هواجس مازوشية بلا صحيفة
|[et_pb_section admin_label=”section” fullwidth=”off” specialty=”on”][et_pb_column type=”3_4″ specialty_columns=”3″][et_pb_row_inner admin_label=”row_inner”][et_pb_column_inner type=”4_4″ saved_specialty_column_type=”3_4″][et_pb_text admin_label=”النص”]
الولايات المتحدة تعلن عن اغتيال أسامة بن لادن و التخلص من جثته بدفنها في البحر”..
أشعرني الخبر بالجوع فأسرعت نحو المطبخ لأصنع عجة (ضاربة عرض الحائط بنصيحة الباجي قايد السبسي بضرورة الصبر عند الشدائد).
عندما استوت الطبخة تهيأت للجلوس و الانقضاض عليها لكنني شعرت بخيبة عظيمة عندما لم أجد ورقة جرائد أكل فوقها
(فلقد اعتدت على الأكل فوق الصحف بدل أن أترك الصحف تأكل ما تبقى من عقلي)..اكتشفت بعد التفتيش أن الجريدة الوحيدة المتوفرة هي العدد الأخير من الفجر(عدا بقية الجرائد التي يحتفظ بها أخي في غرفته لقيمتها الأدبية )..جعلت أتصفح الجريدة فأجد أية قرآنية أو حديثا نبويا في كل صفحة منها..ابتسمت و أنا ألاحظ في سري(إذ للجدران آذان ) أن توظيف المعجم الديني هو أفضل السبل لضمان أن لا تتلف الجريدة و تبقى دائما محفوظة..لم أبال بالعجة التي بردت و مضيت أتحسر على الثروة الوطنية التي حرمتنا منها الثورة..
كم كان يطيب لي من قبل تناول فطور الصباح فيما أطالع جريدة الحرية فتغرقني مقالاتها الرائعة في الضحك و أقضي اليوم رائقة..
بل أذكر أنني احتفظت لمدة طويلة بأحد المقالات في دفتري حتي أعاود قراءته كلما ضاق صدري, فيشرحه..
الان و قد حرمتنا الثورة من الحرية, أي صحيفة لا نقتنيها بل تهدى إلينا كل يوم مجانا في الإدارات و المؤسسات لتقدم علينا حاملة في جعبتها كل ذلك التألق المضحك؟ فوق أي الصحف نتناول سندويتشاتنا في مجلس النواب و الوزارات و المؤسسات البنكية؟ أي الصحف نقرأ فيها عن الحكم الرشيد في بلاد الهونولولو؟؟ لقد كانت الحرية بحق زين الصحافة في بلادي.. لكنني على إقراري بفضل الحرية على باقي الصحف التونسية لا أملك سوى الاعتراف بالفوائد الجمة لها جميعا.. فللجرائد التونسية(إلا ما رحم ربي) منافع عدة,إذ أنها تستعمل كمناديل على الطاولة(خاصة بالنسبة للطلبة) أو تلف بها المواد البلورية لحمايتها من التهشم عند التحميل أو يمسح بها زجاج النوافذ أو يتم تجميع الكثير منها داخل حقيبة نسائية كي يبين شكلها عند البيع فتسر الناظرين أو تفرش على أرضية الغرف كي لا تطالها بقع الدهان.. الصحف في بلادي مفيدة إذن ,لكن على المرء أن يحرص على غسل يديه مباشرة بعد قراءتها(بصابون مزيل للجراثيم) حتى لا تنتقل اليه فوائدها القذرة(في الغالب ) .. أعدت فتح جهاز التلفاز فحاصرتني أنباء التظاهر و الاعتصام و المسيرات و قمع المسيرات و الضرب و القتل و القصف و الإبادة..وضعت إصبعين داخل أذني و تطلعت بعيني و شعرت برغبة في التقيؤ..غياب الصوت لم يحل دون بلوغ المأساة إدراكي فالصورة وحدها غنية عن كل تعليق..و تساءلت في غيظ كيف يتعدد القتل و الموت واحد في كل مكان؟؟ بحثت عن قناة أخرى لا تمارس فن السادية علي فوقعت على إعادة لإحدى حلقات المسلسل التركي الفاجعة..و تعجبت من غرابة عنوانه الغافل عن كون قصة العشق الممنوعة فيه لم تعد ممنوعة.. منذ الحلقة الأولى..و شكرت لقنواتنا العربية جهودها المبذولة في سبيل عتق مجتمعاتنا العربية من أسر ممنوعاتها و الدفع بها قي درب التحرر في الهوى على الطريقة التركية.. ولم أشأ أن أتساءل بالطبع عن عقم الشاشات(إلا من رحم ربي أيضا) من أي منتوج ثوري و الحال أن سائر البلاد العربية تصنع ثوراتها ..و اكتفيت بأن عدت إلى قناتي الإخبارية لأمارس أحلى ألاعيبي المازو-سادية و هي التلذذ بتعذيب الذات عبر متابعة عذاب الآخرين التي أكاد أجزم أنها هواية الجميع في بلاد الهونولولو..
[/et_pb_text][/et_pb_column_inner][/et_pb_row_inner][/et_pb_column][et_pb_column type=”1_4″][et_pb_sidebar admin_label=”Sidebar” orientation=”right” background_layout=”light” area=”sidebar-1″ remove_border=”off”] [/et_pb_sidebar][/et_pb_column][/et_pb_section]