سوريا بين مطرقة القوميين و سندان الاسلاميين
|تمر سوريا اليوم ببأس شديد فبين حاكم يقتل شعبه ليلا نهار و بين انتفاضة شعبية عارمة اندلعت تنشد ربيعا عربيا آخر يحل بأرضها ينزع عنها بعضا من جور و ظلم و تضييق عانت منهم في حقبتين متتاليتين للأسد الاب والأسد الإبن تاهت الاحلام و الاماني في خضم واقع مرير و مشهد مفزع آلت اليه الاحداث في سوريا اليوم جعل الصراع يبدو لكأنه صراع بين القوى العلمانية الحداثية التي تنشد العدالة و الحرية و المساواة ٠٠٠ المتمثلة في سيّء الذكر المجرم بشار الأسد و بين القوى الرجعية المتطرفة المتخلفة التي تحلم بتشييد دولة الخلافة و المتمثلة في الإسلاميين و نخص منهم بالذكر الإسلاميين الجهاديين و هذه لعمري أكبر مغالطة سعى لتسويقها نظام الأسد. صحيح أن الجيش السوري الحر مخترق من قبل هذه الجماعات الارهابية و أن مقاتلي تنظيم القاعدة متمركزون في سوريا يقتلون و يفجرون و ينكلون بالسوريين و لكن الادعاء بان جميع جنوده من الاسلاميين لهو الحيف بعينه و فيه من التجني و المغالطة الشيء الكثير فآخر الاحصائيات أثبتت أنّ ما يسمى بجبهة النصرة المحسوبة على التيار المتشدد لا يتجاوز عدد مقاتليها الخمسة آلاف مقاتل وأن الجبهة الاسلامية السورية برمتها التي تنضوي هذه الاخيرة تحت رايتها لاتتجاوز بدورها العشرة آلاف مقاتل بينما الجيش الحر يضم مئات الآلاف من المقاتلين هذا من الناحية العددية أمّا عن الاسباب و المسببات، أليس النظام السوري و جيشه هم من سمحوا للجماعات الارهابية بالدخول الى سوريا و التمركز على أرضها!!! ألم يؤدّ قمعه الوحشي و جرائمه اللا إنسانية الى تحويل انتفاضة شعبية سلمية الى مواجهات مسلحة دموية بين زبانيته وبين أحرار خيرّوا الانشقاق عن جيش حاد عن دوره الاساسي المتمثل في الدفاع عن الوطن و الذود عن حماه و تحولوا الى مجرد أداة في يد سلطان جائر يستعين بهم لتقتيل شعبه و التنكيل به في سبيل الحفاظ على عرشه. و عجبي كل العجب ممن تجرد من انسانيته و أعمته الاختلافات الايديولوجية فاستمات في الدفاع عن هذا المجرم ضاربا بمبادئه و قيمه عرض الحائط مرة بدعوى ان النظام لا يواجه سوى الاسلاميين ممن سيرجعون سوريا الى القرون الوسطى و هذا مما سبق لنا التطرق اليه و مرة بدعوى ان هذا النظام هو عنوان المقاومة و الممانعة و التصدي للكيان الصهيوني الغاشم و هذه مغالطة اخرى فالجيش العربي السوري الكاسر الممانع الصامد المقاوم لم يطلق و لا رصاصة واحدة في سبيل تحرير ارض الجولان المحتل فعن أي مقاومة بربكم تتحدثون !!! لا أنكر دوره البطولي في حرب الثلاثة و سبعين ولكنني أعرف كذلك ان مكاتب حركة حماس كانت تقفل بالشمع الاحمر و لا يسمح لها بمزوالة نشاطها في ظل هذا النظام كما سمعت اخيرا ان اسرائيل اطلقت صيحة فزع تزامنا مع اقتراب الجيش السوري الحر من الجولان فإسرائيل كانت تنعم بالأمن و الأمان في عهد بشار ،و حتى لو فرضنا أنه نظام بالفعل مقاوم، هل يبرر هذا تأييد من يقتل و يغتصب و يهجر و يسجن الاطفال و يعذبهم( اطفال درعا على سبيل الذكر لا الحصر) !!!!!!
أرجو أن يكون الحلّ في رحيل هذا الطاغية و لو بحل سلمي في أقرب الآجال حتى يقع الحفاظ على ماتبقى من سوريا و تتشكل حكومة وحدة وطنية تضم جميع أطياف المعارضة باستثناء إرهابيي القاعدة الّذين يجب أن تتوجّه جهود الجيشين الحرّ والنظامي لمواجهتهم.
برافو استاذة سوسن على الجرأة في طرح هذا الموضوع الشائك الذى اعتقد انه لم يستوفى حقه من الدرس والنقاش والتحليل المعمق لكني أود ان أسوق بعض الملاحظات التي شدت انتباهي
1 واضح جدااصطفاف الكاتبة في خندق معين منذ السطر الاول فهي تهاجم بشار الاسد وتنعته منذ البداية بالحاكم الذي يقتل شعبه ليلا نهارا وهذا يتنافى مع ابجديات العمل الصحفي الذي يلزم صاحبه بالحد الادنى من الحياد والوفوف على نفس المسافة من الطرفين
وهذا لا يعني اني اساند بشار الاسد وأسوق للفكر البعث بالعكس انا ادين واشجب كل الجرائم الذي يقوم بها النظام السوري بل اني اعارض حتى وجود هذا الرجل فى الحكم وطريقة التوريث التي وصل بها اليه
2 كل من يقرأ المقال لا يستطيع الا ان يصنف كاتبته على انها اسلامية التوجه فهي توجه كل تهم الجرائم والدموية والوحشية الى نظام الاسد فى حين ان الجيش الحر هو مجرد ثوار مسالمون لا ذنب لهم الا الرغبة في تحقيق حريتهم وكرامتهم متناسية انهم ايضا قاموا بجرائم تخجل منها الانسانية ….وهذا فى جوهره خطاب اسلامي بامتياز
وفى الختام اقول للاستاذة سوسن مقالك مميز فعلا لانك تعالجين فيه موضوعا حارقا ولأنه كذلك فالتجرد فى تناول تمفصلاته يبقى في غاية الاهمية ثم لا يجب ان نغفل في سياق هذا التخمر ان الحرب السورية لم تعد ثورة على حاكم بل صارت صراع موازين قوى دولية يدفع المواطن السوري ثمنها وما اريد تأكيده انه لو اتفقت امريكا وروسيا على حل يرضي مصالحهما في المنطقة ويعيد رسم خارطة ادوارهما فيها لأنتهت هذه الحرب في 24 ساعة ولبقي ربما بشار في الحكم ….اللعبة تجاوزتنا يا صديقتي وصرنا فقط مجرد أدوات فيها ولها …مع ودي
كمال حمدي شاعر تونسي