اشتريت رجلا
|بقلم: نيران الطرابلسي
كنت في طريقي إلى البيت بعد عناء يوم طويل في العمل، خطرت ببالي فكرة أن أمرّ على السوق لأشتري بعض الخضر، فقد اشتقت إلى طبخ شيء طازج. منذ زمن طويل لم أطبخ، لدرجة أن معدتي لم تعد تحتمل الأطعمة الجاهزة و”سندويتشات” المحلات الشعبية. السوق مكتظة رغم أن الوقت متأخر قليلا. أظنّ أن الجميع يفكر مثلي في عشاء هادئ في البيت. إشتريت كل مايلزمني وأدرت ظهري للانصراف، تقابلني إمرأة بدينة جدا بجلباب فضفاض تعرض عددا من الرجال للبيع. لماذا لم أفكر يوما بشراء رجل؟ تقدمت نحوها بخطوات واثقة وسألتها:
– أريد واحدا.
تفحصتني بنظرة باردة ثم قالت :
– هل حجم أيره مهم؟
– طبعا مهم، هل يمكن أن أجربه في البيت وإن لم يكن على مقاسي أعيده؟..
– حسنا، هل لديك مواصفات آخرى؟
– لا فقط أريده أطول مني، لأني قد أصطحبه معي في المناسبات الرسمية ولا أريد أن يبدو المشهد فظيعا وأنا بحذاء عالي الكعب..
– اختاري واحدا .. جربيه، وإن لم يعجبك أعيديه وسنبدله لك.
كنت أريد أن أصطحبهم جميعا معي إلى البيت، فأنا أفشل دائما في الاختيار، قلبتهم جميعا، دون جدوى، كانوا يبدون مناسبين جدا لي
– لا أستطيع الإختيار، هل يمكن أن تختاري واحدا بدلا عني، أريده وسيما، يجيد استعمال أصابعه للمداعبة والكتابة، أريده عليما بأسماء الورود، مساحيق التجميل و أنواع الخمر، يجيد المغازلة، يجيد الطبخ، الرسم، الشعر، سيكون من الرائع أن يكون صوته جميلا حين يقرأ أو يغني، وأريده أيضا أن يجيد الرقص، يحب الألوان، يحب الحياة، صبورا، لا يقاطعني حين أثرثر ولا يغضب مني حين أصرخ، يعرف أين يضع ملابسه، لايتعبني في البحث عن جواربه و لايخجل حين ألمس مؤخرته..
– حبيبتي أظن أنّ الأير هو الشيء الوحيد المهم، إن كان جيّدا في الفراش فكل الأشياء الآخرى ليست مهمة، أو أنها ستأتي في المقام الثاني..
كانوا ينظرون إليّ وكأنهم سيأكولونني بأعينهم، وقعت في حبهم جميعا، وكنت – صدقا – أريد أن أشتريهم جميعا، تراءى لي الأمر كأنه يشبه كثيرا حين تدخل لمحل الملابس قصد شراء فستان واحد، لأنك لا تملك مالا كافيا، يعجبك كثير من الفساتين، وينتهي بك الأمر لإختيار واحد فقط، لو كنت أملك أكثر من فرج واحد، لحملتهم معي جميعا وعدت للبيت سعيدة بهذا الكم الهائل من الرجولة، لو أحضرت معي صديقتي أو أختي، لربما كان الأمر سهلا واختارت معي واحدا. مضت أكثر من نصف ساعة وأنا أنظر إليهم وأتخيّل الرجل الذي أريده لي، اخترت واحدا كان مستندا على الحائط غير مبال بوجودي وكأن كلّ هذا لا يعنيه، عدت وأنا أتأبط ذراعه إلى البيت، أفرغت مشترياتي في الثلاجة وتركته يطبخ العشاء، كاختبار أول غير معلن. ومثلما تعود امرأة بفستان جديد تظلّ تجربه مليون مرة، وتتجول به في البيت لترى إن كان مناسبا من الخلف ومن الأمام، ظللت أجربه في الفراش طوال الليل، حتى أننا مارسنا الجنس تحت الفراش.. حين إستيقظت في الصباح وجدت نفسي مقيّدة من يدي ومن قدمي، وكان على بعد خطوات مني ينظر إلي في صمت.. لم أفهم شيئا، ولم أحاول أن أفهم، ربما لأني كنت متعبة من ليلة بالكاد انتهت، وربما لأن الأمر بدا فوق كل توقعاتي، أمسكني من شعري وقادني إلى الخزانة بعد أن أغلق فمي بقطعة قماش صغيرة، وبعد وقت لم أتوصل الى تحديده سمعت صراخ نساء وتمتمات رجل، خمنت أن الصوت قادم من الصالون. لم يدم الأمر كثيرا لأفهم أنه يضاجع أكثر من إمرأة في صالوني وفي بيتي وأنه باعني للموت..