وقائع القتل المشتهى
|
بقلم: حمزة عمر
إلى فريدي مركوري، حيثما كان
-1-
قتلتُه يا أمّي…
خضّب شعري دمُه
يصير سنّي شَفَقًا
ما كان قبلي أحدٌ بالغه
لمّا مشى بين ثنايا جسمي
مازال سكّيني على ارتعاشه
يهتزّ أربعين مرّة
يعدّ ما تراءى من جراح
وهي تفتح ذراعيها
تريد ضمّي
الرعب في عينيه كان صاخبا
صيحاته سجينة في أذُنيّ
كم أخاف موعدا تضربه لي كلّ ليلة
لتسرد الحكاية كما هي، كما أبصرتُها
كما فعلتُها
أزيد غرقا في إثمي
أمّاه، لا تبكي عليه أو عليّ
ذاك ما كنّا كتبناه معا
وما انتظرناه مع القصيدة الأولى
تشرّدا على تجلّيات الحلم
-2-
كان فيه كلّ ما أكرهه
مرجل خوف كلّه يغلي
غبار من مآس لم تقع إلا افتراضا
وحطام من تواريخ بلا معنى
خدوش ضخّمت في مجهر الذات الخجوله
ربّما يصنع الجمع انفجارا
لثوان يرتدي هبّات البطوله
ثمّ يرتدّ إلى داخله والجرح وليد
يستوي شابا فتيّا بعد يومين
فيقفو سابقيه
في زحام يقفل الأبواب في وجه النفَسْ
أبدا ما كان حيّا
طعنتي طالت رمادا ربّما يحلم بالعنقاء
لا جمر بتلك النار
لكنّ أمانيه اصطياد للقبس
عاش أم مات… أروني الفرق
آلاف على صورته مرّوا
رأوا مستقبلا في عالم هم وحدهم أنصابه
لم يعبر ضفاف الحلم منهم أحد
قد علقوا في الوقت، وقت الأماني
يستعيذون مرارا من أباطيل الهوس
-3-
عندما تعزف الريح أصغي
لعلّي أخمّن من أين تأتي
إلى أين تقصد
ماذا تقول أناشيدها؟
غالبا، لست أسمع منها جوابا
ولكن إذا ما صفا الجوّ
أو رقّت الروح
قد نلتقي في مكان قصيّ
ليحكيَ تهويدُها:
لست إلا هواء يضلّ
ولا شيء يهدي السبيل
أظلّ أغنّي لأؤنس نفسي إذا ارتجَفَت
أتمسّك بالنبض لأنسى الضياع
أعدّ الدقائق أرقب نجما يطلّ عليّ
لأعرف أنّ الطريق حقيقه
عُمُري الآن ما لست أحصيه
لم يتبدّ أمامي سوى البرق
لاحقته مرّة بعد أخرى
وها أنا في أوّل التيه مثل البداية
ما عادت السنوات تجيب ندائي
عساها تكون بصمتي رفيقه
أعرف الآن شيئا فقط…
أنّ لا شيء حقّا يهمّ
وكلّ الرحيل هباءْ
ربّما لو علمتُ بذلك من قبلُ
كنت لأتقن عزفي
ليصبح في ذاته غاية
ربّما وقتها كان يمكن أن ينجلي قلقي
فأسكن فيما أسمّيه لي منزلا
لا أبالي أتسمع صوتي السماء
-4-
غفرتُ لكم جميعا
فاذهبوا، قد صرتم الطلقاء،
من حزني ومن غضبي
لقد خُضت الحروب جميعها
علّي أراني بينكم
لا أخنق الكلمات داخل مهدها
أمشي ولا أحصي خطاي
أنام ليلاتٍ بلا أرقٍ
فكيف ألوذ بعد اليوم بي
إن كنت قد أنفقت نفسي كلها فيكم
ولم يتبقّ شيء لي
أسجّل فيه ما أنا
مثل تذكار على ورق
أراني والليالي أنقضت ظهري
أسافر في زمان لم يكن من قبلُ لي
فارضوا إذا شئتم
أطيلوا العذل إن رمتم
فلم أخلق لأحيا ها هنا فيكم
بلا وجه ولا نسب
سأولد مرّة أخرى
على جبل يطلّ على أقاصي الكون
أصنع من سقوط الثلج حضنا
فوقه أغفو قليلا
ربّما أصحو وكلّي حاضر
في ساعة الفلق
نشر هذا النصّ بمجلّة حروف حرّة، العدد السادس، أوت 2021، ص. 10.
لتحميل كامل العدد: http://tiny.cc/hourouf6