فتاة القطار
|[et_pb_section admin_label=”section” fullwidth=”off” specialty=”on”][et_pb_column type=”3_4″ specialty_columns=”3″][et_pb_row_inner admin_label=”row_inner”][et_pb_column_inner type=”4_4″ saved_specialty_column_type=”3_4″][et_pb_text admin_label=”النص”]
بقلم: علاء الشيحي
ثريا حبيبتي، فلذة كبد أشقته الحياة بسنين التعب والحرمان. ابنتي… اآآآه كم هو حلو مذاق هذه الكلمة عندما يخرج من فمي غير مصحوب “بتنهيدة” حزن أو أسى. هل تعلمين يا بنيتي أنك فرج عشرين سنة من الصبر، أنك وردة عشرين سنة من التصحر، أنك نور عشرين سنة من الظلام الدامس. ههه إنك تبتسمين !! تراك تسخرين مني يا بنت؟ تقولين في ذات نفسك ما هذه المعتوهة التي تكرر لي هذا الكلام كل صباح منذ ان رأيت نور الحياة. انا آسفة حقا، انني دائما أريد أن أشكر الله بهذه الكلمات، أن أقهر عشرين سنة ادمت قلبي حرمانا بهذه الطريقة، أن افتخر بنفسي التي صبرت واحتسبت.
زوجي مثلك لم يعد يريد سماع هذه الترهات، نعم هو يسميها ترهات. يضع اصابع يده الغليظة على فمي كلما علم اني سأبدأ في النقيق بها، يقبلك بحرارة ثم يغادر البيت، لا يبتعد كثيرا… تبعته ذات يوم وجدته يجلس على رصيف الشارع المجاور ينفث دخان سيجارته ويقابل المارة بالابتسامة والتحية. أتعلمين يا عزيزتي انه أصبح عصبيا معي منذ أن رزق بك، لكني رغما عن ذلك لازلت أحبه. كم هو عظيم ذلك الرجل، هنيئا لك بأب مثله.
انظري إليه الآن… إنه ينام مبتسما… أؤكد لك انني لم اره يفعل ذلك طيلة عشرين سنة مضت.
عزيزتي ثريا، اليوم سيكون يوما مميزا، اعدك بذلك. اليوم سأخرجك للحياة، لأول مرة سترين عالم ما خارج هذه الاسوار. سنزور العاصمة القلب النابض بالحياة في هذا الوطن. أعلم أنك لاتزالين رضيعة وسيقلقك الصخب والضوضاء. لكنها ذكرى جميلة اريد ان ارسمها في ذاكرتك.
سيغادر ابن عمتك السجن اليوم. سيخرج هو أيضا للحياة مثلما ستفعلين. كان شابا طموحا رائعا. آزرني كثيرا في سنوات الوحدة والصبر. لم يؤذ أحدا طيلة حياته لذلك ارتأت الدولة أن تعاقبه فتسجنه. اتمنى ان يصطلح امر هذه الدولة عندما تكبرين.
سنزورهم اليوم في بيتهم ونشاركهم سعادتهم. اسسسست لا تحدثي جلبة. دعي والدك ينام مبتسما. هو لم يكن راضيا على رحلتنا اليوم لكني اقنعته، فقبل على مضض. هيا بنا نغادر للحياة، فاليوم يومنا.
توفيت اليوم رضيعة في حادث اصطدام قطار بحافلة على مستوى السكة الحديدية بمنطقة سيدي فتح الله بجبل جلود. وذكر موقع نسمة أن هذه الرضيعة رزقت بها والدتها بعد 20 سنة من الزواج والانتظار.
وبخصوص أسباب قدوم والدتها الى العاصمة فقد تبين انها جاءت مسرعة باكرا لزيارة شقيقتها المقيمة بجهة الزهروني غرب العاصمة لتهنئتها إثر اطلاق سراح ابنها ليلة امس بعد اتهامه سابقا في قضية مخدرات.
[/et_pb_text][/et_pb_column_inner][/et_pb_row_inner][/et_pb_column][et_pb_column type=”1_4″][et_pb_sidebar admin_label=”Sidebar” orientation=”right” background_layout=”light” area=”sidebar-1″ remove_border=”off”] [/et_pb_sidebar][/et_pb_column][/et_pb_section]