فلها مطالبة زوجها بما أنفقته على نفسها و هو ما نص عليه صراحة الفصل 41 م أ ش الذي أورد:” إذا أنفقت الزوجة على نفسها بقصد الرجوع على زوجها الغائب فلها مطالبته بذلك”، و حتى إذا أعسر الزوج أي أصبح غير قادر على الإنفاق على زوجته لمدة شهرين متتاليين فلها طلب الطلاق و هو ما اقتضاه الفصل 39 م أ ش.
و في صورة إخلال الزوج بواجب الإنفاق المحمول عليه شرعا و قانونا فإنه يصبح مرتكبا لجريمة عدم أداء مال النفقة أو ما اصطلح على تسميتها بجريمة إهمال العيال مناط الفصل 53 مكرر م أ ش، و هي نفقة لا تسقط بمرور الزمن.
2) الجراية العمرية للمطلقة:
أما بخصوص مؤسسة الجراية العمرية للمطلقة فإن الأمر يعتبر فعلا عدم مساواة لفائدة المرأة و تهديدا لاستقرار الحياة الزوجية الجديدة للزوج، حيث اقتضى الفصل 31 م أ ش أنه:” … و بالنسبة إلى المرأة يعوض لها عن الضرر المادي بجراية تدفع لها بعد انقضاء العدة مشاهرة و بالحلول على قدر ما اعتادته من العيش في ظل الحياة الزوجية بما في ذلك المسكن… و تستمر إلى أن تتوفى المفارقة أو يتغير وضعها الإجتماعي بزواج جديد أو بحصولها على ما تكون معه في غنى عن الجراية و هذه الجراية تصبح دينا على التركة في حالة وفاة المفارق…” بحيث يصبح الزوج غير ملزم بالإنفاق على زوجته فحسب بل حتى على طليقته و هو ما يتنافى و مطالب المساواة التي تطالب بها بعض الجمعيات النسوية.
و تجدر الإشارة كذلك في هذا السياق إلى مقتضيات الفصل 46 م أ ش:” و تبقى البنت مستحقة للنفقة إذا لم يتوفر لها الكسب أو لم تجب نفقتها على زوجها” بحيث أن البنت تبقى مسؤولة من أبيها ما لم يتحقق لها الكسب أو الزواج خلافا للإبن الذي ينقضي واجب الإنفاق عليه ببلوغه 25 سنة مهما كانت وضعيته الإجتماعية.
3) أداء الخدمة العسكرية:
إن اللامساواة في القانون التونسي لفائدة المرأة لا تقتصر على مجلة الأحوال الشخصية فحسب و إنما تمتد إلى القانون عدد 01 لسنة 2004 المؤرخ في 14/01/2004 المتعلق بالخدمة الوطنية، فقد اقتضى الفصل 6 من دستور 1959 أن:” كل المواطنين متساوون في الحقوق و الواجبات و هم سواء أمام القانون” ويضيف الفصل 15 من الدستور أنه:” على كل مواطن واجب حماية البلاد والمحافظة على استقلالها وسيادتها و على سلامة التراب الوطني. الدفاع عن حوزة الوطن واجب مقدس على كل مواطن”. لكن بالرجوع للقانون المتعلق بالخدمة الوطنية نلاحظ انه موجه للمواطن في صيغة المذكر لا المؤنث بحيث أن المرأة لا تؤدي الواجب العسكري الذي تفرضه صفة المواطنة.
و خلاصة القول فإني أكد أني لست من دعاة المساواة في الحقوق و الواجبات بين الرجل و المرأة و إنما أريد أن تحافظ المرأة على امتيازاتها إزاء الرجل من خلال التمييز الإيجابي الذي تحظى و الذي يجد جذوره في الهوية العربية الإسلامية لشعبنا، و هذه المداخلة ليست سوى رد على الغوغاء التي يثيرها دعاة هذه المساواة و صناع الصراع بين الرجل و المرأة و التي لا تجد جذورها في مجتمعنا العربي الإسلامي، فإن كان لا بد من مساواة فيجب أن تكون شاملة و مطلقة في الحقوق والواجبات أي لا بد أن تشمل المعادلة التالية:
مساواة في الميراث = إلغاء واجب النفقة + إلغاء جريمة إهمال العيال + إلغاء الجراية العمرية للمطلقة + إلزامية الخدمة العسكرية على المرأة.
[/et_pb_text][/et_pb_column_inner][/et_pb_row_inner][/et_pb_column][et_pb_column type=”1_4″][et_pb_sidebar admin_label=”Sidebar” orientation=”right” background_layout=”light” area=”sidebar-1″ remove_border=”off”] [/et_pb_sidebar][/et_pb_column][/et_pb_section]