حدّثني أحد الحكماء قال…
|زارني حكيم في المنام. سألني عن أحوالي و أحوال البلاد.
قلت: نعيش في قلق و توتر الى حد الاختناق… أصبح يأسنا سلاحنا الوحيد
قال: القلق يضعنا أمام أنفسنا كمرآة… صراع مستمر سابق للحصول على الحرية…أما اليأس فذو حدين. إما ان يكون سلبيا فيقود الى الاخفاق والهلاك وإما ان يكون منطلقا لحشد و لملمة القوى و الخروج نحو الامل
أجبت: أي أمل و أي فرح… وصلنا إلى حد الغثيان. سيكون الجنون مخرجنا الوحيد.
قال: لا تجعلوا من الرغبة الجامحة في الفرح تقودكم بإرادتكم نحو الجنون الجماعي كملاذ ومأوى… وجودكم تمزيق للواقع المفروض… لا بدّ من تحليكم جميعا بأخلاق الإنسان الأعلى… لا بد أن تكون داخل كل منكم قيم قوية خارقة تفرض حقيقتها.
قلت: أي حقيقة؟ لم يعد لها وجود.
أجاب: بل أن الحقيقة الوحيدة هي أنتم…كشعب وكأفراد…أنتم في حالة صيرورة دائمة سوف يكتب التاريخ و يذكر فنتذكر.
قلت: مرت بنا ثورة و أشياء و أشياء إلى حد السقوط في اللاشيء …أصبحنا نفتش عن العدم علنا نجد الراحة و المساواة أمام الفناء.
قال: لا تكوني عدمية…إن العدم في حد ذاته منطلق لوجود جديد فالحياة القديمة أصبحت عدما بعد الثورة و نتج عنها حياة جديدة ستكون مختلفة وهكذا الوجود، في حركة دائرية.
قلت: ليس هناك من دائري سوى دائرة العنف التي سقطت فيها البلاد و الشهداء الذين ذهبوا فداء الوطن.
قال: الشهداء في جنات خلد يطوقهم الله برحمته… أما العنف فالإنسان في صراع منذ بدأ التاريخ غير أنه اتخذ شكل العنف الارهابي كأنه انتقام، تصفية لأرواح أبرياء…لا بد من الصمود حتى تحافظوا على قيمة وجودكم فمن حقكم الحلم بمدينة فاضلة يحكمها الحق و العدل.
قلت: إن الألم عميق و شعب بلدي يقف على حافة الهاوية…آمنّا بسياسة الحوار كمواجهة روحية و منطقية لكل الايديولوجيات السائدة لكن هل من نتيجة؟ هل من مجيب؟ أغيثونا ! اغيثونا!
أفقت من منامي فزعة لا ادري إن كانت اضغاث احلام، سرابا أو عدما… لكن كان في صدري ألم و كان قلبي يتمزق…