لوحة وعشر قصص
|بقلم: كلثوم عياشية ورجاء عمّار
لوحة منشورة على فايسبوك، توحي للكاتبتين بسيناريوهات مختلفة المواضيع ترتبط جميعها باللوحة
قصص قصيرة جدا: بقلم كلثوم عياشية
قصة 1: غصّة
ما زلت أمعن في الهرب من نظراتها المنكسرة تخفضها بعد كلّ صفعة تتلقاها في استسلام، ومن إحساس بالعجز عن ردّ أذاه عن كلينا.
أشتاق إليها… إلى كفّها تدفعني بعيدا ثمّ تعود إلى انتظارها المقيت. كم أحتاجها كي لا تكفّ الطّريق.
قصة 2 : التفاتة
خطوات حذرة وحفيف ثوب ولمسات عطر دافىء تملأ روحي. أهمّ بها إذ تنحني، لكنها، تشيح بوجهها خفرا. كم غفوت منتظرا ثمّ رسمت طيفها حتى يحين التقاء العيون!
قصة 3: زائر سماوي
عيل صبري منتظرا أن تكفّ عن ثرثرتها والانحناء استرسالا في ضحكة مائعة جميلة. هي مديدة القامة ناعمة رقيقة، لكنّها لجوجة. لم تطق الوقوف وأنا أحاول رسم لوحة الملاك، اكتفيت بما علق في ذهني، قبل أن تشيح بوجهها وقد تعكرّت ملامحها إذ نهرتها، وعولت على دلالة العنوان.
قصة 4: رسّام
التقيتها خلال ترحالي بين التلال في دير معلق على قمة جبل من الجبال الوعرة. أحسنت وفادتي واعتنت بي. أردت تخليد وجهها الملائكي في واحدة من رسوماتي، لكنها انسحبت إذ انحنيت، قالت: “لا تخرجني مما أنا فيه، فقد اكتفيت بالنسيان!”.
عدت إلى اللوحة أرسم تفاصيل ثوبها والأصابع الناعمة.
قصة 5: هروب
أحاول ألا أحدث ضجة متسللة إلى مخدعي، كلّ ما أخشاه أن تندس معي الكآبة القابعة في الظلام وترسم تفاصيل الأحلام.
قصص قصيرة: بقلم رجاء عمّار
قصة عدد 1: يطلب يدها
ملأت أجواء السعادة المنزل، واستعدت العائلة لهذه المناسبة التي ترقبتها طويلا. وأخيرا، هناك من يريد الزواج من إحدى البنات الأربع، ويبدو جادا عكس من سبقه من المتراجعين فجأة، أو الناكصين بوعد الخطبة، أو المختفين، أو الرافضين للإجابة على الاتصال المتكرر للاستفسار عن سبب الإحجام.
رجت كل صبية أن تحظى به نصيبا، وإن لم يخترها فتسر لأختها، لقد قدم الأسبوع الماضي، إذ تعمد الأب استضافة هذا الموظف الجديد الذي التحق بشركة هو مديرها، ويبدو أن مسعاه نجح، فسرعان ما أعلمه أنه يريد الزيارة مجددا ليطلب يدها… لم يحدد من منهن… ليته فعل ليجنبهنّ توتّرا يكاد يفتك بهدوئهن، غير أنهن حاولن التحلي بالصبر وتغليب مشاعر البهجة التي هبت نسائمها لتحرك مجرى الحياة الراكدة.
جاء في موعده، واستقبل بحفاوة بدت له مبالغا فيها حتى أن شيئا من التوجس انتابه، واعتراه شك من سلامة الخطوة التي سيقوم بها، غير أنه أزاحه وقرر المضي قدما فيما عزم عليه، فمنذ أن أبصرها، نالت إعجابه وظل باله مشغولا بها وتضاعف إحساسه بتفردها لذلك يريدها قبل أن يستأثر بها غيره.
أبدى استعداده لتقديم المبلغ الذي يحدد دون نقاش نظير الحصول عليها. لم ترق عباراته الصريحة للأم، فبناتها لسن سلعة وإن أبطأن في الزواج وبلغن من الأعمار سن الحرج، فذاك لا يعني أنها تنوي التخلص من واحدة لشخص لا يعترف بالكياسة، لكنها، صمتت على مضض. أكد الأب أن المال لا يعنيه، وما يهمه هو أن تحظى من سيختارها بالاحترام وتقدير قيمتها وإنزالها مكانة كريمة.
عاد الضيف إلى سيرة المال ليؤكد أنه سيدفع مهما غلا الثمن، ما جعل الأم تتأفف، أما الأب لم يشأ التسبب في هدر الفرصة، فسأل:
– “من تقصد؟ سميرة أم منيرة أم أميرة أم شهيرة؟”
تفاجأ الشاب واستفهم:
-“من هؤلاء؟”
-“بناتي طبعا! ألم يسبق وعرفتك بهن في زيارتك السابقة وتحادثت معهن؟”
تلعثم الضيف قليلا ثم أجاب:
-“أذكر أنك فعلت، بيد أن ذهني ما احتفظ بأسمائهن، كما إني ما جئت للخطبة!”
لم تستطع العائلة كتم شهقة استنكار، لكن الأب حاول السيطرة على أعصابه وبادر مستوضحا:
-” ماذا؟ أما قلت بالحرف الواحد أنك تود طلب يدها؟”
أجاب الشاب في ثقة:
-“بلى… قصدت يد تلك التي في اللوحة التي قدمت اليوم راغبا في اقتنائها!”
قصة عدد 2: سر اللوحة
حمقى!
يصرون على التذاكي، ويرفضون النظر إلى الأمر ببساطة، يستمرون في تأويل الرمز بما قد يحتمله، لكنه، لا يستحقه… يواصلون مدح رسامها ويعترفون بعبقريته، يتشدقون بمفاهيم يغمرها الإطلاق حتى تكاد تغوص في اللامعنى. فهذا يعتبر اللوحة تجسيدا لرغبة التحرر، وذاك يناقضه ليسهب في تفسير ما تشي به الفكرة من تردد، وآخر يعتقد أن لعبة الكشف والإخفاء تلهب الخيال بالجزء الذي بغيابه أثبت الحضور، وغيرهم يسمون الموضوع بالشجاعة، ويذهب البعض إلى التعمق في مسألة التواجد بين عالمين و…مهما اختلفت وجهات النظر، اتفق الجميع على الثناء على رسام حرمها حقها في الكشف عن جمال وجهها الأخاذ وملامحه ذات القسامة الفريدة… جمال لو تجسد لزعزع عرش الموناليزا بنظرتها البلهاء وجلستها المستسلمة، لذاع صيتها وتنافست المتاحف لتحظى بها وتهافت سكان الأرض للوقوف أمامها متأملين معجبين منبهرين..
حرمها من كل ذلك لسبب وحدها تعرفه، وتتمنى أن تملك القدرة لتفضحه، غير أن لا أحد يصغي إليها، فقد جربت الحديث، فلم تنتبه إليها أذن، ولا أحد تفطن إلى زاوية مغايرة تركن فيها الحقيقة عارية حينا ومتدثرة بذاتها أحيانا.
لقد ضيع عليها فرصة لن تتكرر، ليس لعجزه عن تجسيدها كفكرة، رفض تكبد جهد رسم الملامح وأبى أن يمنحها من وقته ساعات إضافية، ورغم ذلك حالفه الحظ وغباء المعجبين الذين دعموا موقفه بإشادته وتيقن أنه محق في الطريقة التي توخاها ولن يتخلى عنها وعن…كسله.
قصة عدد 3: تغلي ولا تفيض
فكرت أن تفعل مثل ذاك الشاب الذي في لوحة الرسام الإسباني* الذي مل من المقاييس المحددة لاعتبار رسم ما ذا قيمة فنية، وسماها الهروب من النقد ومواجهة النفس بالمختلف.
ترى في فعل الرسام استعراضا لا غير، فتفكيره أناني صرف، وأراد لفت الانتباه بهذه الطريقة لهثا وراء إحداث الضجة تماما كما يستغل البعض، في هذا العصر، السيلفي ومشتقات شبكات التواصل للتعري على ملأ المجتمعات معتلين حلبة افتراضية.
هذا شأنهم فلماذا تتدخل في حقهم في التباهي بشامة حريتهم؟ الشامة خلية سرطانية حميدة وربما خبيثة فكيف يدافعون عنها رمزا للجمال؟
هذا شأنهم!
تعود إلى سيرة الرسام إذن الذي تعتبر أنه استغل الفتى، وأجبره أن يلعب دور المتحفز لاكتشاف العالم خارج الإطار… ربما أراد الفتى أيضا الخروج وراقته اللعبة التي حسب نفسه فيها شريكا، متعاميا أنه مفعول به… أنه اللعبة التي اختار لها صاحبها الهيئة التي يشاء.
لماذا تبتعد عن جوهر الموضوع بصفة مستمرة وتناقش مسائل لا تخصها؟
ما يعنيها هو المغادرة، غير أنها تخاف القفز، فقد تسقط ويدق عنقها أو تصيبها كسور متفرقة، لا حاجة إلى التهور ويمكنها الرحيل باختيار إحدى الوجهتين… الشمال أم اليمين؟ اليمين… لا…لا… اليسار!
لكنّ فتى اللوحة لم يكن يهاب القفز، وليس متأهبا لينط، فنظراته ليست نحو الأسفل، وبدا مكتفيا بإطلالة لا غير، بيد أن هلعا سطع من عينيه وهو ينظر إلى الأمام، ليست نظرات انبهار أو إعجاب أو رغبة في الاكتشاف، لقد اعتراه فزع حقيقي تفجر من البؤبؤين كبركان سال لعابه الناري حمما..
ما الذي رآه يا ترى؟
فيديو قطع أعناق مباشر على اليوتيوب؟ اغتصاب جماعي لرضيع في الميتافيرس ولا أحد يبالي، فالمثقفون مشغولون في التعبير الثوري عبر إبداع الأغلفة الموازية للروايات؟
يجب أن تضع حدا لفائض تفكيرها الناتج عن تعرضها لساعات طويلة للأخبار منتقلة من تفجير إلى قصف ومن زلزال إلى فيضان..
لكن، لا يمكن تجاهل هلع الفتى، فما الذي يدفعها إلى المجازفة والتخلي عن مكانها الآمن في اللوحة ومواصلة المراقبة عن كثب، والاكتفاء بهذه المشاركة المعنوية؟ غير أنها ملت وتطمح إلى عرك الواقع…
عرك الواقع؟ هل تريد أن تكون طرفا في معاركه أم تفجر معركتها الخاصة؟ لا تدري…
ما زالت إلى هذه اللحظة عاجزة عن حسم القرار، خلا بالها من هموم الواقع، ولم يبق في ذهنها سوى سؤالين يستمران في مصارعة حرة: “هل أغادر؟ هل أبقى؟”
ظلت عالقة في حفرة التردد، ولم تكتشف أنها ما عادت تستطيع الوقوف بشكل مستقيم في اللوحة وما عاد هناك مكان للرأس إلا إذا قبلت الانحناء.
*الرسام الإسباني بير بورال ديل كازو
قصة عدد 4: غميضة… إلى الأبد
حين كانت صغيرة، شاركت رفيقاتها لعبة الاختباء، ولم تجد مكانا أفضل من لوحة واجهتها سوداء، قفزت عبر الإطار إلى الداخل، وبقيت متكورة هناك، مهنئة نفسها على حسن التدبير، وهي تسمع ضجة الصديقات اللاتي ما أفلحن في العثور عليها ثم نادينها حين استسلمن، غير أنها قررت إذكاء حيرتهن، ولم تجبهن ولم تخرج.
يبدو أنها غفت، حين استفاقت، سمعت صوتي أمها وأبيها يهتفان باسمها، حاولت مغادرة مخبئها، لكنها، عجزت فصرخت: “أنا هنا! لا أستطيع الخروج! ساعداني!”، ظلت تصيح، ولم تثر انتباههما إلا بعسر، حين مرا حذو اللوحة وأيقنا أن الصوت متأت من داخلها.
لا وقت للاستغراب!
حاولا مساعدتها للخروج، نجحا في البداية بالإمساك بيدها، وبدأ كتفها في الظهور ليتوقف النجاح عند هذا الحد، استمرا في الجذب دون جدوى للتسليم بأنها عالقة، ولا يمكن الاستنجاد بأحد، فسيتهمان بالجنون.
بعد تفكير، قررا الإبقاء عليها هناك لتتحمل مسؤولية عبثها، على أن تنقل اللوحة إلى قبو الأشياء المستعملة، وأمراها بالتزام الصمت، فلا حل لمعضلتها وإلا سيضطران للتخلص منها..مع الترويج أن الفتاة سافرت للسكن بصفة دائمة مع خالتها.
بعد مرور سنوات، حن قلب الأب والأم، وأقرا أنهما أجحفا في العقاب، وأعمتهما الخشية من وضع عجيب وما أحسنا التصرف، فأعيدت اللوحة إلى غرفة الجلوس، ليجدا في القرب عزاء، فهي فتاتهما التي واصلت النمو بشكل طبيعي غير أنها لا تتحدث إلا نادرا؟ واعتادا صمتها الذي تبوأ في مرحلة لاحقة مرتبة الخرس.
لم يعتقدا أن اللوحة ستثير الاهتمام، ويتجاوز الحديث عنها دائرة القرابة لينتقل إلى دوائر أهل الاختصاص في الفن التشكيلي والمهووسين بتجميع القطع الفنية الفريدة، تتالت العروض رغبة في اقتنائها، غير أنها جوبهت بالرفض رغم المبالغ المالية المغرية.
الرفض الذي كان قاطعا في البداية، بدأت شفرته في فقدان حدتها، وغدا الموضوع محل نقاش: “لم لا؟ فلنفترض أن الفتاة كبرت معنا بشكل طبيعي، هل سنمانع زواجها ممن تقدم لها، ونستنكر انتقالها للعيش في بيت آخر مع شخص يحميها؟ ما المانع إذا ضمنّا لها العناية؟ ماذا إذا أصابنا مكروه على حين غرة، وقضينا نحبنا قبل أن نعرف ملامح مستقبلها… أليس من الجيد الاستباق والاطمئنان أنها ستحيا بعدنا عيشة آمنة؟ “
تتالت الحوارات الشبيهة بين الأب والأم، معتقدين أن كلامهما الهامس لا يبلغ مسامع الفتاة، وانتهى الأمر إلى قبولهما البيع لمن قدم السعر الأرفع، وهو ما سيمكنهما من العيش في بحبوحة وبعث مشروع طمح إليه الأب طويلا… والشعور بالرضى لأنهما ما فرطا فيها مقابل ثمن بخس.
اشترطا على الشاري أن يتسلم اللوحة، في الغد، فقد قررا الاحتفال ليلا وتوديع طفلتهما التي ستسافر بعيدا مع صاحب اللوحة الجديد. أعلماها بالأمر، لم يتلقيا منها جوابا، ففسرا صمتها برا بهما وطاعة لهما.
أقبل الرجل، صباحا، طلبا منه الدخول لأخذها وسيبقيان في البهو في انتظاره لأن المشاعر التي ستولدها اللحظة قد تدفعهما إلى التراجع، فاللوحة عزيزة جدا عليهما.
توجه الرجل نحو غرفة الجلوس، بعد هنيهة، سمعا صيحة استغراب، فهرعا إليه، تفاجآ بدورهما، فاللوحة خلت من صاحبتها وعادة رقعة بصفحة سوداء.
قصة عدد 5: السجن قدرا
هل تكفيه كل اللعنات التي ما انفكت تتناسل في روحها، وتصبها وابلا عليه كلما ذكرته فتستشيط غضبا؟
لقد قتلته وليست نادمة، فهو الذي دفعها إلى ارتكاب الجريمة، بعد أن أصر على رسمها وسجنها في لوحة، دون مبالاة برفضها القاطع لهذا المصير، فما كان منها إلا أن مدت أصابعها في غفلة منه إلى سكين قشر بها برتقالة، وطعنته في رقبته مرارا.
لم يحصل الأمر مثلما خططت، انتظرت أن يقع متخبطا في نزف وجعه، وتستغل الفرصة للهرب، غير أنه استجمع قوة خارقة، وعدا نحو الهاتف واتصل بالإسعاف مردّدا: “النجدة… مطعون… نزيف..” وذكر العنوان بوضوح، قبل أن يترنح كخرقة تلعب بها ريح شقية، وشخصت عيناه نحوها، وما استطاعت فك رموز رسالة نظراته.
ارتبكت وأهدرت وقتا ثمينا، وهي تراقبه يتخبط يغالب المنية التي أرضخته بضربة الحتف القاضية، حين تيقنت من موته، ضاعت فرصتها، فقد خلع الباب وهرع رجال الإسعاف والشرطة، فأسرعت عائدة إلى اللوحة، وارت يدها التي تحمل السكين المضرجة شفرتها بالدم ثم مالت كي تخفي وجهها خشية أن تشي ملامحه بفعلتها.
تناقل الناس خبر اللوحة الأخيرة للرسام المغدور الذي حفظت قضية قتله ضد مجهول… مجهول؟ ألم يكن هو نفسه مغمورا قبل موته، يسبح في محيط التجاهل ويكاد يفترسه تمساح اليأس، إذ لم يعترف ببراعته، ولم يرض أي صاحب قاعة بعرض لوحاته التي عجز عن بيع واحدة منها حتى تلك التي أهداها لصديقته في ذكرى ميلادها، واجهتها بنظرة امتعاض، ولوت شفتيها وتعمدت نسيانها على كرسي في مطعم ليحملها النادل، ويلقيها في مصب النفايات؟
قد تتساءلون كيف أعرف تفاصيل حياته، وأجيب سؤالكم باستفهام:”كيف أجهلها وأنا فكرة سكنت روحه، وأبقاها سنين حرة تنتقل مثلما تشاء بين ثنايا ذهنه… إلى أن قرر رسمها؟
آه! هل تكفيه كل اللعنات… ذاك البائس الذي اختار لها هذا المصير المشؤوم، وحظي باعتراف القدر الذي ما حفل به أو احتفى لو بقي يرزح في قيود دنياه؟
لا تدري لماذا تشعر بحضور طيفه الشامت فيها، فهي أرادت قتله فأحيته، ولم تبق في السجن الذي اختاره لها فحسب، ورغم أن لا أحد كشف جنايتها، فقد أودعت سجنا أكبر، لا تعرف كيف تتحرر منه، وتغادر لوحتها المعلقة على حائط في متحف عالمي في مكان مطوق بحاجز بلوري لحمايتها.
تنظر أحيانا إلى السكين في يدها وتهم أن… غير أنها تحجم وتستمر في لعن الفنان /السجان.
نشرت هذه النصوص في مجلّة حروف حرّة، العدد 13، مارس 2022، ص. ص. 14-17.
للاطلاع على كامل العدد: http://hourouf13.tounesaf.org