أليست المرأة هي التي تعرقل مسيرة حرية المرأة ؟

Femme-tunisieكنت أفضل أن يكون للمرأة التونسية عقل حر وأن تنشأ على حب الحياة دون عقد وأن ترسم لنفسها هدفا إنسانيا أسمى من مجرد حلمها بالزواج وأن تدفع فعليا بنفسها إلى كافة ميادين الحياة بكل شجاعة ومسؤولية… كنت فضلت ذلك بدلا من أن يكون للمرأة التونسية يوم وطني للمرأة.

 المساواة الحقيقية لم ولن تتحقق حتى تفكر كل امرأة في تحمل المسؤولية والإيفاء بالواجبات في كافة المجالات … حتى تكف عن اعتبار نفسها آلة للجنس والإنجاب تشترى بالذهب والحلي والمهر وتعامل على أنها الغبية الجميلة التي خلقت لتعيش في جبة طاعة الرجل سواء كان الأب أو الزوج أو الأخ أو الابن.

أليست المرأة هي التي تستمتع وتتمادى في تدعيم هذه الوضعية فهي التي لم تبحث عن إثبات تعففها عن هاته الاشياء المرتبطة بالمجتمع الذكوري الذي توارثت ترسباته ودافعت عنها بمخالبها بدلا من أن تثبت للرجال جدارتها بتحمل أي مسؤولية بتفوق وجدارة بما يجعل الرجال يعترفون عمليا بأنها جديرة بالاحترام والمساوة ؟

كم منكن لا تريد رجلا “حاضر و مكوّن” يتحمل مسؤولية العائلة ويختصر عليها طريق الحياة لمجرد اعتقاد المرأة عبثا و غباء بأن ذلك علامة تدليل الرجل للمرأة ؟

كم منكن لا تريد رجلا “حزار” يجبرها على التخلي عن هواياتها وحريتها في علاقاتها وحتى تنقلاتها  واتصالاتها ولا يثق بقدراتها ولا بأخلاقها لمجرد اعتقاد المرأة نفسها عبثا وغباء بأن ذلك علامة حب الرجل للمرأة ؟

كم منكن فكرت بمدى قدرتها على الخلق والإبداع لو أصرت على أن تتجاوز هذه الحياة العادية إلى الكدّ والتعب إلى العمل الجاد إلى الإبداع الى الاختراع إلى اقتسام المسؤولية المادية والمعنوية مع الرجل إلى رفض الإهانة عن طريق الخوف من أن تكبر المرأة وأن تصير “بايرة” باعتبار الانجاب هو الغاية الأهم من وجود المرأة ومن تزوجها

كم منكن مستعدة أن تختار زوجها ليس لأنه “مكون” وإنما لتكوينه العلمي المعرفي وذكائه وتقديره لأنوثتها واحترامه لإنسانيتها ولأنه يؤمن بأنّها الإنسان في أقصى تمظهراته قلبا وقالبا كالرجل ؟

أيتها المرأة التونسية هل تريدين طريق التحرر ؟ كوني مفكرة مبدعة منكبة على النضال الفكري فإن كتب الرجل كتابا أكتبي اثنين وإن قدّم الرجل للبشرية اختراعا قدّمي اثنين وإن قدمت القوات المسلحة متطوعا أو شهيدا قدمي اثنتين وإن قدم الزوج لبيته فلسا قدمي إثنين ولا ترضي برجل يعاملك معاملة العبودية حتى وإن كنت “بايرة”.

 كوني حرة… أحبي أو اكرهي غنّي أو اصمتي اصرخي أو تكتمي اعزفي و غني أو صه اسمعي وتذوقي سافري أو استقري اكتبي ابحثي تطوعي تزيني تصوفي كدي وجدي فقط اختاري…أنت اختاري…

 ازرعي في أبنائك عقلية المساواة والإبداع والتعب والشقاء رجلا أو مرأة حتى بلوغ المأرب وتخلصي من القوالب الجاهزة المضحكة من نوع “الراجل ما يبكيش” و “الراجل ما يعيبو كان جيبو” …

تشجعي وافتحي كتب التاريخ والفيزياء وافتحي الكتب المقدسة وواجهي التأويلات الذكورية وكذبي بالفعل كل النظريات المستنقصة من قيمتك…  وليس فقط بالقول والاحتفال او اللباس.

نظمي مسيرة في عيد المرأة، سيري مقدار محيط الأرض وعودي ولكنك لن تتحرري ما دمت حال عودتك عدت للحنة و “الحرقوس وفردة وخلخال ومهند و نور وفلانة عرست و فلانة طلقت و فلانة مصوحبة فلان ومهري غالي و جيبلي الموسم” …

إلى كل من تجد نفسها في هذا التهريج: لست حرة…

 هذه رغبتك في التشييء وليست رغبة الرجل.  هذا تلذذك بالعبودية وليس تلذذ الرجال. هذه هي التربة التي أنبتت أنانية الرجل وتعنته وهذا الذي يمنع التأثير بهذه الحضارة العرجاء التي تتكئ على جنس واحد. فلا تطالبي الرجل بالتخلي عن وضعه المريح ما دمت لا تريدين أن تجتهدي لتدرئي عنك وضعك المزري

لا تتباهي بالمرأة التونسية ما دام هناك نساء كثيرات يؤمن بأنهن عورات و ناقصات عقل ودين وخلقن من ضلع آدم و “ولية”… و شعر المرأة و جمالها الرباني يجعلون الرجال كل الرجال مرضى وغير قادرين على السيطرة على شهوتهم الجنسية…

لا تتباهي بالمرأة التونسية ما دام هناك نساء كثيرات يؤمن بأنهن يتحررن بمجرد ارتداء لباس غير محتشم والسهر بالعلب الليلية دون رقيب أو حسيب …أكثرهن إماء لغبائهن وجهلهن. لا تتباهي بالمرأة التونسية ما دمت ترين كل سنة بمثل هذا اليوم من يتحدثون عن أول امرأة فعلت كذا و كذا…

انظرن إلى أنفسكن وأخواتكن و جاراتكن وصديقاتكن … كم منكن قد لا تجد نفسها ضمن هذه الصورة النمطية ؟  إن كنت لديك الرغبة في تجاوزها، هبّي الى مسيرة التغيير … أتدرين من أين تنطلقين ؟ انطلقي من عقلك البشري الذي هو أعدل الأشياء قسمة بين الناس   مهما كان ذلك صعبا فتكبدي مشقته، امتطي صهوته فهو راحلتك التي لن تتعب أو تستريح أبدا. هي التي تنقلك الى بر الأمان وهي وسيلتك في السفر ما بين البداية والأبد …

Please follow and like us:
2 Comments

اترك رد

Verified by MonsterInsights