مشاهد
|[et_pb_section admin_label=”section” fullwidth=”off” specialty=”on”][et_pb_column type=”3_4″ specialty_columns=”3″][et_pb_row_inner admin_label=”row_inner”][et_pb_column_inner type=”4_4″ saved_specialty_column_type=”3_4″][et_pb_text admin_label=”النص”]
بقلم: آلاء نزار
غزة مدينة القهر والوجع، مدينة الأشباح والموتى الذين يحلقون في سمائها دون خوف، مدينة سكنتها الأحرف ولم تستطع أي قصيدة أن تنسج كلماتها وتصف ثقل سنوات عمر أطاحت بالشايب والشاب، الطفل الصغير والعاشقة لذلك الثائر .
عمّ سأكتب ومن سيقرأ، ومن يكتب عن فلسطين كما قال ناجي العلي بدو يعرف حاله ميت، لكننا لم نتوقف يوما عن عشقها بل يزيد فينا بكل لحظة نتنفس بها رائحة الحرية .
اليوم كلماتي ترفض أن تسطر ببعض من الجمل فقد كان الألم أكبر من أن نحتمل، دموعنا كانت أقرب الى الله وأبعد من كل البشر، ترى كيف سأخبر الصغيرة عن دميتها التي قتلتها الطائرات التي لم ترحم لا حجرا ولا شجرا ولا بشرا، كيف سأخبرها عن كسرة ظهر لأب استمات في بناء بيت لعائلته والآن ذهب أدراج الرياح، أخبروني كيف سأقول للشهيد أنه ترك فراغا كبيرا في جوف قلوبنا، كم كان قاسيا وكم أكرمه الجبار .
هي لحظات تقرر فيها أن تترك ذكرياتك المعلقة على سرير والمرسومة على حائط والموزعة في أرجاء بيتك، ابتسامات أهلك وأصدقائك التي بدأت وقتها بشطب إسم وراء آخر من القائمة لأنهم ببساطة لم يعودوا في هذه الحياة، صعدوا إلى السماء دون عودة. ما أقساهم لم يفكروا بي للحظة. كيف لي أن أضيء ألف شمعة وكم من دمعة سأنزف؟ هل سيتبقى لي مكان بجوارهم؟ والذي يصاب بالنزيف فجاة كيف تلتئم جروحه يا الله ؟ الآن أمشي في شوارع المدينة أرى وجوه الناس الشاحبة ابتساماتهم المزيفة. أنا أخجل أن أقول أننا بخير وأن صمودنا آية، أخبروني كيف لعائلة كانت هنا ذات يوم، الآن فارقتنا دون أن تترك لنا حتى مساحة نبحث فيها عنها، أن نقنعها أن الحب ما زال يسكن هذه الأرض، الأرض التي امتلأت بالدماء والأجساد الصغيرة وخطفت منا من نحب. أخبروا عزرائيل أنه كان قاسيا جدا لم يستقدم ساعة ولم يتأخر، امنحونا تلك القوة التي تستطيعون بها الركض سريعا وسريعا باحثين عن أبواب أخرى لتقبلوا بإشراق إليها .
يجلس الصغار على عتبات المنزل المدمر يطالعون الناس علهم يلمحون وجه أبيهم الذي خطفه القدر دون سابق انذار، أخبروهم أن العيون مثقلة والقلب ملأته الحسرة، أخبروني من الذي يمتلك الجرأة ليحدثهم عن أبيهم البطل المقاوم في كنفات الارض ولم ترحمه بل خنقته .
قولوا لمرآتي ألا تعاتبني في كل يوم أشكو لها سوء الحال، أكذب عليها واخبرها أن الوطن هو قصيدة استثنائية فتلعنني وتتنهد وأنا لا أعي معنى ذلك ولماذا ؟
أخبروا الصباح أن اشراقته باهتة عتيقة، صوره قديمة، اللعنة تلقى عليه من الفقراء المحتاجين لليل لا يستفيقون منه على أناس تحولوا لصور غير كاملة، لأن القدر لم يكن رحيما وأرداهم أشلاء مقطعة، لم تستطع هبة العاشقة المحبة لخالد أن تقبله قبلة الفجر لأنها لم تجد منه إلا سلاحه المعتق بالدم، قبلته ومضت تبحث عن خالد في كل موعد للفجر ومع كل أغنية ولم يأت ولن يأتي .
ما أصعب انتظار الموت وأن يتبادر إلى ذهنك أن تقرر بأي طريقة تريد أن تموت، من التي لا توجع، من التي تسحب روحي دون أن أشعر، طائرات تغلق أبواب السماوات أم قذائف تتساقط عليك من دبابات سحقت زيتون أرضك أم من بحر غادر سمح للبارجة أن ترسو على شواطئه لتوزع الموت على الأحياء بشكل غير منصف فإما أن تقتل العائلة بأكملها وتكون عادلة بامتياز أو أن تنسفها وتبقي على حياة فرد منها تقتله ألف مرة ليتجرع حسرة الوداع والفقد…الفقد الذي انتزع منك الروح، وأدار ظهره لك تاركا لوحة سوداء بألوان سوداء ترسم فيها أوجه الحزن المنتفض في غزة .
غزة مدينة يجهض فيها الحلم، وتقتل فيها القصيدة ويبكي على أطلالها المنكوبون المهجرون الضائعون. كنــا، ونبقى للوطن ولم يتبق للوطن أحد سوانا .
[/et_pb_text][/et_pb_column_inner][/et_pb_row_inner][/et_pb_column][et_pb_column type=”1_4″][et_pb_sidebar admin_label=”Sidebar” orientation=”right” background_layout=”light” area=”sidebar-1″ remove_border=”off”] [/et_pb_sidebar][/et_pb_column][/et_pb_section]