تآمرنا على تآمركم
|إذا نظرنا إلى أقوال و تصاريح الأنظمة العربية قبل سقوطها في الربيع العربي، أو التي هي بصدد مقاومة هذا الربيع المتواصل في حر الصيف مثلما هو الحال في سوريا فإن وصفهم للحراك الشعبي يتلخص في نقطتين: إما أن يتم وصف الأحداث بكونها مؤامرات خارجية مع قوى داخلية تهدف إلى إسقاط النظام وتعويضه بنظام أخر يتماشى مع متطلبات الغرب والذي بات يفكر في مرحلة ما بعد الأنظمة الحالية البالغ معظمها مرحلة الشيخوخة والهرم المؤشرة على نهاية قريبة المدى. وتبريرهم الثاني يتمثل في اعتبار ما يجري من سخط شعبي على أنه أعمال ارهابية تقودها تنظيمات مرتبطة بما يعرف بالقاعدة. وفي كلتا الحالتين الأنظمة العربية تحاول أن تبرر ما يجري على أرض الواقع بالرجوع إلى فكرتي المؤامرة والخروج عن الشرعية. ولسائل أن يسأل ألم تتواطأ نفس هذه الأنظمة مع أهوائها و رغباتها ضد شعوبها قصد البقاء في الحكم كجعل القادة حياتهم الخاصة والعائلية جزء لا يتجزأ من الدولة و جعل المال العام حكراً على النظام ؟ ألم تتواطأ الأنظمة العربية مع شبح الإرهاب وذلك لتبرير بقائها ولتبرير ما تعتمده من وسائل قمعية ضد شعوبها ؟ ألم تتواطأ الأنظمة العربية ضد العروبة مع محتلي الأراضي العربية قصد استجلاب رضا القوى الداعمة لدولة إسرائيل؟ ألا تعتبر مثل هذه التصرفات خروجاً عن الشرعية وتأمرا على الشعوب التي لا خيار لها سوى الإذعان لقوة الحاكم؟ بل إن هذا التأمر أشد خطورة من التأمر الشعبي، إن وجد، مع القوى الأجنبية. فالأنظمة الغربية وإن كانت بالطبع تبحث عن مصلحة في انقلاب الحكام العرب وزوالهم إلا أن هذه المصلحة لا تمس مبدئياً من الحقوق الضرورية للشعوب والمتمثلة في الحرية والعدالة والاستقلالية و التي اضمحلت في عهد الحكام العرب . فتهديد الأنظمة العربية لشعوبها ووطنها أقوى من تهديد الأنظمة الخارجية التي تبحث عن علاقات وصفقات تحمي بها مصالحها ولا تضر بمصالح الشعوب العربية بقدر ما سببته و تسببه الأنظمة العربية. فقد بات من الضروري لكل حاكم يهدده الربيع العربي أن يجد البديل لتبرير قمعه وعنفه ضد الحراك الشعبي، عله ينجو من الفناء إذ أن التشبث بفزاعة المؤامرات والإرهاب وإن افترضنا صحتهما إلا أنهما كما ذكر سابقاً فزاعتان تخلوان من كل إقناع.