الثورة الناموسية
|ما إن يعلن عمال التنظيف بالبلدية عن عزمهم الدخول في اضراب إلا و تسمع عديد المواطنين يطلقون صيحات فزع و تخوف من تراكم الفضلات لما تسببه من أمراض تهدد صحة الإنسان.
أكوام الأوساخ و تهاتف القطط عليها لنيل جانب من الوليمة أصبح مشهدا يوميا في شوارع و أزقة تونس و خاصة بالعاصمة. و هو ما خلق جانبا من التوتر و الاشمئزاز لدى المواطن التونسي مما دفع البعض في مدينة الحمامات لرمي القمامة أمام مقر البلدية.
لئن نتفهم الوضعيات الإجتماعية الصعبة لعمال النظافة و رغبتهم في تحسين مستوى معيشتهم في بلد يشهد هبوب رياح تغيير مست كل القطاعات ، فإننا نؤكد على أن لا يكون ذلك على حساب الجانب الصحي.
فتفشي أوبئة في هذا الوقت بالذات سيساهم في تعكير الأوضاع ويزيد الطين بلة في ظل وجود مناخين أمني و سياسي غير مستقرين و حالة اقتصادية متذبذبة.
فحق الإضراب مشروع و لا جدال فيه و لكن يجب أن لا تطول مدته و أن تتوصل الحكومة و النقابة إلى حل توافقي و سريع للمشكل لتلافي المخاطر الصحية اللتي لا يجب الإستهانة بها ( و هو ما تم بالفعل في الفترة الأخيرة ).
في هذا الصدد حذر أطباء مختصون من قدوم جحافل من الناموس القاتل إلى أراضينا هذا الصيف خاصة مع تدفق عديد كبير من الفارين من ويلات القصف في الشقيقة ليبيا و عدم تلقي تونس الدعم الكافي من المنظمات الدولية لتقديم الرعاية الصحية.
هذا النوع من الناموس ووفق دراسات حديثة أظهرت أنها الحشرة الأخطر في العالم ، هو المسؤول عن موت ملايين البشر، وهو السبب في نقل مرض الملاريا إلى الملايين، ويقول الخبراء إن البعوضة قتلت بهذه الطريقة أكثر من كل الذين قتلوا بسبب الحروب على مر التاريخ!
لذلك فيجب على وزارة الصحة و مصالح البلدية التعاون لمجابهة هذا الخطر باتخاذ تدابير وقائية عاجلة و تطوير سبل المراقبة الصحية بكافة أنحاء البلاد.
بعد ركوب ” حزب القطوس ” و تمعشه من ” الثورة ” يطمح الناموس لنيل جانب من الكعكة و في كلتا الحالتين يبقى المواطن التونسي هو المتضرر الأكبر.
في الختام أريد الإشارة إلى أن الجانب الصحي لا يقل أهمية عن الجوانب الأخرى مثل الإقتصاد و التشغيل و السياسة… بل يعتبر القطاع الأكثر حساسية و لا تقبل فيه المساومة و أنصاف الحلول. فإن أزمة صحية في البلاد ستثقل كاهل الدولة و يمكن أن تحصد أرواح الكثيرين لا قدّر الله.