لمّا كان عقلي ” إرهابيا “…
|[et_pb_section admin_label=”section” fullwidth=”off” specialty=”on”][et_pb_column type=”3_4″ specialty_columns=”3″][et_pb_row_inner admin_label=”row_inner”][et_pb_column_inner type=”4_4″ saved_specialty_column_type=”3_4″][et_pb_text admin_label=”النص”]
بقلم: أنيس عكروتي
خالد الشيخ محمّد، أيمن الظواهري، أسامة بن لادن، محمد عطا… وأسماء غيرها كانت تتردد كثيرا على مسامعي في فترة حسّاسة من شبابي أو لنقل من طفولتي…
كنت شغوفا جدا (ولا زلت) بمتابعة أخبار العالم لحظة بلحظة ونادرا جدا أن ينتهي اليوم دون أن أشاهد نشرة الاخبار أكثر من مرة، كنت من متابعي قناة الجزيرة على غرار عديد كبير من أبناء الوطن العربي…
كانت وقتها في أوجّ لمعانها الاعلامي بفضل امكانيات ضخمة وتقنيات متطورة ومراسلين وشبكات في كل بلد…
كان أسامة بن لادن شخصا مجهولا بالنسبة إليّ ولم أكن أعرف عليه الكثير، حتى التفتت كل الأنظار نحو امريكا الامبراطورية العظمى الحاكمة برا وجوا وبحرا وذلك يوم الحادي عشر من سبتمبر من سنة 2001.
كنت برفقة عائلتي الموسّعة نتابع التلفاز من فرط الملل إلى أن ظهر خبر عاجل على شاشة قناة الجزيرة يفيد بوقوع هجمات جوية على برج التجارة العالمي، اشتغلت الكاميرا لتوثّق لحظات الاصطدام الاول والثاني وتسارعت الأخبار وتتابعت حول هجم الهجمات وتوسعها ودقتها…
بعدها بشهر بدأت الحرب على افغانستان وأصبح بن لادن وتنظيمه (إلى جانب حركة طالبان) نجوم الشاشة الصغيرة وكان الجميع يترقب تسجيلات أو حتى بيانات منسوبة إليه ليصنع السبق الاعلامي…
تابعت الحرب بكل تفاصيلها وحفظت عن ظهر قلب عشرات المدن والقرى الأفغانية وعلمت بكل المعطيات العسكرية عن الأسلحة النوعية ومدى تقدم مجريات الحرب على الميدان…
كنت متحمسا وخُيّل إليّ أنني أنصر قوى الخير على قوى الشر وقوى الإيمان على قوى الكفر وجنود الله على جنود الشيطان وشعرت مع كل نصر بأنني أكتسب من الكرامة الشيء الكثير…
مع اقتحام العاصمة كابول بدأت أسترجع الشعور بمرارة الخيبة والانتكاسة السريعة ومن ثم استعدت الثقة في ” جنود الله ” مع اشتداد المعارك خاصة في الشرق الافغاني واساسا قندهار المعقل الرئيس لحركة طالبان.
سقط زعماء تنظيم القاعدة الواحد تلو الآخر من مصيدة المخابرات الامريكية ومع ذلك لم ينطفيء الحماس، بل بالعكس سيتعزز مع الحرب على العراق سنة 2003.
رغم إعجابي وقتها بذلك التنظيم وقادته إلا أنه لم تظهر عليّ تغيرات في المظهر (أقصد هنا الجانب الشكلي من التدين)، لم أكن مواظبا على واجباتي الدينية ومع ذلك شعرت بانني شيخ صغير… شيخ خطيب يتحدث في السياسة وفي المعارك أكثر من في الجوانب الدينية…هكذا كنت أرى نفسي.
كانت تصدر من حين إلى آخر فتاوى لم أكن مقتنعا بها ولكنني كنت أحاول إقناع نفسي وايجاد عدة تبريرات لقبولها…كنت أرى أن أمريكا هي ” الشيطان الاكبر ” وأنها ما دامت المبادرة بالقتل فان كل وسائل الرد مشروعة حتى وإن كانت غير انسانية…
بدأ عقلي السياسي يتبلور اثناء الحرب الدولية على العراق وكان دخول الزرقاوي على الخط من الاحداث التي ساهمت في تغيير نظرتي بصفة كبيرة…لما كانت المقاومة العراقية الوطنية تشتد ظهرت القاعدة ليس كطرف مهاجم للمحتل بل كأداة لتمزيق الوطن وإشعال نار الطائفية، تم تفجير المراقد والأسواق وتم إعدام الناس على أساس الانتماء المذهبي والديني…
مضى الزرقاوي قدما في تمشيّه الدموي متمردا حتى على قادته الذين كانوا يدرون بخطورة هذه الممارسات على مستقبل التنظيم، بدأت حينها أتعمق في البحث واراجع عدة اشياء كنت مقتنعا بها حينها وأيقنت أنّ هؤلاء هم معاول لتجزئة الاوطان وخدمة المشاريع الاستعمارية في المنطقة العربية.
وبدأت هذه الرموز تسقط كاوراق الكوتشينة وكان لهذا أثر كبير في تشكّل عقلي السياسي…
أردت الحديث عن تجربة شخصية قصيرة ولكنها كانت غنية ولازلت أستحضرها في مخيلتي إلى الآن…وأردت الحديث عنها للإشارة خصوصا إلى قوة الخطاب الذي تنتهجه هذه الجماعات لدغدغة العواطف والتأثير بشكل كبير وجذري في سلوكياتها ونظرتهم للوطن والدولة والمجتمع.
[/et_pb_text][/et_pb_column_inner][/et_pb_row_inner][/et_pb_column][et_pb_column type=”1_4″][et_pb_sidebar admin_label=”Sidebar” orientation=”right” background_layout=”light” area=”sidebar-1″ remove_border=”off”] [/et_pb_sidebar][/et_pb_column][/et_pb_section]