تحقيق :عندما تأكل التونسية بثدييها !

رغم نزوع فئة غالبة من المجتمع التونسيّ حديثا إلى التديّن، فانّ آفات أخلاقية عديدة  ظلّت تنخر جسده بشكل مفارق.. وفي ظلّ تواصل الارتشاء والرشوة وعموم الفساد سائر البلاد ، تطفو على السطح  هذه الأيام ظاهرة “البغاء الليلي” مورّطة آلافا من التونسيات في علاقات مشبوهة بشباب وكهول ليبيين  تحكمها جدلية المال والجسد… وكأنّما المثل القائل “تجوع الحرّة ولا تأكل بثدييها”   قد غدا عاجزا أمام نظرية بيع الجسد من أجل بلوغ الرفاهة…

“تونس الفتاة” تابعت ملفّ “فتيات الليل” فكان هذا التحقيق.

 

هنّ بنات جيراننا وحيّنا ومدينتنا…

محمّد ،سائق سيارة أجرة منذ ما يزيد عن 9 سنوات، ويعتقد أنّه بحكم عمله أصبح ملمّا بأحوال المجتمع التونسيّ أكثر من أيّ عالم اجتماع مختصّ… “لماذا  تقدم فتياتنا على بيع أجسادهنّ لليبيين؟ لأنّهم يدفعون أكثر من غيرهم.. وسترين عندما يكثر توافد القطريين والخليجيين بصفة عامّة على تونس ،كيف أنّ أسهم الليبيين ستتراجع أمامهم..”

و يضيف بعد أن يعدّل مرآة سيارته الأمامية ” أنا شخصيا أعمل في المساء والليل وأترك السيارة للـ”صانع” خلال ساعات الصباح… ولذلك فأنا أتحدّث عن خبرة.. هؤلاء الفتيات اللواتي يركبن سيارات التاكسي عند الساعة الواحدة صباحا أو الثانية هنّ بنات جيراننا وبنات حيّنا ومدينتنا ..أكاد أعرفهنّ واحدة واحدة…فيهنّ خرّيجة الجامعة والطالبة وحتى التلميذة … عندما يركبن معي النهار يكنّ عاديات جدّا من حيث اللباس..لكن أراهنّ في الليل وقد اختلف “اللوك ” تماما.. فمتطلّبات عملهنّ تفرض عليهنّ لبس القصير والضيق من فساتين السهرة ووضع ماكياج ثقيل وكثيرات من بينهنّ يشربن الخمر…

ربّي يهدي… اللّيبيون كانوا في السابق يتزوّجون الفتاة التونسية لأنها صعبة المنال عناية عن جمالها وثقافتها ، واليوم ، من الذي سيفكّر في الزواج بفتاة من عندنا ما دام قد حصل عليها مسبقا ب100 دولار وثوب ؟”

أمّا “المنصف”، 45 عاما، فلديه رأي آخر:” لا أظنّ أنّ غاية البنات من وراء الخروج مع هؤلاء الليبيين هي المال.. فمن هذه التي ستتحمّل غباء رجل طيلة سهرة كاملة من أجل حفنة من الدينارات؟ لو أنني كنت فتاة لما فعلتها.. أنا أعرف هذا الصنف من الرجال القادمين من ليبيا بغرض المتعة فهم الأشدّ غباء، بل ولا يحسنون الكلام وكلّ المواضيع التي يتحدّثون فيها تافهة… أظنّ أن هناك سببا لا نعلمه خلف هذه العلاقات ..فهؤلاء الفتيات بالتأكيد يعانين من مشاكل في عائلاتهنّ ونقص في الاهتمام والإحاطة ولذلك ربّما يحاولن الغروب من مشاكلهنّ بالسهر مع الليبيين والضحك عليهم قليلا..”

على السلفيين  محاربة الدعارة!

 

يبدو على “صالح” ،32 سنة، الانفعال وهو يجيب على سؤالنا حول موقفه من “راكبات الليل” ..   فيقول ” لا أعرف ما تفعله هؤلاء الفتيات خارج بيوتهنّ في ساعة متأخرة من الليل وهنّ في كامل زينتهنّ وتفوح من أفواههنّ كلّما تكلّمن رائحة الخمر… يذهبن إلى المراقص؟ إلى العلب الليلية؟ إلى مطاعم فاخرة؟ لا أفهم من أين يأتين بكلّ هذه الأموال لإنفاقها على هذه الشاكلة لو لم يكنّ يمارسن الدعارة! وليس ذلك مقتصرا على الليبيين فحسب، فكثير من شباب تونس يملكون المال وبالتالي يملكون ما شاءوا من الفتيات والنساء… منذ بداية فصل الصيف وأنا أقلّ كلّ ليلة فتيات إلى منازلهنّ بعد قضاء سهرة حافلة… والمثير للحنق أنهنّ في غالبهنّ من متساكني الأحياء الفقيرة والمتوسّطة التي يغلب عليها الطابع المحافظ.. إذن يحقّ لنا أن نسأل أين هم آباؤهنّ وأمّهاتهنّ ؟؟ ما دام دور الأولياء قد أصبح معدوما فعلى طرف آخر أن يتدخّل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه  من فتيات جيلنا..”

و بعد صمت قصير تعمّده لتفكير أو تشويق، أضاف المنصف  ” لهذا السبب تكره الفتيات التيار السلفيّ..لأنهنّ يعلمن أن السلفيين وحدهم قادرون على إعادتهنّ إلى الطريق المستقيم… ولكن كيف يستطيع رجال متديّنون ويخشون الله السكوت عن هذا الوضع؟ ما دام الآباء ينامون في الليل قريري الأعين وبناتهنّ يلهثن خلف المال الليبي فعلى السلفيين التدخّل لمنعهنّ وردعهنّ ومحاربة الدعارة.”

إنهنّ جميلات …

 

بدا “عماد”، 27 عاما، وكأنما كان ينتظر السؤال حول هذا الموضوع كي ينفّس عمّا بداخله من ألم :  ” فتيات الليل اللواتي أقلّهن إلى منازلهنّ بعد السهرة أجمل نساء تونس..إنهنّ خيرة هذا الجيل من النساء…  قدود هيفاء، عيون واسعة ذات رموش كثيفة يزيدها الكحل غموضا قاتلا، وجوه تكاد تضيء عتمة الليل، سيقان جميلة ملفوفة كأنها سيقان عارضات أزياء… وملابسهنّ كلّها رائعة كأنما صمّمت خصّيصا من أجلهنّ… إنهنّ فتيات جميلات ..”رأس مالهم عليهم” فمن حقّهنّ أن يتمتّعن بما وهبه الله لهنّ من جمال ودلال… أنا شخصيا لا ألومهنّ، إذ كيف  سيعشن أفضل عيشة ويرتدين أجمل الثياب ويرتدن أفخم المطاعم والعلب الليلية لو لم يفعلن هكذا؟ المال في تونس غدا كالهلال يظهر بعض الوقت ويختفي كامل الشهر.. أمّا عند الليبيين فهو متوفّر بـ”الهلبة”.. فلم لا ينتفعن بقدر منه؟ “.

وأضاف ” ما يحزنني هو أنّ هؤلاء البنات سيأفل نجمهنّ يوما ما عندما يكبرن في السنّ ويخبو جمالهنّ..عندها سيندمن ولو قليلا لأنهنّ لم يحسنّ استغلال جمالهنّ في تحصيل زوج مناسب يسترهنّ ويحميهنّ… وما يحزنني أكثر أننا نحن الرجال ننظر إلى هؤلاء الفتيات الجميلات عاجزين ،  فنحن غير قادرين على توفير المال الكافي للحصول عليهنّ وبالتالي نتزوّج فتيات عاديات الجمال تختارهنّ لنا أمّهاتنا.”

تبّي بنات؟

روى لي صديق ليبي على الفايسبوك كيفية حصول الليبيين في تونس على فتيات فقال ” لي أصدقاء كثر زاروا تونس وعادوا يتشدّقون بمغامراتهم مع فتيات تونسيات جميلات… وكنت أسألهم عن طريقة تعرّفهم اليهنّ فيقولون أنّهم يتلقّون عروضا من أشخاص في الشارع بمدّهم بفتيات ونساء!

حيث أنّ هناك رجالا ونساء ( عجائز أحيانا) يعرفون الليبي من لوحات سياراته وسحنته فيقتربون منه ويقولون له “تبّي بنات”؟ وساعتها يعود الخيار الى الليبي في الموافقة من عدمها ثمّ المرور إلى مرحلة  “المواصفات”.. حيث للطالب الليبي حرية اختيار المواصفات التي يريدها في الفتاة ويتولّى عارض الخدمة مهمّة احضار فتاة تشتمل على المواصفات المطلوبة.”

لكن لـ”عبد الواحد ” ، مهندس بترول 26 عاما، رأي مخالف تماما لمواطنه … التقيناه  أمام إحدى المصحات الخاصة وكان ينتظر خروج والدته المريضة.. فاغتنمنا الفرصة لسؤاله عن موقفه من سلوكيات بعض الشباب الليبي في تونس… فقال أنه لم “يسمع مطلقا بشباب ليبي يخرج مع فتيات تونسيات..” وأضاف ” الشباب الليبي محافظ ومتديّن في غالبيته فهو لا يشرب الخمر ولا يتّخذ خليلات ومن العيب والحرام تشويه سمعة الشباب الليبي..”

و قال أيضا ” هناك بعض الدول تسعى لتشويه صورة الليبيين وإظهارهم على أنّهم وحوش  ومهووسون بالجنس.. وهذا ليس  صحيحا فالمرأة الليبية محترمة ومصونة ولا أحد في بلدي يفكّر في استغلالها لقضاء حاجته منها… وأنصح شباب الدول الأخرى أن يتوبوا إلى الله ويصلحوا حال بناتهم.”

تورّطت مع شرطة الأخلاق الحميدة !

 

بالعودة إلى  أصحاب سيارات الأجرة، الذين يبدون معنيين أكثر من غيرهم بالموضوع، قال “سفيان”    وهو أجير يعمل ليلا : ” ركوب هؤلاء الفتيات معي في الليل كاد يتسبّب لي بمشكلة مع شرطة الأخلاق الحميدة ذات مرّة…حيث أنني كنت ليلتها عائدا  من “حلق الوادي”   إلى منزلي بعد انتهائي من العمل   وقد أنزلت اللوحة العليا للتاكسي للدلالة على ذلك…عندما استوقفتني فتاتان وطلبتا مني أن أقلّهما إلى حيّ الزهور.. أخبرتهما أنني أنهيت العمل ولا يمكنني اصطحابهما فترجّتاني أن أفعل.. في الحقيقة، لقد أثارتا شفقتي وفكّرت ساعتها في ما قد تتعرّضان له من مخاطر لو بقيتا طويلا في الشارع وهما مرتديتان ” فساتين مختصرة” على تلك الشاكلة.. فسمحت لهما بالركوب خاصة وأنني أقطن غير بعيد عن حيّهما…لكننا لم نسر طويلا حتى أوقفتنا دورية شرطة. ولأنني كنت أسير دون لوحة وإحدى الفتاتين  جالسة  في الكرسي الأماميّ فقد ظنّ الشرطي أنّهما بصحبتي وطلب منّي أوراقي..ثمّ التفت إلى الفتاتين وبدأ يسألهما عمّا تفعلانه في هذه الساعة المتأخرة من الليل خارج منزلهما… وبدأت البنتان في البكاء وجعلتا تقولان له أننا أصدقاء وأنني قد أخذتهما لقضاء سهرة بريئة في “حلق الوادي”..

و لأنني لم أشأ التورّط ، خاصة وأن الشرطي قد انتبه إلى  رائحة الخمر والتبغ التي تفوح منهما، فقد خرجت من السيارة وقصصت عليه ما جرى منكرا أيّ علاقة لي بهما..الحمد لله أنّ الشرطي صدّقني  خاصّة وأنّه لم يرتح لمظهر الفتاتين.. فطلب منهما النزول واصطحبهما إلى منزلهما قائلا أنه لن يأخذهما إلى المركز بل سيكتفي بتوبيخهما أمام عائلاتهما.”

إنهنّ يجنين أكثر من راتب وزير..

 

كان لا بدّ من السؤال بخصوص ما تجنيه “فتيات الليل” من أصدقائهنّ الليبيين.. إذ  من غير المنطقيّ أن يفعلن ذلك من أجل 30 أو 40 دينارا ..فمبلغ ضئيل كهذا لا يغيّر حياة بالشكل الذي  يبغينه..

و ذلك ما أكّده “ابراهيم” ،42 عاما، عندما حدّثنا عن حريفاته اللواتي يتّصلن به من محلّ سهرتهنّ ليطلبن منه القدوم لاصطحابهنّ إلى البيت.. حيث أنّ أجرة التاكسي تفوق كلّ ليلة 20 و30 دينارا..

و يضيف ”  أجرتهنّ لا تقلّ مطلقا عن 200 أو 300 دينار وقد تصل إلى 500 دينار عندما يكون الرجل من جنسية ليبية مثلا.. وبحكم عملي المتواصل لحسابهنّ فقد كان بإمكاني أن أسألهنّ حول سبب قيام فتيات ونساء في جمالهنّ بذلك.. وكانت الإجابة دائما متشابهة، فإمّا  أنّهنّ فوّتن فرصة الحصول على زوج وعلى حياة اجتماعية وإمّا  أنهنّ كنّ ضحية تفكّك أسريّ…”

و يؤكّد “ابراهيم” أنّ عدد “فتيات الليل” يقدّر بالآلاف لا بالمئات فحسب … وأنّهن يجنين من 2000 إلى 3000 دينار كلّ شهر ممّا يؤمّن لهنّ المسكن اللائق والحياة الراقية وبالتالي الحماية من نظرة المجتمع السلبية.

وين نسمع كلمة المنار نتفجع !

“منى”، 26 عاما، تعمل باحدى المؤسسات في المنار. تروي قصّتها مع أحد سائقي سيارات الأجرة ضاحكة :” ذلك الصباح كنت ذاهبة إلى عملي ولأنني تأخرت في النهوض من النوم فقد اضطررت الى ايقاف تاكسي.. صعدت في المقعد الخلفيّ وقلت للسائق ” المنار يعيّشك”… فإذ به يلتفت إليّ ممعنا التحديق بي وسألني “وين في المنار؟” وعندما أجبته أنني ذاهبة إلى عملي في مؤسسة (س.) بدا عليه الهدوء ..ثمّ أخبرني ونحن في الطريق عن سرّ سلوكه  ذاك قائلا أنه كلّما طلبت منه فتاة جميلة أن يقلّها إلى المنار يصاب بالذهول والخوف عليها.. وفسّر لها أنّ مقاهي المنار ومطاعمه وشققه قد تحوّلت إلى بؤر دعارة يقصدها الليبيون للتعرّف على فتيات تونسيات واصطحابهنّ لقضاء وطر…

مضيفا ” كنّا نظنّ أنّ هذه الأشياء تحصل فقط في الضاحية الشمالية لكن ها أنّها بدأت تغزو الأحياء القريبة منا …لم يعد هناك مكان في تونس للناس الطيبين . المال هو السيّد.”

Please follow and like us:
22 Comments
  1. حمزة عمر

اترك رد

Verified by MonsterInsights