نعم..إمرأة و لن أخلع سروالي
|أذكر أنه في سنوات الثانوي عندما وضعت الحجاب للمرة الأولى تعرضت لمضايقات شديدة في المعهد و خارجه..و كنت على جرأتي أمر أمام مركز الشرطة وأنا في حالة ذعر…وكلما دعتني الحاجة لدخوله دخلت و في القلب رجفة و غادرته و في النفس ضيق و أي ضيق..ولكنني ثبتّ على ارتداء الحجاب لأنه أمام المضايقات تحول في رأيي من لباس شرعي إلى مبدأ..كنت بغطاء رأسي أعارض النظام كل يوم و كل لحظة وكل شرطي يخاطبني فيه مهددا و متوعدا يزيدني اقتناعا بصحة موقفي السياسي لا الديني..لأنّ ما يشرعه الله لا يحتاج أن يناقشني فيه شرطي..لكن الحجاب غدا يومها ألدّ معارضي بن علي وكان يصنع له مواليه و محبيه بكل ثبات بل بكل حزم..و ان الحجاب يؤلف بين القلوب..ما أجملها لحمة كانت بيني و بين رفيقاتي في المعهد و أخواتي اللواتي يجمعنا درس علم نسرقه سرقة ونتلذذ بنوره يكتسح منا القلوب على أساس المساواة لا على أساس أينا ثوبها أطول..أيام الكفاح كانت القضية واحدة ولم تكن المحجبة التي يكفيها فخرا معاندتها قهر الالتزامات في مخافر الشرطة و الإهانات..لم تكن المحجبة تقاس بطول ثوبها..كانت المحجبات جميعهن محجبة واحدة تقول لا لبن علي و نعم لحريتي..منذ أيام وأنا في المترو تقدمت مني احدى الأخوات المحجبات ممّن يسبلن ثيابهنّ وقالت لي بعد إلقاء السلام..”بارك الله فيك يا أختي..لقد غادر عدو الله البلاد و ما عاد لنا من حجة ..أما آن لك أن تتوبي الى ربك و تسبلي عليك ثوبك كما كانت “أم المسلمين”عليها السلام ترتدي طويل الثياب”.أدركت ساعتها أنني لم أتناول فطور الصباح قبل أن أغادر الى المعهد إذ أوشكت أن يغمى عليّ..لم أرغب في إجابتها لكنني رأيتها تطالعني في الحاح فلم أملك سوى أن أقول”نعم و لكن أمهات المسلمسن لم يكنّ يركبن المترو ” وانصرفت عنها قبل أن تفتي برجمي..لكن صورة الفتاة لم تغادر ذهني..أ غادر بن علي البلاد ليصبح كل من فيها مفتيا؟؟و هل تحول الحجاب من مطلب شرعي لمن يريده إلى أداة ضغط يمارسها البعض ممن يرون أنفسهم أولياء على الدين؟؟؟و هل أن المسبلة أقرب الى الله ضرورة من غيرها؟؟؟كانت المحجبات يتعرضن إلى الإهانات و الضغوطات و فيهن مرتديات الجينز و ثبتن حتى النصر..لم يكن يومها يخاطبهن أحد بقوله أن تبن… ماذا يعني أن أتوب؟؟؟أن أرتدي أمتارا من القماش ثم أصعد في المترو أدافع الأكتاف و تدافعني الأكتاف في أفضل الأحوال؟؟؟؟؟ماذا يعني أن أتوب..أن أخلع الجينز و أواظب على ارتداء التنانير الطويلة؟؟ وماذا أفعل عندما تهب الرياح و ترفعها؟؟؟؟؟؟؟يجب اذن أن أرتدي سروالا تحت التنورة.. السروال إذن شر لا بد منه..اليوم الذي قد أقرر فيه الإسبال سأوفر على نفسي مصاريف شراء تلك الأمتار الطويلة وسأقر في بيتي فليس أفضل من ستر الجدران(؟؟)… لكنني ما أزال أبغي نور الشمس و سأظل أتصيده حتى أصنع لي مملكتي من الضياء..ولا أظن الشمس تضنّ علي بنورها على أساس طول ثوبي أو قصره..اخترت أن أكون محجبة وسأظل..لكنني لست محجبة فقط..أنا مواطنة تونسية تختار قدرها.. و قدرها مقعد درس وشغل يحفظ الكرامة ورسالة أمومة لصناعة جيل..أنا تونسية ينتظرني الكثير لأفعله. أأدع القماش يشغلني؟؟؟؟؟الحجاب جزء من حياتي لكنه ليس حياتي كلها..و لأنني امرأة افتكت حريتها بيدها غطيت رأسي و اليوم أرفض أن اخلع سروالي..سأظل أخرج إلى الشارع لأن الشوارع حق..و أدرس لأن العلم واجب..و سأعمل لأن العمل عبادة..ولن أخلع سروالي أبداااااااااااااااااااا…..