حرب التكنولوجيا العسكرية
|انتهت الحرب الباردة وانتهى معها سباق التسلح الهستيري بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي. ولكن لم ينته ولع وشغف هاتين القوتين العظمتين بالصناعات العسكرية منذ انتهاء السلام الساخن بينهما، ومازالتا روسيا وأمريكا تتصدران المراتب الأولى في صناعة وبيع الأسلحة. ولا يمكن إرجاع هذا فقط إلى عامل الحرب الباردة التي عاشتها كل من أمريكا وروسيا، والتي ساهمت في تكوين ثقافة التسلح لديهما. فالأمر يتجاوز مجرد هذا العامل التاريخي أو ما تضعه ميزانية كل دولة على ذمة الصناعات العسكرية، إذ أن روسيا وأمريكا تتميزان عن غيرهما من الدول الأخرى بالتقدم والتطور التقني العلمي العسكري. فالتكنولوجيا العسكرية التي تمتلكها كل من أمريكا وروسيا تمظهرت في العديد من الصناعات العسكرية من منظومات الصواريخ البالستية ، برامج المقاتلات، الدفاعات الجوية، الخ…والمثال الحديث والذي يجسد سيطرة الدولتين على الصناعات العسكرية هو الجيل الخامس من المقاتلات(fifth fighters generation)
فالولايات المتحدة الأمريكية كانت أول من قام بتصنيع مقاتلة الجيل الخامس من خلال مقاتلة F22 رابتور(F22 raptor). هذه المقاتلة تتميز عن سابقيها بصعوبة ضبطها عن طريق الرادار وهو ما يسمى باللغة التقنية فرتفيتي(furtivity). هذه المقاتلة تم وضعها على ذمة الجيش الأمريكي منذ سنة 2005.
رد روسيا لم يكن سريعاً ولكنه جاء بطريقة أكثر من مقنعة إذ أن موسكو وبالخصوص شركة سوخوي قامت بصنع مقاتلتها من الجيل الخامس تحت إسم سوخوي ت 50-(sukhoy T-50) أو ما تعرف بالربترسكي(raptorsky) كإشارة إلى المقاتلة الأمريكية من نفس الجيل. تمت تجربتها في 2010 كأول إقلاع لها ومن المفترض أن تعزز ترسانة الجيش الروسي في 2016. بالإضافة إلى خاصيتها كمقاتلة من الجيل الخامس أي صعوبة ضبطها بالرادار ، فإن المقاتلة الروسية لها ميزات أخرى كالقيادة الإلكترونية والتي توفر الربط والتبادل الفوري للمعلومات مع القاعدة الأرضية والمقاتلات المرافقة في المهمة وذلك في آن واحد، مما يسهل مهمة قائد المقاتلة في التركيز على مهمته .
ورغم أن روسيا والولايات المتحدة الأمريكية اكتسحتا ومازالتا تكتسحان سوق الصناعات الحربية وخير دليل على ذلك نسبة مبيعات المقاتلة F16 فالكون والميغ والسوخوي من جملة المقاتلات في العالم، دون نسيان الصناعات الحربية الأخرى من دبابات وأسلحة خفيفة، إلا أن ذلك لا يعود للعامل التجاري البحت أي التوافق بين السعر والجودة (و هذا العامل أحبط ساركوزي وجعله غير قدر على بيع مقاتلته رافال رغم ما تمتاز به من مهارات تضاهي أو قد تفوق ال-f16) ، أو لعامل التسويق و الإشهار، من خلال استعمال كل من أمريكيا وروسيا لصناعاتها أثناء الحروب، بل إن عامل البحث العلمي العسكري ساهم بقسط وافر في جعل كل من أمريكا وروسيا تكتسحان سوق مبيعات الأسلحة ماضياً واكتساحها مستقبلاً نتيجة قدرتهما المتواصلة، قبل أيّ قوّة أخرى، على تطوير تكنولوجياتهما باستمرار. وعموما، فإنّ منتجات الصناعات العسكريّة هي كمنتجات الصناعات الأخرى، إذ تحتاج إلى مجهود تجاري وتسويق، إضافة إلى الجودة الّتي تتمتّع بها.