مسافرة…

[et_pb_section admin_label=”section” fullwidth=”off” specialty=”on”][et_pb_column type=”3_4″ specialty_columns=”3″][et_pb_row_inner admin_label=”row_inner”][et_pb_column_inner type=”4_4″ saved_specialty_column_type=”3_4″][et_pb_text admin_label=”النص”]

بقلم: سيرين رحومة

musafraأدخل بهو المطار  بعد رحلة بحث طويلة بخطى غير واثقة، يدفعي الشّعور بالحرمان الى الأمام وصوت ما في داخلي يقول لي “لا ترحل”. في تلك الضوضاء، تعود بي ذاكرتي اللّعينة الى أيّام خلت، إلى ذكرى صديق علمّني كيف تكون الحياة، إلى قصّة حبّ عشتها تعجز عن وصف تفاصيلها الكلمات، إلى أماكن ترعرعت فيها، الى أناس أعتدت في الضّيق أن أشاكيهم … وهكذا.. رحت أتملّق وجوه الحاضرين الشّاحبة، حقائبهم ضعف عددهم وكأنّ بها أشياء أثمن من التّي تركوها خلف باب المطار،  يتشاركون دموعا، يلقون وعودا شبه زائفة، يتعانقون، يستنشقون ما في ثياب الاخر من رائحة الوطن المودَّعِ، ثم  سلام فشوق فحنين..نظرت إلى ساعتي فوجدت الوقت لا يزال مبكّرا وقد طال انتظاري هنا، وكأنّ عقارب ساعتي التّي اعتادت أن تسرع في أجمل اللّحظات  تمنعني من الرّحيل  أيضا …أكره هذا المكان، لأنّه مزدحم كازدحام قلبي بالشجن الآن، لأنّه ضيق بضيق وطني… لأنّه يفرّقني عن أحبّتي ويقرّبني من لحظات غربتي .. وهكذا.. لكن .. ليس هناك طريق اخر وليس هنالك أمل، وليس بيدي من عمل. يئست من البحث عنه والآن حان وقت الرّحيل.

 أمسك أوراقي وأجر حقيبة الخيبة خلفي، ثم أدلف من الباب الأخير.. وهنا ضحك القدر، وبكى فؤادي الذّي اختار أن يتركني لأسافر وحدي .. نظرت خلفي نظرة أخيرة ثم استأنفت خطاي وهنا انتهت رحلة البحث عن الوطن الحرّ الذّي باغت أحلامي. نفد صبري من انتظار لقاء هذا الوطن الملعون الذّي لا يأتي. أين أنت؟ .. نادني، فقط نادني بصوتك الذّي لطالما سمعته في منامي يحاكيني، نادني باللّه عليك نادني، قل لي أنّك هنَا، بشّرني أن لي وطن لا أعيش فيه مغتربَة، قل لي أنّكّ عدتَ، أنّ شعبكَ لم ينس خيركَ، أنكّ تحررّتَ، أنّك لن تشكوَ بعد اليوم وبعد الغد وأنّك بالحريّة حفلتَ… نادني يا وطني، امنعني من الرّحيل، مر أشجارك أن تشبّثني بجذورها، داعب قلبي الحزين واتّسع بقدر أحلامي على ترابك وأوقف هذا الزّمن اللّعين … أوشكت الطّائرة أن تقلع .. أين أنت ؟ أنت لا تسمعني .. إمّا قتلوك أو أنّك لا تنوي أن تعود وترحم عاشقتك المسكينة ..لذا أنا مسافرة إلى حيث سأبكيك حنينا… إلى حيث سأرثيك لوعة …إلى حيث سأبحث عنك في الناس، في الأماكن، وروائحها، في البحور  والمحيطات وبين مدّها وجزرها في قطرات المطر ووقعها، في صفحات الكتب التّي سأقرؤها وبين الأسطر التّي عليك سأكتبها …سأبحث عنك، أينما كنت، وسأجدك أينما أختبئت فأحضنك، وأستنشق هواك وأبكي من فرحة لقاك .. وهكذا..

[/et_pb_text][/et_pb_column_inner][/et_pb_row_inner][/et_pb_column][et_pb_column type=”1_4″][et_pb_sidebar admin_label=”Sidebar” orientation=”right” background_layout=”light” area=”sidebar-1″ remove_border=”off”] [/et_pb_sidebar][/et_pb_column][/et_pb_section]

Please follow and like us:
2 Comments

اترك رد

Verified by MonsterInsights