قراءة في فيلم “نادي القتال”:هل حقّا تريد أن تعيش؟

بقلم: محمّد أمين ضيفي

عُرف عن الاغريق تفريق مثير في معنى الحياة، إذ كانوا يشيرون إليه بلفظين مختلفتين: zôè (مجرّد الحياة الطبيعية بعامة) وbios (طريقة الحياة أو نمط الحياة الخاص بالبشر). هذا الفرق بين اللفظين ليس ترفا خطابيّا أو شكلا من اشكال اللغو ، بل يبدو أنّه يخترق النصوص الفلسفية الأولى كما يوجد عميقا في الكتب المقدّسة وينبض حياة داخل أروقة السينما، وهذا ما سنتطرق اليه في مراجعتنا اليوم.

مع المخرج دافيد فينشر وعبر فيلمه الشهير “fight Club”نادي القتال”(Fight Club)  سنتناول مسألة الحياة والعيش بعيدا عما تقدمه المقاربات الفلسفية المختلفة، بطرح سؤال جوهري، أهمّ في القيمة من ناحية أنطولوجية من الأسئلة التي تعلّقت المنهج الذي يمكن عبره تصنيف ما نختبره على انه حياة ام عيش، فسؤالنا سيهتم بإرادتك، عزيزي القارئ، وليس بما يجب أن تعرف. فهل حقّا تريد أن تعيش؟

أن تكون رهينة، ومسدّس في فمك ويكون اهتمامك الأوحد هو نظافة المسدس، مع غياب أي خوف من الموت الوشيك أو رغبة في الحياة من الأساس، فجأة تتذكر لماذا انت هنا، ثلاث دقائق تبقت وانت لا تفكر إلا في ثلاث كلمات، (المسدس، المتفجرات، الثورة)… سيارات مفخخة في جميع البنايات القريبة من مكان احتجازك. أنت تعرف هذا لأن تايلر، محتجزك، يعرف هذا، ويقول لك أنّك لا تؤذي إلا من تحب والعكس صحيح ، فتتذكر ان كل هذا له علاقة بفتاة تدعى مارلا سينجر.

بظن كثيرون أن افتتاحية فيلم ‘الفارس الأسود” The Dark Knight  هي من أعظم الافتتاحيات التي رأتها السينما في العقد الماضي لما فيها من لمحات عن شخصية “الجوكر” الكاريزمية. إلا أني أرى بلا شك أنّ افتتاحية  دافيد فينشر تتفوق على افتتاحية كريستوفر نولان في نقطة السرد القصصي واستعراض الشخصيات. فإن كان عليك أن تطلب من نولان أن يقوم بسرقة بنك غير اعتيادية وغير متوقعة النهاية ليستعرض شخصية الجوكر، فإن الأمر لم يتطلّب من فينشر غير حوار نفسي بسيط وذكر اسم واحد ليلخص فيلم مدته ساعتين وتسع عشر دقيقة قي دقيقتين.

كانت الافتتاحية ببلاغتها كافية لأنّ نفهم أننا أمام عمل ذي سرد غير خطي وأنّ كل ما سنراه فيما تبقّى من الفيلم ما هو إلا سرد من الراوي لكيفية احتجازه من طرف تايلر. أوّل عودة استرجاعية تحيلنا إلى تجمع للمصابين بسرطان الخصية واحتضان الراوي لبوب أو كما يصفه برجل بأثداء عاهرة. في هذا النوع من الأفلام، أنت لا تتوقع أي شكل من الكوميديا إلّا أنّ الوصف وإن كان كوميديا، فهو ليس إلا جزء من خطة المخرج ليحدد ماهية العيش ومن يستحقها. فإن كان فتحي المسكيني يربط العيش بمصطلح العيش الرغد في مقاله   “ما الفرق بين أن نحيا وأن نعيش؟” الذي اقتبسنا منه تمهيد مراجعتنا، فان نظرة فينشر للعيش ومن يستحقه تحنو منحى اخر راديكاليا لأبعد الحدود وهو ما سنتبينه لاحقا. لقاء الراوي بوب تحاضنهما ثم طلب بوب من الراوي البكاء لمّا حان دوره ليعبر عن مشاعره في هذا النشاط التابع لتجمع المصابين بسرطان الخصية والذي فقد اغلبهم رجولتهم، يوحي كل هذا بانطباع خاطئ: ما مشكلة الراوي؟ هل خسر رجولته؟ (Did he lost his balls ?)  يسمع الراوي سؤالنا ويعود قليلا إلى ماض قريب. إنه مصاب بالأرق منذ ستّة أشهر. حياته رتيبة إلى اقصى الحدود الممكنة فهو موظف في شركة سيارات قسم مراجعة المخاطر. قهوة “ستار باكس” في كل مكان، هو يحملها كل الموظفين في مقر عمله يحملونها، هذه الصورة يستعملها المخرج لغرض وحيد وهو بناء أطروحته والتي سيعمل على إثباتها عبر عديد من الصور المشابهة في الفلم. يبدو أن الحياة ليست فقط نمط الحياة الحيواني بل هي الرتابة والاستهلاك. يبدو أن مفهوم الحياة عند المخرج مرتبط ارتباطا وثيقا بالاستهلاكية الإدمانية لدى المجتمع الأمريكي الحديث. إنّها عبارة عن إعادة تداول للكوجيتو بإقرار جديد وهي: أنا أستهلك إذن أنا موجود… 

تعليقات مختلفة نسمعها من الراوي على طول مدة الفيلم، كلها تحمل معنى أن الآلهة القديمة قد ماتت وآلهة جديدة أكثر توحشا ظهرت، أي أن السلط البيروقراطية وما قبلها لم تعد هي ما تحدد مصير الإنسان بل هو اليوم رهين الشركات والثقافة الاستهلاكية التي تجعل ممتلكاتك تملكك وليس العكس. راوينا ليس استثناء من كل ما سبق، فإضافة للازمة الأرق وفقدان المشاعر التي يعاني منها، فهو مستهلك شره يعيش حالة اغتراب شديد فأي حل لهذه الازمة الوجودية التي يعاني منها الراوي؟ يسمع الراوي سؤالنا ويعود بنا الي ذلك المشهد حيث يحتضن بوب ويبكي بكاء الأطفال.

استعمال تجمعات مثل تجمع المصابين بسرطان الخصية والانخراط في نشاطاتهم هو المتنفس الوحيد للراوي طريقته لينام بعد بكاء طويل في حضن مختلف كل ليلة: فمرة في تجمع لمدمني الكحول، وغدا سيكون عند المصابين بالسرطان، أما الليلة فهو في موعد مع تجمع المصابين بالطفيليات. من طرافة المخرج أن يضع طفيليا مثل الراوي في تجمع مماثل ولكن الراوي لا يهتم طالما يستنزف ألم غيره ويفرغ ألمه بينهم ليهرب من الأرق. مارلا سينجر اسم سمعناه في الافتتاحية سابقا نجدها في كل تجمع يحضره الراوي: ملابس رثة سوداء وشعر قصير ونظارة سوداء وسيجارة في شفاهها المائلة للبنفسجي. إنها النقيض المؤنث للراوي. ليست فقط نقيضا بل إزعاجا يلاحقه فهو لا يتحمل وجود طفيلي آخر مثله في كل التجمعات حتى تجمع المصابين بسرطان الخصية. عاد الأرق. لا يفكّر إلا بمارلا وكونها مزيفة تعري زيفه وتفسد متنفسه الوحيد. نعم، حان الوقت للحديث مع مارلا ولكنّه أولا سيكمل جلسته مع تجمع المصابين بالسرطان. مارلا خلفه ولكنه يريد التركيز مع رئيسة التجمع التي تطلب من الجميع إغماض اعينهم والتوجه لكهفهم الامن عبر مخيلتهم. إنّه بتجول في ذلك الكهف. يكتشف خفاياه. وصل لنهايته. مارلا هنا. على ما يبدو، ستكون إزعاجا لنا أيضا. سنجدها كثيرا. انتهى النشاط وتصعد مصابة بالسرطان في آخر أيامها لتعلن أنّها لا تخاف من الموت بعد الآن. لو كان مخرجنا هو مارتن سكورسيزي، لعمل لكي يجعل خطاب هذه المصابة درسا أليما لنا. ولكن لفينشر معنى آخر عن عدم الخوف من الموت وهو الكوميديا السوداء. يعمد عبر هذا الخطاب لأن يلغي تعاطفنا الممكن مع هذه المصابة ويحوله إلى هزل وسخرية. فطلب هذه المصابة لم يكن طلب الصلاة لها بعد ان تموت أو أن تشجع غيرها من المصابين، بل فقط طلبت ممارسة الجنس للمرة الأخيرة. هذه الصورة الهزلية من أحداث كنا نراها بهيبة جزء من خطة المخرج ليقودنا إلى طريق العيش ، وهو اختصارا القاع. لن تعيش ان لم تصل إلى الحضيض. يبدو أن المصابة بالسرطان هي اول من نراه يعيش في هذا الفلم لا يهمّها رأيك أو هذا المجتمع الاستهلاكي. هي تريد الجنس والأمر ليس مرتبطا بالرغبة الجنسية لكي تعيش، بل بإرادتك التي يجب أن تكون فوق إرادة المجتمع فلا يتوقع احد من مريضة سرطان على وشك الموت ألا تلبس قناع العفة والايمان والفضيلة ولكن مريضتنا أزالت كل هذه الأقنعة الاجتماعية ولم تنافق أحدا ولم تهتم بأحد غير نفسها وارادتها ورغبتها. هذه هي النقطة التي يحاول فينشر أن يوصلها ولا طريق لك للعيش إلا ببلوغك القاع، فهل أنت مستعد؟

يبدو أن الراوي مستعد للحديث مع مارلا فهي عند طاولة المأكولات والقهوة. “لقد كشفتك، أنت مزيفة، أخرجي من هذه التجمعات، أنت لا تنتمين هنا”. نظرة واحدة على شكل مارلا يعطيك انطباعا عن شخصية هذه الانسة. ستعرف اجابتها قبل ان تتلفظ منها وستضحك على نكاتها السوداء قبل أن تلقيها: “حقا ؟ وأنت أيضا عزيزي وللمفارقة أنتمي لتجمعات عديمي الخصية اكثر منك في الواقع. وبالمناسبة رأيتك تتمرن لأيام على الحوار الذي تجريه معي ولا أظنه سار حسب المخطط”. يمكن وصف ما سبق بالصدمة للراوي وإن كانت متوقعة الا ان هذه الصدمة سرعان ما تزول حين يطلب رئيس التجمع من كل ثنائي أن يحتضن أحدهما الآخر. احتضان مارلا كان آخر ما يتوقعه الراوي في هذه الليلة. أن يحتضن مزيف آخر، هذا عكس رغبته تماما. ولكن هل هذا صحيح؟

“لماذا تفعلين هذا؟” تجيبه: “عندما تكون على وشك الموت الناس يستمعون لك، يوقفها هنا ويكمل “يستمعون بدل انتظار دورهم في الحديث”.

هنا وفي هذا الحوار تحولت مارلا من مزيف منافس ومفسد للمتنفس الوحيد للراوي الى شبيه في رحلة القاع التي بدأ الراوي خوضها. ينظر إليها نظرة إعجاب أخيرا. لكنها ترحل فيلحقها. مشهد الرحيل وعبور مارلا طريق سيارات دون أي قلق او خوف من موت يستغله الراوي ليعلن عن كون مارلا ثاني من يعيش في هذا الفيلم. كلّ حوار لاحق لهذا المشهد هو تأكيد لهذا الإقرار وتنتهي هذه الحوارات بطلب الراوي عديم الاسم -كما تنبهنا مارلا- رقمها لكي يقتسما تجمعات البؤساء ولا يلتقيا مجددا.

هو يريدها أكثر من أي شيء. رغم ذلك فعل ما يبعده عنها. تسمع عن الحب من أول نظرة ولكن هل سمعت عن الحب من أوّل حوار؟ فينشر يرى حب النظرة الأولى سطحيا للغاية ولن يدفع المحب لان يغير كيانه لأجل محبوبه، ولكن حب الحوار الأول هو  من النوع الذي سيجعلك تبني ذاتا جديدة لأجل من تحب قبل أن تصارحه حتى بحبك له. أنت لا تحب مظهره بل تحب كيانه وتهدف للتماهي معه.

رحلة القاع التي يخوضها الراوي بعد هذا المشهد -الذي قد يكون جوهر الفلم ومتعته- ليس إلا محاولة الراوي أن يكون ذلك الشخص الذي ستعجب به مارلا. نعم، يريد أن يعيش لأن مارلا لا تحب الأحياء.

يكون حواره الذاتي عن كرهه لذاته الحالية وتمنيه أن تكون ذاته المستقبلية تجاوزا لها. وسط هذا الحوار، تأخذنا الكاميرا في المطار الذي فيه الراوي إلى تايلر دردن وفي المشهد التالي يكون تايلر إلى جانب الراوي في الطائرة.

أظن الحوار الافتتاحي بين الراوي وتايلر من الحوارات التي يجب ألا نراها كحوار بين مسافرين لا شيء يجمعها غير وجودهما في الدرجة الاقتصادية بل هو الحوار الذي حدد المسار الذي سيتبعه الراوي حتّى نهاية الفيلم.

تايلر ذو المظهر الشبابي والملابس الغريبة والراوي مع ملابسه المملة التي يرتديها أي موظف بائس صورة لما هو كائن وما سيكون للراوي وليس جمعا للنقيض بنقيضه فحسب، بل هو طرح لفكرة جديدة مفادها ألّا ترى أن طريق التعاسة هو طريق السعادة الحقيقية. فنحن والراوي نجهل أيّ طريق يؤدي للسعادة، أي سعادة “ان تعيش”. تلك السعادة الحقيقية التي تنبع من اكتفاءك بذاتك دون اعتبار للغير سعادة الآلهة فحسب، حسب وصف أرسطو. إلا أنّ فينشر يذهب الى حيث لم يذهب الفلاسفة في بحثهم عن السعادة، فإن كان هنالك عجز ابسيتمولوجي في فهم ماهية السعادة، فإنّ فينشر هنا يستخدم التعاسة سبيلا نحو مطلب السعادة. فالتعاسة هنا محددة الماهية وهي المضاد الشرعي لمفهوم السعاد.، فدعنا نزيح القاعدة الأرسطية والقصد هنا جمع النقيضين ودعنا نستخدم التعاسة سبيلا للسعادة. لا يبدو فينشر من محبي المنطق، إلا أنّه يطبّق أطروحته المتعلقة بالتعاسة في الأحداث التالية والتي تتلخص في تفجير شقة الراوي وانتقاله للعيش في بيت مهجور لا يصلح للحياة بعد دعوة من تايلر تمّت في ظرف يعرّي فيه المخرج ضعف شخصية الراوي في مقابل تايلر .

الظروف التي نتحدث عنها هي التي أدت لولادة نادي القتال بعد الشجار المدبر التي تم بين تايلر والراوي أمام الحانة، وهو ما كان أوّل خطوات القاع بالنسبة للراوي. فأن يثمل ويتشاجر حتّى تبقى في وجهه آثار الضرب ويذهب لشغله في اليوم التالي بصورة غير لائقة، فذلك إقرار الراوي أنه لم يعد يهتم: سأسهر الليل أقاتل في نادي القتال. سأجند مع تايلر شبابا وزملاء ونتقاتل ونذهب لعملنا في اليوم التالي ولن نهتمّ.

تتصل مارلا بالراوي. إنه اتصال انتحار على ما يبدو، إذ تناولت الكثير من الأدوية. الراوي يسمعها قليلا ثم يترك الهاتف دون أن يقفل الخط ويذهب تاركا مارلا تتكلم دون أن يسمعها أو يجيبها أحد. ينام ويحلم بانه يقيم علاقة مع مارلا. غريب أمره حقا. تخلى عنها منذ ساعات وهي تموت ولكنه لازال يريدها. يستيقظ ويذهب إلى المطبخ، “لن تصدق بماذا حلمت”، يظن أنه يحادث تايلر. ولكن ها هي مارلا في المنزل مع لباس خفيف ويبدو انها قضت الليلة مع  تايلر ليلة صاخبة، حسب تعبير هذا الأخير، تجمع بين السادية والنشوة نرى غضب الراوي ولكنه يحاول كظمه.

طبعا عزيزي القارئ أنت وأنا وكل من شاهد الفيلم نعلم أن تايلر هو الراوي وما الصورة التي يراها الراوي الا تخيل لما يريد ان يكون، إلا أنه يفعل كل تلك الأفعال حقا. هو من فتح نادي القتال وليس تايلر المتخيل. هو من يجند الشباب لمشروعه التخريبي. أظنّ أنه أصبح ذلك الشخص الذي تريده مارلا، فهي تحب تايلر وتكره الراوي. تحب ذلك الواثق من نفسه الذي يشعل ثورة ضد الرأسمالية وتكره ذلك المتشائم الذي يخفي حبه لها. إلا انها لا تعلم أنّ ذلك الواثق قد قرر قتلها وأنّ ذلك الخائف يحميها. بلغ الراوي القاع. هو في صراع نفسي بين شخصيتين. أحدهما يريد تدمير من جعله يعيش حالة الاغتراب الاستهلاكي أي الشركات والبنوك، وهو واثق شجاع يحترمه الجميع، سعيد إذ لا يعني الموت له شيئا، وهو مكتف بذاته. أمّا الثاني، فهو ذلك الذي يحب مارلا ودخل هذه الرحلة ليعيش لأجلها، ليكون من تريد هي. هو لا يحترم نفسه، إلا أنّه سيفعل كل شيء لأجل مارلا، وعند قولنا كل شيء، فنحن نتحدث عن افتتاحية الفيلم ونهايته. تايلر يمسك المسدس ويضعه في فمه. إن لم يقتل نفسه، فشخصيته الأخرى ستقتل مارلا. أظن أن فينشر يختبرنا نحن ولا يختبر الراوي او تايلر. هل تخاف الموت أم تخاف أن تخسر من يعطي لحياتك معنى؟ تايلر أجاب بوضوح على هذا السؤال فهو يريد ان يعيش. هو لا يخاف الموت بعد الآن. هو يخاف أن يخسر وهو سعيد حقا، لأنه سيفعل هذا لتعيش مارلا. يطلق الرصاصة فتصيبه، ولكنها أدت لجرحه وليس موته وهنا يختفي تايلر المتخيل غارقا في دماء جرحه. ينظر من البرج الذي هو فيه، وهنا تصل مارلا لتراه بهذا الحال. لا أحد يفهم لماذا أطلق النار على نفسه، ولكنها تفهم أنه يحبها. ينظران من النافذة ليشاهدا رسالة وداع تايلر المتخيل. لقد ربح هو أيضا، فقد فجّر كل البنوك ودمّر من أدى لاغترابه حسب تصوّره. أما الراوي، فقد ربح مارلا. لا خاسر في الحقيقة في هذا الصراع، صراع الرغبة في الموت والرغبة في الحياة، صراع هل تريد أن تحيا أو أن تعيش.  حسب فينشر، أنت تريد أن تعيش ولكنك في نفس الوقت لا تريد. أن تعيش يعني أن تخلق ماهية جديدة تمحو ماهيتك الحالية، ولكن هل ستسمح ذاتك لنفسها أن تمحى؟ إن كانت ذاتك كذات الراوي، فهي ذات لا يهمّها ذاتها بقدر ما يهمّها الغير الذي تريد أن تتماهى معه، ولن تسمح أن تمحى أن كان هنالك تهديد لذلك الغير. إنه صراع ملحمي صاغه ديفيد فينشر عبر تحفة فنية تعيد عديد الأسئلة الفلسفية للواجهة.

 

Please follow and like us:

اترك رد

Verified by MonsterInsights