رسائل دون جدوى
|[et_pb_section admin_label=”section” fullwidth=”off” specialty=”on”][et_pb_column type=”3_4″ specialty_columns=”3″][et_pb_row_inner admin_label=”row_inner”][et_pb_column_inner type=”4_4″ saved_specialty_column_type=”3_4″][et_pb_text admin_label=”النص” background_layout=”light” text_orientation=”right” use_border_color=”off” border_color=”#ffffff” border_style=”solid”]
بقلم: آلاء بوعفيف
صديقي توماس،
أكتب إليك بيد منسحبة. يد كانت لتكون حاضرة دائما لتغمس أصابعها في شعرك قبل أن تنام أو تكفكف دموعك حين تحتاجها.
لم أود ان أكون شاعرة لكن الحزن نما في قلبي كشجرة السيكويا العظيمة…
كل ما أردته هو أن أكتب الرسائل.
الرسائل الورقية التي تحمل الأنفاس والعطور ورعشة القلم.
في البداية كتبت لحبيبي الأول. غمست الألوان في صدري وأنا أكتب وجففت عددا لائقا من الورود والأزهار. لكني أحرقت كل شيء قبل أن أرسله. كنت خائفة من عدم اكتراثه للأمر لذلك آثرت أن يموت هذا الحب قبل أن يولد حتى.
في منتصف العمر كتبت لأمي. بحت لها بكل ما في قلبي من ظلمة. قلت لها كم أنت بعيدة وأنا أنز الملح من عيني وأخضب الديباجة بكل أنواع القسوة. لكني تمالكت رغبتي في وضع الرسالة تحت باب غرفتها ومزقتها الى جزيئات صغيرة حشوتها في فمي.
الآن أنا أكتب لك وأنا متأكدة من أنني سأخفي وجهي بين يدي وأنت تقرأ لي وستسمع نشيجي وأنا أبتلع نبضاتي كلما هززت رأسك أو تعمدت مط شفتيك. وعندما تنتهي منها سترميها بإهمال على مكتبك وستمر أيام طويلة حتى تتعفر بالغبار وتأتي أختك الكبرى لتكرمشها في القمامة.
التفاصيل المكررة في أغلب الأفلام التي التهمتها لا تعني لك شيئا ولكن الانتهاء من قراءة رسالة ما ووضعها على الأريكة والخروج من المنزل دائما كفيل بمنعي من ارتكاب هذه الحماقة.
الأمر لم يعد يطاق.
تخرج من غرفتك نحو المطبخ. تأكل سندويتشا باردا. ترفع صوت الموسيقى. تتشاجر مع والدك بسبب المصروف. تتكئ على الحائط لتشعل سيجارة. تلعق أصابعك المغطاة بالزبدة. تنسى أمر ما كتبت لك. تتخيل نفسك واقفا في مهب الريح. عيناك مغمضتان وفمك مطبق على أسنانك. تدخل الريح إلى قلبك. جبهة باردة تعترضها فتمطر. تعود إلى غرفتك مبلولا. تمسح رأسك بمنشفتك السماوية. ترتمي على السرير ثم أسمع شخيرك.
لا شيء تغير. فقط ورقة أضيفت الى مكب النفايات. أفكر في عدد الأوراق التي لم يغير وجودها شيئا في هذا العالم القذر. هي وحدها السبب في تضخم نسب التلوث واندثار المساحات الخضراء…
هل تشعر مثلي بكل هذا البرد؟
صديقي توماسK
أنا لن أرسل لك هذا الهراء. فالأمر لم يعد يطاق.
ربما سيكون موت هذه الورقة في التربة ولادة لشجرة تحتها يسرق عاشق قبلة من حبيبته أو سببا في تشابك أعراف التوت والكرز ليختبئ وراءها قط صغير لا أم له.
“مددت يدي فخذ بيدي” تواصل الست تكرار هذه الأغنية في حين أسحب يدي عنك بقرار لا رجعة فيه.
لم تخلق الرسائل لنرسلها… نحن نكتبها حتى نتعرى… فقط.
كن بخير
20/10/2016
[/et_pb_text][/et_pb_column_inner][/et_pb_row_inner][/et_pb_column][et_pb_column type=”1_4″][et_pb_sidebar admin_label=”Sidebar” orientation=”right” background_layout=”light” area=”sidebar-1″ remove_border=”off”] [/et_pb_sidebar][/et_pb_column][/et_pb_section]