التلوث في تونس..هل دقت نواقيس الخطر فعلا ؟
| إنّ المتأمل للحركات الإحتجاجية اللتي شهدتها بعض المناطق الصناعية بتونس ضد التلوث و ما يسببه من أمراض تهدد صحة الإنسان إضافة لآثاره على المحيط و مكوناته، يستطيع الجزم بأن الوضع البيئي غير مطمئن و أن السياسات المتبعة لمعالجة هذا المشكل ليست ناجعة و تفتقر للحلول الجذرية.
حسب اعتقادي، المشكل ليس في التلوث في حد ذاته فكل مؤسسة صناعية تستعمل مواد كيميائية مضرة، لكنه يكمن في أساليب و طرق المعالجة.
مصاريف كبرى تتحملها الدولة للتطهير و الرسكلة و مليارات الدينارات تنفق ليس لبعث مشاريع جديدة بل لإصلاح أخطاء المؤسسات الصناعية. فكما هو معروف فإن معالجة التلوث تتكلف أكثر من بعث مشاريع ” ملوثة “.
الدولة التونسية اضطرت للإقتراض من البنوك لتمويل إصلاح الأضرار. نسوق هنا مثالا واحدا للأن القاءمة طويلة،منح البنك الأوروبي للإستثمارتونس، من خلال آلية الاستثمار الأوروبي المتوسطي والشراكة قرضين ماليين لتمويل برنامج معالجة
الفوسفوجيبس. القرض الأول كان بقيمة 52 مليون دينار تونسي بهدف إعادة تأهيل المنطقة الصناعية بتبرورة اللتي تعاني من نسبة تلوث عالية من جراء المواد السامة اللتي تفرزها شركةNPK ( تم غلق هذه الشركة ). قرض آخر بقيمة 45 مليون يورو استفادت منه تونس لتطهير خليج قابس من افرازات المجمع الكيميائي .
بعد تناولنا لبعض الأمثلة للتلوث في تونس و التدابير المتخذة لمعالجته و اللتي تبقى منقوصة ، مكلفة و غير ناجعة ، يجب الإلتفات الآن إلى اتباع استراتيجيات جديدة.
المفتاح هنا يتمثل في الإستفادة من السياسات الخاطئة في أقرب وقت ممكن، والتحرك بسرعة نحو انتاج صناعة “نظيفة” وتنمية الطاقة المتجددة و ” الخضراء ”
طاقة نظيفة و غير مكلفة…
و في هذا الصدد نقترح بعض الحلول للحد من التلوث مثل إحداث مناطق خضراء و منتزهات قرب المناطق الصناعية و معالجة الافرازات السامة معالجة طبيعية ” بيولوجية ” و ليس باللجوء إلى أساليب كيميائية. تساهم في تفاقم المشكل
في النهاية نقول أن منسوب التلوث في تونس لم يصل بعد إلى مرحلة الخطر لكنه يدعو للقلق و يجب على الدولة و المؤسسات الصناعية اتباع سياسة جديدة في التعامل مع الوضع البيئي. مع التأكيد على ضرورة إحداث التوازن بين مقتضيات التنمية ومتطلبات حماية البيئة ، عكس السياسة الحالية و المتبعة منذ سنوات اللتي تعطي الأولوية للصناعة على حساب الجانب البيئي. كما أن غلق الشركات أو تغيير موقعها لا يمثل حلا جذريا و له آثار سلبية على النمو الإقتصادي