رئيس العائلة والحوافز الجبائية بين الموجود والمأمول
|من بين الحوافز الجبائية ذات الطابع الاجتماعي التي أقرها المشرع التونسي في مجلة الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين و الضريبة على الشركات ( م.ض.د) تلك المتعلقة برئيس العائلة. وقد عرفت المجلة رئيس العائلة بكونه
ـ الزوج،
ـ المطلق الذي في كفالته الأطفال،
ـ الأرمل،
ـ المتبني.
إلا أن الزوجة تعتبر رئيسة عائلة حسب نفس المجلة في حالتين :عندما تثبت أن الزوج ليس له أي مصدر دخل أثناء السنة السابقة لسنة توظيف الضريبة، أو عندما تتزوج من جديد وتحتفظ بكفالة أطفالها من زواج سابق.
هذا التعريف الذي اعتمدته م.ض.د يعتبر مُقصياً إلى حد ما إذ أنه يستثني (التعريف) المرأة من صفة رئيس العائلة إلا في حالتين معزولتين من الناحية العملية. وتبعاً لذلك لا تتمتع المرأة بصفة رئيس العائلة حتى ولو كان لديها مدخول قار تنفق منه على عائلتها. وهذه الحالة الأخيرة تعتبر في يومنا هذا مشهداً اجتماعيا حاضرا بشكل هام لم تأخذ به م.ض.د التي وكأنها مازلت تقتصر في فهمها للمرأة على كونها ربة بيت فقط لا تحقق مدخولاً سنوياً.
إذا ما نظرنا في الامتيازات التي أقرتها م.ض.د في فصلها 40 لرئيس العائلة فهي كالأتي:
– لرئيس العائلة كما هو معرّف في م.ض.د الحق في طرح 150 دينارا من مبلغ مداخيله الصافية،
– لرئيس العائلة الحق أيضا في طرح إضافي بعنوان الأطفال الذين هم في كفالته قدره : 90 دينارا بعنوان الطفل الأول، 75 دينارا بعنوان الطفل الثاني، 60 دينارا بعنوان الطفل الثالث، 45 دينارا بعنوان الطفل الرابع.
يرفع الطرح المشار إليه أعلاه إلى:
ـ 600 دينار لكل طفل يزاول تعليمه العالي بدون الانتفاع بمنحة والذي لا يتجاوز عمره 25 سنة في غرة جانفي من سنة توظيف الضريبة،
ـ و1000 دينار لكل طفل معاق مهما كان سنه أو رتبته.
بالإضافة إلى ذلك، إذا افترضنا أن رئيس العائلة يكفل والديه أو أحدهما، فله الحق في طرح بعنوان كل واحد من والديه الذي هو في كفالته 5% من دخله الصافي الخاضع للضريبة مع حد أقصى قدره 150 دينارا شرط أن لا يتعدى دخل الوالدين أو أحدهما الذين هم في الكفالة مع إضافة المبلغ المطروح، الأجر الأدنى الصناعي المضمون.
هذه الامتيازات وإن كانت تأخذ بعين الاعتبار حالات متعددة إلا أنها تفتقد إلى تكريس مبدأ هام في الجباية ألا و هو الإنصاف الجبائي (équité fiscale)، بمعنى هذه الأحكام تنطبق على الجميع دون الأخذ بعين الاعتبار الدخل السنوي لرئيس العائلة.
بالإضافة إلى ذلك، فإنّ الحوافز الجبائية ضعيفة خاصة فيما يتعلق بطرح 150 دينار من الدخل السنوي لرئيس العائلة بصفته تلك و الطروحات الضعيفة بعنوان كفالة الوالدين ، وكفالة الأطفال و الذين كلما زاد عددهم نقص الطرح مما يلوح برغبة التشريع الجبائي دعم سياسة تحديد النسل أكثر من بحثه عن تحفيز جبائي.
أما في ما يخص ترفيع الطرح لـ 600 دينار لكل طفل يزاول تعليمه العالي فإن تقييد هذا الامتياز بعمر 25 سنة لا يتماشى مع سياسة الدولة في دعم البحوث الأكاديمية والتي تتطلب سنوات إضافية بعد سن 25. كذلك شرط عدم الانتفاع بمنحة للطالب هو شرط لا معنى له باعتبار أن مدخول رئس العائلة الذي يستنفع ابنه بمنحة يكون في غالب الأحيان ضعيفاً و معفى من الضريبة ( في تونس إلى حدود 1500 دينار سنوياً إعفاء الدخل من الضريبة).
الشحّ في الامتيازات السابقة الذكر يمكن تفسيره على أن الضريبة مهمتها الأساسية إنعاش خزينة الدولة وبدرجة أقل، في إطار تدخل الدولة(interventionnisme étatique) ، التأثير على سياسات الاستثمار ليظل التحفيز الجبائي الاجتماعي بصفة عامة أمرا استثنائيا.