التخطيط للمستقبل المهني يبدأ من الجامعة

مصدر الصورة: realites.com.tn

بقلم: خلود الخمّاسي
تقول الحكمة: إذا فشلت في التخطيط، فقد خططت لفشلك. وروح المقولة أنّ سر النجاح يكمن في التحضير المسبق للمشاريع مهما صغُر حجمها وحتى لو كانت فردية.  تشمل هذه القاعدة الطلبة الذين هم بصدد الدراسة وتفصلهم سنوات عن سوق الشغل.

عادة ما يصرف الطلبة جزءا كبيرا من زمن السنوات الدراسية الجامعية في التحصيل العلمي والمشاركة في النشاطات الجامعية أو المدنية ولعل أغلبهم ينكبون على التحضير للبحث عن شغل خلال سنة التخرج وربما أيضا انتظروا حتى بعد التخرج للشروع في البحث.

التحضير المبكر للتخرج والحصول على شغل يمكن أن يسهّل المهمة ويقصّر وقت البحث والاستقرار في وظيفة. فيما يلي بعض النصائح التي من شأنها أن توجّه الشّباب الجامعيّ نحو التخطيط المنهجي للالتحاق بسوق الشّغل (أو إنشاء مشاريع خاصّة).

–  إبدأ في التخطيط للعمل منذ السداسيّ الثاني في الجامعة. خلال السداسيّ الأوّل، عليك التّعرف على تفاصيل اختصاصك، مثلا أهم الأساتذة في جامعتك وحتى جامعات أخرى، منشورات الأساتذة الجامعية وآفاق المتخرجين السابقين. خلال السّداسيّ الثاني، حدّد أهم الروّاد في المجال الذي تريد أن تتخصص فيه وحاول أن تفهم أهم نقاط قوّتهم الذاتيّة والأكاديميّة. حدّد كذلك أهم الإنجازات أو المشاريع في اختصاصك التي من الممكن أن تنخرط فيها كمتربّص أو موظف أو تستلهم منها أفكار مشاريع أو برامج لتنجزها.

– حاول في السنة الثانية من التكوين الجامعي أن تضيق اهتماماتك تحضيرا للتخصص والتميز فيه. يذهب الكثيرون إلى تعدد الاختصاصات ولكن من الواقعيّ القول أنّ التخصص يساعدك على النجاح أكثر علميا وتحقيق مداخيل أعلى ومن الممكن بساعات عمل أقل. من الأجدر أيضا العمل على تقييم المهارات الذاتية قصد العمل على إثرائها أو تدارك النقائص. إعمل أيضا على تحديد الشركات التي من الممكن أن تشتغل بها أو المشاريع التي من الممكن أن تنجزها.

– خلال السنة الثالثة عليك بالشروع في طلب الشغل أو البدء في المشاريع. يمكن أن تلتحق بمؤسسة كمتربّص وتواصل العمل كموظف معهم عند التخرج ويمكنك البدء بتحضير دراسة مشروع وتبدأ فيه قبيل التخرج أو مباشرة بعده.

من المهم في سنة التخرج أن تكون ملما بأهم حيثيات اختصاصك وهذا ما يعبر عنه بالجانب المعرفي أو التقني. يجب أيضا أن تكون متمكنا من لغة اختصاصك ولغة أو لغات أخرى من شأنها تسهيل عملك. مثلا لو كنت متخصصا في اللغة العربية فيجب أن تكون ملما بها كاختصاص معرفي ولغة تواصل أي أن تكون قادرا على استعمالها بسلاسة. وإذا نويت الالتحاق بمدرسة أجنبية، فمن المحبذ أن تكون ملما باللغة الفرنسية حتى تستعملها إداريا في تحرير تقارير الأعداد للتلاميذ مثلا. ويجب كذلك أن تكون قادرا على التواصل كتابيا وشفاهيا بشكل محترف: أن يكون عندك قدر من الحضور فذلك يساعك على الإقناع والتعاون مع مهنيين آخرين.

 عموما عند إنهاء الجامعة، يجب أن يكون الخرّيج متمكنا من أبجديات اختصاصه ولغة تواصل الاختصاص ومن المحبذ لغة أخرى على الأقل وقادرا على التواصل بشكل سلس ولبق. كل هذه النقاط هي مهارات يمكن تعلمها بالممارسة والتمرن المستمر ومواجهة وضعيات تواصلية حقيقية.

 لو أمكن لكل طالب تخصيص ساعتين أسبوعيا خلال سنوات الدراسة الجامعية للعمل على التحضير لسوق الشغل فالنتيجة ستكون مبهرة وتضمن النجاح على أوجه عدة. لكن تجدر الإشارة إلى أن الحصول على عمل هو خطوة أولى في رحلة جد طويلة تمتد على سنوات عديدة. ليكون الفرد قادرا على مواجهة المتغيرات في محيط العمل يجب أن يكون قادرا على مواصلة التعلم، فحسب براين ترايسي، كل ما يتعلمه الفرد يبلى بعد سنتين ونصف.

صدر هذا المقال في مجلّة حروف حرّة، العدد الثاني، أفريل 2021، ص. 3

لتحميل كامل العدد: http://tiny.cc/hourouf2

 

 

Please follow and like us:

اترك رد

Verified by MonsterInsights